ماذا بعد خطاب الرئيس السورى بشار الأسد الذى وصف ما يجرى فى بلاده بأنه ليس بثورة، وإنما مؤامرة دولية تشترك فيها الجامعة العربية والمعارضة والمجتمع الدولى؟ وعلى خلفية الاتهامات التى وجهها النظام السورى للجامعة هل المتوقع الصدام أم التجاوب مع مبادرة الحل العربى؟ وهل سيعلن وزراء الخارجية العرب المقرر يوم (19) الشهر الجارى إجراءات جديدة ضد سوريا بعد الاستماع لتقرير بعثة المراقبين العرب؟ وماذا دار خلال الجلسة المغلقة للجنة الوزارية العربية؟. لن اكتب عن رد الفعل الدولى والعربى على خطاب الرئيس السورى بشار الأسد، وإنما ما بين السطور.. ورؤيته للمستقبل والحلول السلمية المطروحة عربيا، وكذا المواقف الدولية المختلفة والتى كانت تتوقع إعلان الأسد تنحيه عن السلطة أو حتى تجاوبه مع مطالب الحل العربى، وقد ذهب الرئيس الأسد إلى وصف من يحاول مساعدته وإخراجه من الأزمة بالمتآمرين، حيث حمل القوى العربية والدولية المسئولية وابتعد عن اعترافه أو مسئولياته تجاه الأمن والاستقرار فى سوريا، فتحدث عن الحل الأمنى، مؤكدا بأن استعادة الأمن لن يكون إلا بضرب الإرهابيين القتلة، لم ينحز الأسد لإرادة الشعب السورى والرغبة فى التغيير، واكتفى بالإشارة إلى بعض الإجراءات التى يعتزم القيام بها كحل سورى داخلى رافضا بذلك الحل العربى أو الدولى.. فتحدث عن استفتاء على دستور جديد لسوريا يجرى فى شهر مارس المقبل، يعقبه إجراء انتخابات تشريعية فى شهر يونيه، ورفض إجراء الحوار مع المعارضة فى الخارج «فى مقر الجامعة العربية». وقال: «أنا على استعداد للحوار مع كل الأطراف شرط انعقاده فى داخل سوريا».. هذه الرؤية للنظام السورى قد تكون بداية للتعامل العربى مع الأزمة، بمعنى توقعات باحتمال وقوع صدام بين الجامعة العربية والنظام السورى.. ولكن ليس «الآن» أى بعد انتهاء مهلة الشهر لعمل البعثة يوم (19) الشهر الجارى.. وقد يرى البعض أن خطوة بعثة المراقبين ليست النهاية بالنسبة للحل العربى، وإنما ستكون البداية لخطوات أخرى قادمة يبحثها وزراء الخارجية العرب، خاصة أن اللجنة الوزارية المعنية بالوضع فى سوريا قد دعت الحكومة السورية بالتنفيذ الفورى والكامل لجميع التعهدات وبما يضمن توفير الحماية للمدنيين السوريين.. ودعم بعثة المراقبين بمزيد من الأعضاء والمعدات لأداء مهامها والدعوة كذلك التوقف الفورى لأعمال العنف، والإفراج عن المعتقلين وإخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة.. ودعوة الأمين العام للجامعة العربية لعقد اجتماع تحضيرى للمعارضة السورية تمهيدا لعقد مؤتمر للحوار الوطنى وفقا لما تضمنته المبادرة العربية لحل الأزمة فى سوريا بهدف الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية لتسيير المرحلة الانتقالية. لكن يبدو أن خطاب الأسد قد يكون الشرارة الأولى فى الصدام القادم بين الجامعة العربية والنظام السورى، ومن ثم فشل المبادرة العربية والذهاب بالملف رسميا إلى مجلس الأمن، وفى هذا «السناريو» يراهن نظام الأسد على وجود روسيا فى رئاسة مجلس الأمن، وكذلك قدرته على تصدير الأزمات إلى دول مجاورة ومن ثم الدخول فى عدة معارك بالمنطقة فى وقت واحد بما يصعب على المجتمع الدولى التخلص من نظامه. بينما تشير سيناريوهات أخرى إلى لجوء المجتمع الدولى إلى خطة آمنة يتم الإعداد لها حاليا ردا على خطاب الأسد الذى اعتبرته الدول الغربية بداية جديدة لعنف أكثر دموية ضد الشعب السورى، فيما قد يدفع إلى تدخل عسكرى محدود لحماية المدنيين. وردا على اتهامات الرئيس الأسد للدول العربية والجامعة بالمتآمرين، فقد عكس اجتماع اللجنة الوزارية العربية طبيعة المأزق الذى تتعرض له كل أطراف النظام فى سوريا، وكذلك الدول العربية. كما عرض الفريق محمد مصطفى الدابى رئيس بعثة المراقبين تقريرا شفهيا متوازنا لا مع ولا ضد النظام السورى، وقد أفاد بأن ملاحظاته هى أن النظام السورى قام بسحب المظاهر المسلحة من المدن لمسافات ليست كافية وبمدى يمكن من خلاله ضرب المتظاهرين.. ومن ثم عرض الدابى أن يستمر فى نقاشه مع الحكومة السورية على سحب السلاح إلى مواقع أبعد من المناطق السكنية. وذكرت المصادر أن رئيس الوزراء القطرى ووزير الخارجية الشيخ محمد بن جاسم قال بالحرف الواحد خلال الجلسة المغلقة: إننا سندعم عمل البعثة ولا أحد يريد لسوريا إلا كل الخير. وقد ركز الاجتماع المغلق على مداخلات للوزراء كلها تدور حول تساؤلات استعداد للاجتماع الوزارى المقبل المقرر يوم (19) يناير.. منها هل سيكون المطروح.. انهاء عمل البعثة بعد مرور شهر، أم سيمدد لها؟.. وما هى مزايا ومساوئ استمرار البعثة وسحبها؟.. ووصفت بعض المصادر ملاحظات الدابى بأنها كانت مهنية ووفق ما ورد فى البروتوكول ولم يسيس فى عرضه أية ملاحظات، وكانت متوازنة ورصدا لما يدور فى المدن السورية.