ماذا سيحدث يوم 25 يناير؟!.. السؤال يطرح نفسه بقوة خلال هذه الأيام.. والإجابة لا تخرج عن احتمالين.. إما أنها احتفالية بذكرى الثورة.. وإما أنها ثورة ثانية!.. صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية ربطت الإجابة بانسحاب محمد البرادعى من سباق الرئاسة وقالت إن هذا الانسحاب يمثل ضربة كبيرة لحركة 6 إبريل التى كانت تعتبر البرادعى مرشحها الأقوى للانتخابات الرئاسية. والسؤال هل يسبب ذلك إحباطاً لشباب حركة 6 إبريل يدفعهم للتوقف عن استمرار انتقاد المجلس العسكرى والمطالبة بتسليم السلطة فوراً.. أم يتمسكون أكثر بمطالبهم ويحولون المناسبة إلى ثورة ثانية؟! غير أنه من الخطأ أن نعتمد - كما اعتمدت الصحيفة الأمريكية - على حسابات طرف واحد من أطراف المعادلة.. فالحقيقة أن المشهد السياسى فى مصر الآن يبدو معقدا ومتشابكا ومليئا بالأطراف المختلفة.. وقراءة هذا المشهد كله تساعدنا على قراءة السيناريو القادم!. ويتصدر هذا المشهد صورة البرلمان الجديد الذى فاز فيه الإخوان بنصيب الأسد.. وفازت فيه التيارات الإسلامية عموما بما هو أكثر من نصيب الأسد!.. من ناحيتها نجحت القنوات الفضائية فى أن تجعل عنوان هذه الصورة.. صراع البرلمان والميدان.. وتحت هذا العنوان طرح مذيعو ومذيعات القنوات الفضائية سؤالاً محدداً على ضيوف برامجهم.. من له الشرعية.. البرلمان أم الميدان؟!.. السؤال فى الحقيقة يبدو كأنه اجتهاد إعلامى.. غير أنه تسبب فى زيادة الفجوة بين التيار الإسلامى الذى فاز بالبرلمان.. والتيارات السياسية بما فيها شباب الثورة الذين خسروا البرلمان!.. الشباب والتيارات التى تمثل الميدان.. والتى خرجت من المولد بحبات قليلة من «الحمص» تبدو كأنها قد أعلنت الحرب على التيارات الإسلامية عموما وعلى الإخوان على وجه الخصوص.. إحدى القنوات الفضائية استضافت شابا أطلق على نفسه مغنى الثورة وراح يغنى أغنية يهاجم فيها المجلس العسكرى وجماعة الإخوان!.. شبان الميدان يتحدثون بلغة التهديد ويؤكدون أنهم سيراقبون أداء النواب.. فإذا رأوا فيه انحرافا عن مطالب الثورة فإنهم سيسقطون البرلمان.. من الميدان!.. الحقيقة أن المسألة أخذت أبعادا أكبر.. فقد راحت التيارات السياسية الليبرالية تهاجم الإخوان علانية.. أو تستفزهم فى الحقيقة!.. وإمعانا فى الاستفزاز راحوا يطالبون الإخوان بالتخلى عن رئاسة البرلمان رغم أن لهم الأغلبية.. إثباتا لحُسن النوايا!.. أما الإخوان فيبدو أن خبرتهم الطويلة فى العمل السياسى تساعدهم على تحقيق أهدافهم.. التى لا يعلم أحد فى الواقع أين تبدأ وأين تنتهى؟!.. أعلن الإخوان أنهم حريصون كل الحرص على أن يأتى تشكيل لجان مجلس الشعب ممثلة لكل التيارات المنتخبة داخل المجلس ودون أى إقصاء لأى تيار.. وأطلقوا تصريحات كثيرة تؤكد أنهم لن يستأثروا بتشكيل لجنة وضع الدستور وإنما سيعملون على أن تمثل كل القوى والتيارات السياسية سواء التى فازت بالبرلمان أو التى خسرت البرلمان.. فى نفس الوقت أعلن الإخوان صراحة أنهم ضد الذين يطالبون المجلس العسكرى بتسليم السلطة الآن لسلطة مدنية.. ويؤكدون أنهم يرفضون انتخاب رئيس مدنى قبل إعداد الدستور، وأنهم متمسكون بالجدول الزمنى الذى أعلنه المجلس العسكرى لتسليم السلطة.. وليس خافياً أن موقف الإخوان من هذه المسألة تحديدا يمثل خلافا حادا مع التيارات الليبرالية وشباب الثورة.. لكن هل يصل هذا الخلاف إلى حد الصدام؟.. وهل يقع هذا الصدام يوم 25 يناير؟!.. *** خلاف الليبراليين وشباب الثورة مع الإخوان المسلمين أو التيارات الإسلامية على وجه العموم ليس سببه الوحيد الموقف من المجلس العسكرى.. إنما هناك فى الحقيقة أسباب أخرى أهمها توجهات كل فريق خلال المرحلة المقبلة.. التيارات الليبرالية لم تفز إلا بمقاعد ضئيلة فى البرلمان وشباب الثورة خسروا كل رهانهم على تأييد الشعب لهم فى الانتخابات.. ويهمهم رغم كل ما يطلقونه من تصريحات حول احترامهم لاختيارات الشعب.. أن يستمر الاحتقان وحالة عدم الاستقرار لفرض وجودهم على المعادلة السياسية.. الإخوان والتيارات الإسلامية على العكس من ذلك حصلت على مكاسب كبيرة ويهمهم الحفاظ عليها!.. فى هذا الإطار يسعى الإخوان للتهدئة وتسعى التيارات الليبرالية والشبابية للعكس!.. وفى نفس الإطار يسعى الإخوان وتسعى التيارات الإسلامية إلى التعامل مع يوم 25 يناير باعتباره مناسبة احتفالية.. على عكس التيارات الليبرالية وشباب الثورة الذين يرفضون الاحتفالات ويؤكدون أنه ليس هناك أى مبرر لها لأن أهداف الثورة لم تتحقق.. وفى ظل هذا الخلاف تختلط التصريحات الرسمية وغير الرسمية عن وجود خطط لإسقاط الجيش وانهيار الدولة.. وتسمع من يؤيد هذه التصريحات ويؤكد صحتها وتسمع من يطلق عليها اسم «الفزاعة» لمنع الناس من الخروج يوم 25 يناير لتأييد مطالب الثورة.. ويحذر الإسلاميون من وقوع اضطرابات تؤدى إلى الفوضى وعدم الاستقرار ويعلنون أنهم سيشكلون دروعا بشرية لحماية الجيش والمنشآت العامة.. وليس سرا أن تحذيراتهم تستهدف التيارات الليبرالية والقوى التى تحاول «التسخين».. وفى كل الأحوال تتزايد احتمالات الصدام.. مرة أخرى.. هل يقع هذا الصدام يوم 25 يناير؟!.. *** وتساهم الأزمات التى تفجرت مؤخرا بشكل مكثف فى إعطاء انطباع قوى بأن الأمور لن تسير على ما يرام يوم 25 يناير.. أزمة البنزين ومشكلة الضبعة وحوادث قطع الطرق التى زادت على حدها!.. أزمة البنزين تسببت فى معاناة المواطنين لكنها فجّرت تساؤلات كثيرة تفوق هذه المعاناة!.. من وراء هذه الأزمة؟.. من له مصلحة فى إشعالها قبل ايام قليلة من يوم 25 يناير؟!.. تصريحات المسئولين تؤكد أن البنزين كاف ويزيد وأن هناك من يعمل على خلق سوق سوداء للتربح منها.. والشائعات تتحدث عن تهريب البنزين إلى غزة وإلى تركيا!.. هناك أيضاً شائعات سخيفة تعزو نقص البنزين إلى استخدامه فى تجهيز زجاجات المولوتوف للاحتفال بذكرى 25 يناير (!!!).. فى كل الأحوال لا يزال السبب مجهولا.. تماما كما لا يزال سبب تفجر أزمة الضبعة فى هذا التوقيت مجهولا!.. توقيت أزمة الضبعة ليس وحده المشكلة.. إنما هناك مشكلة الحكومة التى تمثل أحداث الضبعة بالنسبة لها اختبارا حقيقيا وقاسيا!.. الدكتور الجنزورى يؤكد أن المحطة النووية ستقام فى موقعها بالضبعة.. وأن الحكومة لن تتهاون فى محاسبة من تثبت إدانته فى واقعة تعدى الأهالى على موقع المحطة.. أما أبناء الضبعة فيؤكدون أنهم باقون ولن يرحلوا عن موقع المحطة النووية.. حتى ولو دفعوا حياتهم ثمنا!.. وأما حوادث قطع الطرق فهى نذير بفوضى يخشى كثيرون أن يكون موعدها هو 25 يناير!.. *** مرة أخرى.. ماذا سيحدث يوم 25 يناير؟!.. سؤال يطرح نفسه بقوة ولا يملك أحد إجابة قاطعة له.. وإن كان المشهد السياسى يكاد ينطق بالحقيقة!..