جاءت نتيجة الانتخابات التشريعية الجزائرية متناقضة مع سياق التطورات التى يشهدها العالم العربى، فمع سيطرة الإسلاميين على الانتخابات التى جرت فى دول عربية مثل مصر وتونس والمغرب، كان متوقعا أن تمتد رياح التغيير إلى الجزائر فى الانتخابات التشريعية التى عقدت مؤخرا، ولكن هذا لم يحدث، حيث حصل حزبا- جبهة التحرير الوطنى- وهو حزب الرئيس بوتفليقة، والتجمع الوطنى الديمقراطى- وهو حزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى على الأغلبية المطلقة، فيما لم تحصل الأحزاب الإسلامية إلا على 14% من أصوات الناخبين. وقد بررت الأحزاب الإسلامية هزيمتها بحدوث تزوير وتلاعب من قبل السلطة لصالح الحزب الحاكم، وذلك على الرغم من صدور تقارير المراقبين الدوليين الذين استبعدوا شبهة التزوير عن الانتخابات الجزائرية، فقد وصف مراقبو الاتحاد الأوروبى الانتخابات فى الجزائر بأنها مرضية، واعتبر رئيس لجنة المراقبين الأفارقة- وهو الرئيس السابق لزيمبابوى- أن التصويت كان حرا وشفافا وقانونيا ونزيها. ولكن على الجانب الآخر وضع المراقبون والمحللون السياسيون تفسيرات متعددة لتلك الهزيمة التى أوقفت موجة الانتصارات التى حققها الإسلاميون فى دول الربيع العربى، أهمها الخطاب السياسى المعادى للإسلاميين خلال الحملة الانتخابية، مما ذكر الجزائريين بسنوات الدم خلال تسعينات القرن الماضى والتى أدت لمقتل حوالى 200 ألف جزائرى، مع عدم نجاح الإسلاميين فى إقناع الناخبين بطرحهم الجديد الرافض للتغيير الجذرى، ومن الأخطاء الأخرى التى وقعوا فيها مراهنتهم على الثورات العربية وليس على الحملة الانتخابية، فقد كانوا يتوقعون أن الناخبين سيصوتون آليا لصالحهم تأثرا بما حدث فى مصر وتونس. وبشكل عام يبدو أن نتيجة الانتخابات لن تمر مرور الكرام، وقد تؤدى لحدوث أزمة سياسية فى الجزائر بالنظر لحالة الغليان التى تشهدها المعارضة، وإمكانيات التصعيد التى تلوح بها بعض الأحزاب الإسلامية التى خيرت السلطة بين إلغاء نتائج الانتخابات أو مقاطعة البرلمان المقبل.