مشكلتنا فى مصر أننا شعب افتقد لصفة من اهم الصفات التى يجب ان يتصف بها أى شعب ألا وهى الإتقان.. الإتقان، لماذا لا أعرف.. لم أنس أننى يوما درست أن السلطان عبد الحميد جمع كل الفنيين والصناع المهرة وأخذهم الى الاستانة ليعلموا شعبه الصناعات الدقيقة والمميزة، هل أخذ من وقتها الأشخاص وأخذ الصفة أيضا.. لا أعلم كل ما أعرفه أن كثيرا من صادراتنا كانت ترجع لمصر مرة أخرى لأنها تفتقد الإتقان سواء كان منتجا أصيلا أو مصنعا. إن الحديث الشريف واضح إذا كنا مسلمين بجد ونعرف ربنا، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) فكم إنسان يعمل كما يقول الحديث الشريف ربما أناس يتعدون على أصابع اليد الواحدة، الإنسان المصرى عندما يسافر الى خارج مصر يطفح الدم ويشتغل حتى ينقطع قلبه أما داخل مصر فكله عند العرب صابون.. إذا أتيت بسباك قبل أن يخرج من باب العمارة يكون ما أصلحه فسد.. رغم أنه أخذ حقه وغالى فى السعر.. وقيس على ذلك كل الصنايعية أصبح الصنايعى المصرى الشاطر المتميز عملة نادرة. لماذا لا أعرف على الرغم من أن مصر تحتاج الآن للأيدى العاملة أكثر من الجالسين على المكاتب ممن ليس لهم شغلة ولا مشغلة. ويقابلك صنايعى يبيع لك الوهم وتتخيل أنه سيعمل من الفسيخ شربات وتعتقد أنك عثرت على من سيحل لك كل مشاكلك فى منزلك سواء سباكة أو كهرباء أو نقاشة الى آخره.. ولا تبخل عليه فى هذه الحالة.. لكن بعد أن تقع الفأس فى الرأس تجد أنه باع لك الهواء فى زجاجة، ومثل هؤلاء كثيرين.. لقد افتقدت مصر الأيدى العاملة المدربة والماهرة.. لماذا.. لأن معظم هؤلاء ممن ليس لهم علاقة بالصنعة التى يعملون فيها.. فأنت تجد السباك مثلا خريج حقوق أو تجد النقاش خريج تجارة متوسطة أو عليا.. وذلك بالتأكيد لا يجد منا غير الاحترام لأنهم يطرقون أبواب رزق شريف ولكن هم ليس لديهم خبرة وليسوا متمرسين فيما يعملون.. فى السابق كان أبناء الصائغ صياغا ويجيدون الصياغة ويطورن أنفسهم مع الوقت بأحدث ما يجد فى الأسواق العالمية، وكذلك كل صنعة يتوارثها الأبناء ويفتخرون بذلك وكانت هناك عائلات تعرف بأسماء مهنتهم مثل الحداد وغيرها من الألقاب.. مثل العقاد والغزال والقصاب. ولأن الخريجين الذى امتلأت بهم النواصى والشوارع والمقاهى بلا عمل وبعضهم غامر بحياته للهجرة عبر منافذ غير شرعية بعضهم رجع جثة وبعضهم عاد يجر ذيول الخيبة.. وإذا كانت السوق المصرية تحتاج لكل أيدى عاملة مدربة وقادرة على العمل بشكل جيد وهذه الفئة أصبحت غالية السعر.. فلماذا لا تفتح مراكز تدريبية جادة تمنح هؤلاء الخبرة العملية والمهنية التى تؤهلهم للعمل فى السوق كمحترفين وليسوا هواة على باب الله.. خاصة أن هذه الأيدى لانحتاجها فى مصر فقط بل تحتاجها كل السوق العربية.. أين مشروع كول الألمانى لإعداد الصنايعى الماهر.. المدارس الصناعية لا يخفى علينا أمرها مثله مثل باقى مدارسنا.. يخرج منها الطالب وليس عنده الكثير الذى يعمل به فى السوق.. إننا فى المرحلة القادمة إنشاء الله وبعد الانتهاء من إعادة صياغة دولة مصر الحرة والديمقراطية وترتيب شئون الوطن الغالى والعودة للبناء يجب أن نحرص على استرجاع كل صفاتنا الأصيلة من الدقة والاتقان والجودة وحب العمل وليس تأدية واجب المهم الفلوس وخلاص.. آه نعم الفلوس ضرورية لكن لابد من العمل بضمير. تأخذ حقك وتعطى العميل حقه.. وتعود لبلدنا وأبناء بلدنا أننا المصريين أحسن الصناع وأفضل الزراع وأفضل المصدرين وتنتعش بلدنا فى نهضة فى كل مجال وكل ميدان.