لا يخفى على المتابع للأحداث الداخلية والخارجية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية ملاحظة تعثر مرحلة الرئاسة الأوبامية واخفاقاته المتتالية فى الوفاء بعهوده الانتخابية مع ارتفاع معدلات البطالة لنسبة 9% والتى تعد الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية، بالإضافة لأزمة اقتصادية طاحنة وارتفاع معدل الدين العام ومظاهرات تنشد العدالة الاجتماعية، وقد أسهمت كل هذه الأوضاع فى انطلاق مبكر لمارثون الانتخابات الأمريكية والتى أسفرت عن تقدم 6 مرشحين للحزب الجمهورى المنافس حسمت لصالح المرشح ميت رومنى الذى واجه منافسًا عنيدًا هو رئيس مجلس النواب السابق نيت جينجريتش وتفوق عليه بنسبة 48% مقابل 31% لصالح رومنى. وهكذا انحصرت المنافسة فى المراحل الأخيرة من السباق الرئاسى بين ممثلى الحزبين الجمهورى والديمقراطى رومنى وأوباما والتى ستحسم نتائجها فى انتخابات نوفمبر العام الحالى ليبدأ الرئيس الجديد فى شغل منصبه فى يناير2013. وكما هى العادة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتى تجرى كل 4 أعوام فإن نتائجها ستطلعنا على السياسة الأمريكية لأربع سنوات مقبلة، فالمنافس الفائز يكون برنامجه الحزبى يمثل الإطار التقريبى للمواقف الأمريكية المستقبلية. فالرئيس الأمريكى أوباما ينتمى للحزب الديمقراطى الذى يتبنى الحلول الدبلوماسية للعديد من القضايا ويبتعد عن سياسة فرض الأمر الواقع لاسيما فى القضايا الخارجية. أما المنافس الجديد للحزب الجمهورى ميت رومنى فيتبنى سياسة حزبه والتى ترى أن استخدام القوة أو التلويح بها كاف لحسم وإنهاء العديد من القضايا ويتضح ذلك من الشعار الذى اتخذه رومنى لحملته الانتخابية وهو «القرن الأمريكى استراتيجية لتأمين مصالح أمريكا الدائمة». فى إشارة واضحة لعودة الحديث عن سيطرة النفوذ الأمريكى وانفراده بقيادة العالم وإقصاء الآخر وهى السياسة التى اتبعها بوش الابن وكان من نتائجها حرب الخليج وأفغانستان وقتل وتشريد الملايين فى عالمنا العربى والإسلامى والأزمات الاقتصادية المتتالية - والتى أطاحت بأحلام الملايين فى حياة هانئة وهادئة - ولهذا يهاجم رومنى سياسة أوباما الخارجية أو مايطلق عليه القوة الناعمة ويتهمها بأنها أضعفت النفوذ الأمريكى الخارجى ولذلك سيطالب بزيادة حجم الإنفاق العسكرى وتبنى سياسة أكثر حزماً وصرامة فى القضايا التى تهدد المصالح الأمريكية فى الداخل والخارج وهو لهذا يحظى بتأييد بوش الابن الرئيس الامريكى الأسبق وجون ماكين منافسه السابق على مقعد الحزب الجمهورى والذى خسرأمام أوباما فى انتخابات الرئاسة عام 2008. ويتمتع رومنى بمزايا تجعله المنافس المثالى لأوباما فهو رجل أعمال ناجح ينتمى لأسرة ثرية صاحبة نفوذ سياسى قوى فوالده جورج رومنى كان حاكماً لولاية ميتشجن ورومنى الابن الرابع وحصل على شهادتين فى إدارة الأعمال من جامعة هارفارد، وقد عاش رومنى (42عاماً) فى جلباب أبيه ودخل فى العمل السياسى وهو فى سن مبكرة ولم يحالفه النجاح لأنه يفتقد للكاريزما أى الحضور كما يحلو للبعض تسميتها، فهو ترشح ثلاث مرات ليصبح أخيراً نائبا لولاية جورجيا ثم رئيسا لمجلس النواب لست سنوات متتالية قبل أن يقدم استقالته ويتفرغ لاستثماراته ويربح المليارات ليعود مرة أخرى للعمل السياسى ويصبح حاكماً لولاية ماساتسوسيتش لمدة أربعة أعوام ثم يرشح نفسه أمام جون ماكين للفوز بترشيح الحزب الجمهورى لخوض الانتخابات الرئاسية لعام 2008 ولم يحالفه الحظ ليعود مرة أخرى و ينافس على كرسى الرئاسة فى الانتخابات القادمة وهو يحاول أن يتجنب أسباب فشله وبدأ حملته مبتسماً بشوشاً مخاطباً ناخبيه بكلمات يفهمها العامة، مبتعداً بذلك عن صورته السابقة المتعالية الجادة وهو متزوج ولديه خمسة أبناء و16 حفيدًا.