رغم قلة أعماله الفنية فى السنوات الأخيرة، إلا أنه قادر دائما على إثارة الجدل ورسم البسمة على الوجوه من خلال أعماله الكوميدية مثل «على بيه مظهر» و«رحلة المليون» و«يوميات ونيس» بأجزائها المختلفة، وهو أيضا قائد رأى وصاحب مواقف سياسية جريئة وآراء تستحق المناقشة والاحترام..إنه الفنان محمد صبحى يفتح لنا قلبه ويحدثنا عن مشروعه لإنقاذ أهالى العشوائيات فى مصر من خلال هذا الحوار معه.. * ما رأيك فى تراجع الإنتاج الفنى فى مصر بعد الثورة؟ ** شئ طبيعى بسبب الانفلات الأمنى، وإحجام شركات الاعلانات عن التمويل، وأعتقد أنها مسألة مؤقتة وستزول بعد استقرار الأوضاع السياسية فى مصر، والمشكلة ليست فى التراجع على مستوى الكم ولكن فى تراجع المستوى الفنى بشكل عام، وسخافة الموضوعات المطروحة. * وهل هذا يصب فى صالح الدراما السورية التى أصبحت تنافس الدراما المصرية بشدة؟ ** أعتقد أن الدراما السورية ستتراجع كثيرا هى الأخرى بسبب الأحداث السياسية ومشاهد القتل والقمع اليومية والاحتجاجات المتصاعدة ضد الرئيس بشار الأسد، والمنافسة الحقيقية ستكون من وجهة نظرى من جانب الدراما الخليجية التى قفزت قفزات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، سواء من الناحية الفنية ومستوى الاخراج والتمثيل، أو من ناحية الموضوعات الاجتماعية المهمة التى تناقشها، فضلا عن سلاسة اللهجة الخليجية، وعدم صعوبة بقية العرب فى فهمها مثل لهجات دول الشمال الإفريقى المغرب والجزائر وتونس والتى تحول دون انتشار أعمالهم الفنية، رغم جودتها. * لماذا اخترت موضوع العشوائيات ليكون هدف حملتك لجمع التبرعات؟ ** مناطق العشوائيات، هى «الحزام الخطر» الذى يهدد عواصم المحافظات المصرية، بعد أن أصبحت مأوى للمجرمين وتجار المخدرات، ولابد من أن يضم الدستور الجديد مادة تكفل حق السكن لكل مواطن، وإعفاء غير القادرين من دفع أى تكاليف، لحل أزمة 25 مليون نسمة ممن يعيشون فى العشوائيات، وأطالب بأن يضمن الدستور استغلال السكن مدى الحياة، على ألا يباع ولا يستأجر. * وهل صحيح إنك قلت إن معظم المعتصمين بالتحرير من سكان العشوائيات؟ ** نعم..وهذا بالطبع ليس تقليلا من قيمة الثورة أو الثوار، لكن معظم من يصرون على الاستمرار فى الشوارع وعلى الأرصفة، محرومون أصلا من المسكن اللائق، وبعضهم يرى أن الخيام التى ينصبونها ويقيمون فيها فى عز البرد وفى العراء، سواء فى ميدان التحرير أو أمام مبنى التليفزيون فى ماسبيرو، قد تكون أرحم عليهم من البيوت الآيلة للسقوط التى يقيمون بها. * وما الذى يمكن أن يفعله المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمواجهة هذه المشكلة قبل تسليمه السلطة للرئيس القادم؟ ** طالبت المجلس العسكرى بضرورة الكشف عن خريطة مصر، والأراضى التى تملكها الجهات السيادية، لأننى كلما سألت عن ملكية أرض من أراضى الدولة لكى نبنى عليها مساكن للفقراء..قالوا لى «دى تبع جهة سيادية»، وعلى الحكومة أن توفر الأراضى التى سيتم بناء عليها المدن السكنية لقاطنى العشوائيات، وليس معقولا أن نعتمد على المجتمع المدنى فى جمع تبرعات لشراء أراض للبناء. * وكيف ترى أنت السبيل لحل تلك المشكلة؟ ** أقترح عمل خريطة جديدة لمحافظات مصر، وإعادة توزيعها واستغلالها، ورفع الحد الأدنى فى أجور المواطنين لتشجيعهم على الانتقال لمدن جديدة، وتوفير كل الخدمات. * وهل تخشى على الفن فى مصر من وصول الإخوان المسلمين للحكم ؟ ** لا..لا أخشى ذلك على الإطلاق..لأن الإخوان لديهم الكثير من العقول المبدعة كما يمتلك السلفيون شخصيات وطنية يمكن أن تحقق الكثير للوطن ولأن الفن تجاوز حالياً مسألة الحلال والحرام، والمهم تطوير الفن والإبداع بعد تخلفهما لسنوات فى العهد السابق، فلا أحد يمكن أن يدافع عن العرى والأعمال المسفة ثم يسمى ذلك إبداعا. * وما الذى أوصل المصريين لخلع مبارك من الحكم؟ ** مبارك حقق الكثير لمصر من ناحية المعمار والبناء والمشروعات ولكنه لم يركز على بناء الانسان المصرى، ومشكلة مبارك أنه تحول 180 درجة بعد المحاولة الفاشلة لاغتياله فى أديس أبابا بأثيوبيا عام 1995، وبدلاً من أن ينتقم من أثيوبيا والإرهابيين المتورطين فى محاولة اغتياله، عاد لينتقم من المصريين أنفسهم، وسعى إلى توريث السلطة إلى ابنه جمال منذ ذلك التاريخ بتخطيط من سوزان مبارك ونجله جمال. * ولماذا تتصاعد المعارضة منذ فترة للمجلس العسكرى؟ ** الجميع أخطأوا فى حق مصر خلال الفترة الماضية، وحتى الكتلة الصامتة أخطأت، ولو شكل ثوار التحرير مجلس قيادة من 50 شخصاً منهم بعد الإطاحة بالرئيس السابق لأمكن تجاوز كل عقبات المرحلة الانتقالية الحالية، ولأصبح لدينا برلمان ودستور ورئيس منتخب، وكنا سبقنا تونس فى عملية التحول الديمقراطى. * وما رأيك فى أداء الإعلام المصرى بعد 25 يناير؟ ** أندهش بشدة من أداء بعض الإعلاميين الذين تحولوا إلى ثوار بعد سقوط مبارك، وأصبحوا يبررون كل شىء إرضاء للتحرير، حتى حرق المجمع العلمى وجدوا تبريراً له واعتبروا أنه ليس أكثر أهمية من دم الشهداء، وهم لا يعلمون أنهم فى الحقيقة يحرقون الإعلام ويحولونه لوسيلة للتضليل وخداع الملايين.