كانت مدرسة المشايخ المدرسة التقليدية لأداء الإنشاد المصاحب للذكر فى الحضرة الصوفية، ويختلف الإنشاء الصوفى داخل المسجد عنه خارجه، كما تختلف ألحان المدائح النبوية، أما عدد الطرق الصوفية فى مصر فهى أكثر من مائة طريقة ولكل منها أسلوبها الخاص فى تكوين الحضرة والإنشاد التابع لها. بدأت البذرة الأولى للطرق الصوفية فى الظهور فى القرن الثالث الهجرى وانتشرت فبلغت ذروتها خلال القرن السابع الهجرى وأصبح لها مكانة بين الناس وصار لرجالها كلمة مسموعة فى الدولة وأصبحت الصوفية القوة المحركة لمشاعر المجتمع المصرى ودخلت ضمن شعائر التصوف فلم يعد الفن مقصورا على إنشاد المنشدين إنما استوعب كل فنون الطرب وألوانه خاصة ما يؤثر فى الوجدان ويتمشى مع مشاعر الجماهير الشعبية، ساعد على ذلك ظهور شعراء أفذاذ امتازت أشعارهم بالرقة والعذوبة مثل ابن الفارض وابن عربى وقد طورا الشعر بما يرضى الذوق الموسيقى ويساعد على تلوين الفن الغنائى. ويقدم الإنشاد الصوفى فى حلقات الذكر وجلسات الاستماع وفى احتفالات الطرق الصوفية بالموالد، وله أصوله وتقاليده داخل المجتمع الصوفى، فالكلمات يجب أن تكون دينية خالصة، والموضوع يتمثل فى الحب الإلهى والمدائح النبوية ومدح آل البيت وكراماتهم والألحان ذات طابع دينى تسمو بالروح وتبعدها عن الشهوات الدنيوية. ويؤدى المنشد المنفرد موالا صوفيا فيه تتجلى ذروة الفن الصوفى. وهناك طرق تمنع الإنشاد فى مجالس مثل الطريقة النقشبندية والطريقة الخلوتية فهم يتلون أورادهم وأحزابهم فى نغم هادىء دون الاعتماد على الإنشاد، أما الطريقة العروسية الشاذلية فهى لا تبيح استخدام الآلات الموسيقية، بينما يحتل الإنشاد مساحة كبيرة فى «الحامدية الشاذلية» والطريقة الشبراوية - والطريقة «الجازولية الحسينية». وفى عام 1881 صدر منشور رسمى يمنع الغناء أثناء الحضرة فهاج الصوفيون حتى تم تعديل المنشور عام 1905 وسمح بالإنشاد فى حلقات الذكر. والمايسترو فى هذه الحلقات يسمى «قائد الذكر» ويقوم بضبط الحركة والإيقاع ويجب أن يكون ذا أذن موسيقية وخبرة حضور لدى الذاكرين، والصوت البشرى هو العنصر الرئيسى فى حلقات الذكر يدعمه «التصويت الصدرى» للذاكرين من خلال إخراج هواء التنفس بطريقة خاصة تعتمد على خروج الهواء بطريقة مسموعة على دفعات وتتضمن بعض حلقات الذكر مصاحبة بالآلات الموسيقية ويكون دور هذه الآلات أداء الألحان والحفاظ على الزمن وتنشيط الذاكرين وتجميل الإنشاد لإشباعهم، من هذه الآلات التى تستخدم مع الإنشاد «الدف» والدف الكبير (البندير) «والرقِّ» و «الناى» و «السلامية» وهى من فصيلة آلة الناى، وتستخدم الطريقة الجازولية الحسينية آلتى الكمان والعود وتستخدم الطبول بأنواعها والمزامير والصنوج فى المولد. والألحان الصوفية تتناقلها الأجيال داخل كل طريقة مع وجود تشابه فى روح الألحان الصوفية نفسها مع إضافة كل منشد لمساته معتمدا على الارتجال اللحنى فى الأداء المنفرد، وتتميز الأغنية الصوفية بلحنها البسيط السهل الذى تألفه الأذن بسهولة ومع ذلك فلا يمكن تصنيفها ضمن الأغنية الشعبية فهى أغنية تراثية حتى ولو تشابهت ألحانها معها. للطرق الصوفية تميزها فى أدائها للشعر العربى.. والإنشاد الصوفى فن تراثى أصيل له جذوره التاريخية ويجب استمراره لارتباطه بأهم شعائر الطرق الصوفية فى سبيل الوصول إلى الله.