مصر للطيران بدأ تشغيلها كأول شركة طيران فى الشرق الأوسط وأفريقيا، والسابعة على مستوى العالم، أصدر الملك فؤاد ورئيس الوزراء إسماعيل صدقى مرسوما بتأسيسها فى 7 مايو 1932. ووصلت أول طائرتين سعة 4 راكب إلى مطار ألماظة الذى افتتحته الحكومة فى يونيه 1932، ليكون صالحا لاستقبال الطائرات التجارية، وبعد سبع سنوات تم افتتاح مطار الدخيلة بالإسكندرية، وكانت أولى الرحلات إلى الإسكندرية ومرسى مطروح، ثم إلى أسوان مارا بأسيوط والأقصر، فى عامى 1932، و1938م. حصلت مصر للطيران على جوائز عالمية عبارة عن ميدالتين ذهبيتين عن انتظام خطوطها وتقديم خدمة متميزة من المنظمة الدولية لشركات الطيران التى أهدتها أيضا ميداليتين إحداهما فضية والثانية برونزية، وكانت طائرة مصر أولى الطائرات فى العالم التى تهبط فى جدة والمدينة المنورة وكان ذلك فى عام 1936م. اشترت الشركة عام 1938م (3) طائرات جديدة سعة من 8 إلى 12 راكبا بعد أن زاد رأس مالها ليصبح 80 ألف جنيه، ثم اشترت عام 1948م طائرات سعة 27 مقعدا، وتم إيفاد بعثات من المهندسين والفنيين للتدريب فى إيرلندا، وكان معهد مصر للطيران للهندسة والاتصالات اللاسلكية، قد أعلن عام 1945م عن دورات لتعليم الطيران فى مدة 15 ساعة مقابل 160 قرشا. أما ثمن تذكرة الطيران الترفيهى فكانت 25 قرشا فى الثلاثينيات من القرن الماضى. أما المحاولة التى دخلت تاريخ الطيران وأصبحت عيداً للطيران المصرى فى 26 يناير من كل عام، فكانت للطيار محمد صدقى عام 30 عندما اشترى طائرة من ألمانيا وطار بها منفردا من برلين، وكان قد تحدد موعد الإقلاع يوم 10 ديسمبر 1929، لكنه تأخر أربعة أيام بسبب الظروف الجوية. أما رحلته فكان مقرراً لها القيام من برلين إلى درسدن إلى برنيديزى فى إيطاليا ثم مالطا ثم طرابلس ومنها إلى الإسكندرية، وقد وصفت صحيفة الديلى جراف العالمية هذه الرحلة بأنها «ظاهرة مذهلة». وقالت إن تأثير رحلة صدقى على الشعب المصرى يعادل تقريبا تأثير ليندبيرج على الأمريكيين والأوروبيين بعد تنفيذ رحلته منفردا عبر المحيط الأطلسى، عندما وصل صدقى إلى القاهرة كان فى استقباله جماهير حاشدة ومعهم مصطفى النحاس رئيس الوزراء وصفية زغلول ومحمود فهمى النقراشى وزير المواصلات، ونجيب الغرابلى وزير الحقانية والاقتصادى الكبير طلعت حرب، وأقيمت له حفلات التكريم. وفى عام 1960م تغير اسم «مصر للطيران» إلى شركة الطيران العربية المتحدة وانضم إلى أسطولها الطائرات النفاثة، أما أطول خط مباشر للشركة فكان بين القاهرة ولندن 1960م، وانضمت للشركة طائرات البوينج 707 وبدأ إنشاء مجمعات الخدمات الخاصة بها، ثم انضمت طائرات الإيرباص إلى أسطولها. لكن الشركة الوطنية تعانى فى السنوات الأخيرة من الخسارة المادية والتى بلغت فى العام الماضى 366.7 مليون دولار، مما أثر عليها فى مجال المنافسة مع الشركات العربية والعالمية، التى تتلقى دعما ماديا من حكومات بلادها التى بلغت 80 عاما ساعد على ذلك قلة الرحلات السياحية، وقد يكون العلاج فى إعادة النظر فى شراء طائرات بالتقسيط ذى الفوائد المرتفعة، والقضاء على نظام العمولات عند الشراء ورفع مستوى الإدارة، وإلغاء نظام التذاكر المجانية. وكان محمد محمود باشا رئيس وزراء مصر فى عامى 1929 1939، وقد يكون اسمه أكثر شهرة الآن للأحداث الدموية التى حدثت مؤخرا فى الشارع الذى يحمل اسمه، هذا الرجل أراد أن يسافر إلى الإسكندرية، فقدمت شركة مصر للطيران له تذكرة مجانية، ورفضها قائلا إنها شركة تجارية ينبغى على كل المصريين مؤازرتها، وبصفتى رئيس الحكومة لا أستحق أكثر من التخفيض المقرر لموظفى الحكومة. وهذه الشركة شاهدة على ما كان قد وصلت إليه المرأة المصرية من مكانة فى المجتمع الدولى، فكانت لطيفة النادى (مواليد 1907) أول سيدة مصرية تتعلم الطيران، وقامت بأول رحلة لها ولم يزد عمرها على 26 سنة من القاهرة إلى الإسكندرية، ولما أنشئت مدرسة لتعليم الطيران فى امبابة تولت كابتن عزيزة محرم رئاستها لمدة 20 عاما وتخرج فيها أجيال طيارى مصر.. وما «أبعد» اليوم عن البارحة!