بعد 14 شهرا من ثورة 25 يناير..ماذا قدم الفن لنا ولها..لا شىء..مجرد شو إعلامى من بعض الفنانين مع أو ضد للحصول على مزيد من الأضواء، أو للعودة إلى الشهرة من خلال ادعاء البطولة والتواجد الدائم فى التحرير ..لكن ماذا قدم كتاب السيناريو والمخرجون..مجرد «هلاهيل» درامية تذكرنا بأحداث مهمة جدا فى تاريخنا الحديث والمعاصر، تعامل معها أهل الفن بمنطق «السبوبة»..مشهد مقحم هنا وجملة حوارية هناك..والفيلم الوحيد الذى أفلت من ذلك كان «التحرير 2011» وهو فيلم وثائقى تسجيلى طويل..لم يسمع عنه سوى النخبة ولم يشاهده الناس.. ورحم الله مخرجاً كبيراً مثل يوسف شاهين كان حريصا على التواجد بكاميراته لتسجيل أى حدث سياسى مهم، لكى يكون فى ذاكرته ويحوله أو يستخدمه فى أحد أعماله السينمائية، التى مهما اختلفنا عليها ولكن لا يمكن أن نختلف على قيمتها أو قيمته. وقد رأيته بنفسى حينما كنت طالبا بالجامعة يجرى بيننا حاملا كاميرا على كتفه وهو يسجل سحل الأمن لنا ونحن نهتف ضد ضرب أمريكا للعراق..فأين كاميرات السينمائيين من أحاث العباسية، ولماذا لم يسجلوا تلك اللحظات التاريخية، مهما كانت قسوتها وصعوبة وقعها علينا. لقد أجبرتنا ثورة 25 يناير كإعلام مقروء ومكتوب على التواجد فى أماكن الأحداث الساخنة، بعد أن عشنا سنوات طويلة نستقى موادنا الصحفية من وكالات الأنباء، وأصبح لنا صحفيون ومراسلون محتجزون، وأصيب بل واستشهد بعض الصحفيين المصريين فى تغطية أحداث الثورة، ومازال الفن بعيدا ومتعاليا. وحتى المخرج الوحيد الذى حرص منذ بدايات الثورة على الظهور فى وسائل الاعلام محللا سياسيا وثائرا، ولا ننسى له التسجيل الشهير مع قناة العربية الذى خرج فيه ليحذر من سرقة محتويات المتحف المصرى بالتحرير..حتى خالد يوسف لم يحمل كاميرا ليسجل وقائع الأحداث ولم يخرج لنا بعد 14 شهرا بعمل مهم، رغم أنه كان أحد المبشرين بالثورة فى أفلامه الأخيرة. والمدهش حقا أن السينما التسجيلية كانت شبه غائبة هى الأخرى عن الأحداث، ويبدو أن زمن التصوير بالموبايل.. زمن الانترنت واليوتيوب، لم يعد يتيح الفرصة لوسائل التعبير التقليدية للمنافسة، بغض النظر عن مستوى الجودة الفنية والتقنية..الحقيقة أن ما يحدث فى مصر الآن، لم يحدث مثله فى تاريخنا من قبل،وغياب صناع الفن، وخصوصا السينما عن هذا المشهد والاكتفاء بالمشاهدة من مواقع المتفرجين وأحيانا الشامتين يدل على درجة عالية من ضحالة الفكر ونقص الوطنية والبلادة وانعدام الوعى.