كانت الشكوى المُرة من وزراء التعليم العالى فى عهد النظام السابق هى قلة الاعتمادات المالية على نحو لا يساعدهم على الارتقاء بالمستوى المهنى للجامعات ومؤسسات التعليم العالى، إلا أن المستندات التى حصلت عليها «أكتوبر» تؤكد كم كان حجم الفساد كبيرا بين الوزراء والمسئولين فى منظومة التعليم العالى، حيث كانوا يوزعون آلاف الجنيهات على أنفسهم على صورة مكافآت وحوافز وفق بنود غير قانونية، فى الوقت الذى تحتاج فيه الجامعات لكل جنيه لإصلاح أحوالها المهنية والإنشائية المتردية. وقد تم صرف هذه الأموال لرؤساء القطاعات ومستشارى الوزير طبقا لما جاء بالمستندات لأنهم قاموا بجهود غير عادية وفائقة، والحقيقة أنهم لم يقدموا أى شىء ملموس لتطوير التعليم العام والدليل أن عدد المؤسسات التى تقدمت لاعتماد الجودة بلغ 3% من جملة الكليات والجامعات وكانت تكفى هذه الأموال لتعيين مئات المعتصمين بمقر الوزارة من حملة الماجستير والدكتوراه.. بل من أوائل الطلاب الذين دمر مستقبلهم النظام السابق بسبب الواسطة والمحسوبية. وتشير المستندات إلى أنه تم صرف 4 آلاف جنيه لكل عضو باللجنة التى قامت بمتابعة وإعداد البرنامج الانتخابى للرئيس السابق وعددهم 8 موظفين بالوزارة، ويبدو أن يد الوزارة كانت سخية لأبعد حد فطالت عماد الدين عبد الغفار أمين شرطة بإشارة مجلس الوزراء، حيث يتولى تقديم بعض الخدمات لأنشطة الوزارة طبقا لما ذكرته المستندات وحصل أمين الشرطة على ألف جنيه من حساب التخطيط الاستراتيجى، كما كافأت الوزارة أيضا ضباط وأفراد شرطة يعملون بالمرور وذكر فى كشف المكافآت أن هؤلاء يقدمون خدمات لأنشطة الوزارة ولم يذكر بالتحديد نوعية هذه الخدمات. وصرفت مكافآت لأربعة ضباط شرطة بمبالغ تتراوح من 1600 جنيه إلى 2200 جنيه، واثنين من مساعدى الشرطة وتم منح كل منهما ألف جنيه، بالإضافة إلى 6 أمناء شرطة، وحصل كل منهم على ألف جنيه بتاريخ 5 يناير 2011. وكشفت المستندات التى حصلت عليها «أكتوبر» أيضا أنه تم منح 20 ألف جنيه ل 14 مستشارا للوزير على هيئة مكافأة استثنائية نظير مجهود غير عادى، كما جاء فى نص المذكرة بتاريخ 1 يناير 2011 وتم منح كل من د. محمد عبد الحميد شعيرة ومحمد صفوت سالم مستشارى الوزير أيضا 50 ألف جنيه لكل منهما خصما من حساب التخطيط الاستراتيجى، وجاء فى نص المذكرة «أنهما كانا خير عون لسيادة الوزير وحفزا لهم على المزيد من الجهد.. برجاء الموافقة على صرف المكافأة». وتم الصرف بالفعل. كما تم منح د. حاتم البلك أمين مجلس الجامعات الخاصة والأهلية مكافأة تشجيعية قدرها 33 ألف جنيه عن العام الدراسى (2009/ 2010) لأنه تفانى فى العمل وقام بجهود ملموسه ووافق د. هانى هلال وزير التعليم العالى الأسبق على منح مستشاره إثابة شهرية بواقع 200% من حساب التخطيط الاستراتيجى، ووافق د. عمرو عزت سلامة وزير التعليم العالى السابق على نفس الطلب فى شهر مايو 2011. كذلك تم منح د. فوزى التركى رئيس جامعة كفر الشيخ مكافأة استثنائية قدرها 50 ألف جنيه نظير قيامه بإعداد البحوث والدراسات المتعلقة بتطوير التعليم العالى، وتم منح السفير محمود السعيد مكافأة استثنائية قدرها 30 ألف جنيه نظرا لجهوده الكبيرة فى المعاونة من أجل إنشاء مدينة مصر للعلوم والتكنولوجيا والتى يجرى إجراءات تنفيذها التى لم تر النور وكانت المذكرة بتاريخ 10/10/2010، وفى نفس التاريخ تم منح د. محمد عبد الحميد شعيرة مستشار الوزير لشئون التطور التكنولوجى والخبير المتفرغ بالمكتب الفنى للوزير 33 ألف جنيه تقديرا لجهوده وليست هذه هى المرة الأولى التى يمنح فيها د. شعيرة مثل هذه المكافآت، بالإضافة إلى صرف مكافأة استثنائية أيضا قدرها 20 ألف جنيه لكل من سمير شحاتة وعبد العظيم بدر، وتم صرف 15 ألف جنيه مكافأة لكل من د. عصام محمد ، د. محمد سمير حمزة، د. محمد صبحى حسانين، ود. أحمد صباح بتاريخ 1/1/2011. وكشف مستند أن إجمالى المبالغ المستحقة التى تم صرفها للمستشارين والمكلفين ببعض الأعمال عن شهر مايو لسنة 2011 بلغ 342891 جنيها. وإذا كانت هذه المكافآت استثنائية فماذا عن الأتعاب الشهرية التى تتقاضاها القطاعات ومستشارو الوزير الذين وصل عددهم إلى 23 فردًا اعتبارا من 1/7/2009 إذا إن الأرقام تشير إلى أن أتعابهم الشهرية تتراوح من 12 ألف جنيه حتى 33 ألف جنيه بخلاف المكافآت الاستثنائية. ومن الطريف أنه قد تم صرف مبلغ إضافى بلغ 5 آلاف جنيه للدكتور محيى سعد عبدالحميد الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة لقبوله منصب العميد بكلية الهندسة بجامعة بنى سويف، وجاء فى نص المذكرة «هذا المبلغ الإضافى لقبوله العمادة ونظرا لانتقال سيادته من العمل بجامعة القاهرة إلى جامعة بنى سويف وما يمثله ذلك من ضغوط على سيادته». أما خلفه الدكتور عثمان محمد عثمان أستاذ الهندسة الإنشائية بكلية الهندسة جامعة القاهرة فتم منحه أتعابا شهرية إضافية بلغت 7 آلاف جنيه. وتم صرف 5 آلاف جنيه لكل رئيس مكتب من جامعات القاهرة وأسيوط والمنصورة و3 آلاف جنيه لباقى الأعضاء الأربعة للانتهاء من إعادة هيكلة وتطوير المستشفيات الجامعية. وكشفت المستندات التى حصلت «أكتوبر» عليها أيضا عن صرف مكافآت لعدد كبير من العاملين بالوزارة مثل صرف بدل انتقال كبدل شهرى لاثنين من مراقبى الحسابات بواقع 1500 جنيه بتاريخ مايو 2011 وهى مخالفة صريحة لقانون 47 لسنة 1978 لوزارة المالية الذى يحظر تماما على العاملين بالقطاعات الحسابية والمديريات المالية بكافة قطاعات الدولة والشركات تقاضى مبالغ من هذه الجهات كمكافأة تشجيعية فى تعويض عن جهود غير عادية أو حوافز مادية أو أى مبالغ نقدية أو مزايا عينية تحت أى مسمى.