فى إطار رد الفعل على هجمات 11 سبتمبر، قامت كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا فى 7 أكتوبر 2001 بشن الحرب على أفغانستان حيث قام الجيش الأمريكى بتنفيذ ما أسماه ب (عملية الحرية المستديمة)، وقام الجيش البريطانى بتنفيذ ما أسماه ب (عملية هرك). وكان الهدف المعلن لهذا الغزو هو إيجاد أسامة بن لادن وآخرين يمثلون مناصب رفيعة فى تنظيم القاعدة وتقديمهم للمحاكمة، بغرض القضاء على التنظيم وإقصاء نظام طالبان الذى يدعمه ويوفر له الملاذ الآمن. والآن، وفى ذكرى مرور عشر سنوات على هذا الغزو، ما الذى تحقق؟ يقول الجنرال الأمريكى ستانلى ماكريستال، وهو القائد السابق للقوات الدولية العاملة فى أفغانستان، إنه رغم مرور 10 سنوات على بدء العملية العسكرية، إلا أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها مازالوا بعيدين عن تحقيق أهدافهم ولا يعرفون سبيلًا لإنهاء النزاع، وأضاف نفس الجنرال فى كلمة له أمام مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى أن الولاياتالمتحدة بدأت الحرب فى أفغانستان مع رؤية سطحية للغاية لوضع هذا البلد وتاريخه، مضيفًا أن القوات الأمريكية لا تملك حتى الآن معلومات كافية حول أفغانستان لايجاد سبيل مناسب لإنهاء النزاع. واعتبر ماكريستال قائد القوات الدولية العاملة فى أفغانستان خلال عامى 2009 و2010 أن واشنطن وحلفاءها تمكنوا فقط من تحقيق ما يقرب من 50% من أهدافهم هناك. وعن الأهداف التى مازال من الواجب تحقيقها من قبل القوات الدولية قال الجنرال الأمريكى إن الشىء الأكثر صعوبة هو تشكيل حكومة شرعية يثق بها المواطن الأفغانى العادى ويمكن أن تصبح منافسًا قويًا لحركة طالبان. وتقول الأممالمتحدة إن أكثر من عشرة آلاف مدنى أفغانى لقوا مصرعهم فى العمليات القتالية بأفغانستان خلال السنوات الخمس الماضية فقط، كما قتل أكثر من 2500 جندى أجنبى معظهم أمريكيون خلال سنوات الحرب. وكشفت الأممالمتحدة فى تقريرها الذى تم توزيعه الأسبوع الماضى عن أن السجناء الأفغان سواء فى السجون أو أماكن الاعتقال يعاملون بقسوة شديدة ويتعرضون لعمليات تعذيب وحشية وبصورة ممنهجة. واستند التقرير إلى ما أسماه بالاثباتات الموثقة التى تم جمعها. ووفقًا للتقرير الذى وصف بأنه من أشد التقارير التى أصدرتها الأممالمتحدة منذ سنوات ويقوم فى أساسه على مقابلات تم إجراؤها فى الفترة من أكتوبر 2010 إلى أغسطس 2011 مع 379 من السجناء الأفغان فإن هؤلاء السجناء أكدوا تعرضهم لعمليات تعذيب وحشية بما فى ذلك اقتلاع الأظافر والمساس بالأعضاء الجنسية. كما أكد البعض تعرضهم للاغتصاب الجنسى ومنعهم من العلاج الطبى. والهدف من وراء عمليات التعذيب هذه - كما يقول التقرير - هو إجبار السجناء على التوقيع على اعترافات أو استخلاص المعلومات منهم. وأكد واضعو التقرير أن أساليب التعذيب هذه غير مقبولة وفقًا لأبسط حقوق الإنسان. وبخلاف فضيحة تعذيب السجناء التى تم الكشف عنها عام 2004 فى سجن أبو غريب بالعراق وأثارت عاصفة نظرًا لتورط رجال الجيش الأمريكى فى إذلال السجناء العراقيين، فإن التقرير لم يتعرض لتواجد القوات الأمريكية فى أفغانستان. لكن نظرًا لتورط الولاياتالمتحدة فى الحرب الدائرة هناك منذ عشر سنوات، فإن هذا التقرير يحرج الإدارة الأمريكية. وقد نشرت النيويورك تايمز هذا التقرير بتوسع وأشارت إلى أن عمليات التعذيب فى السجون الأفغانية تتم بمساعدة أمريكية وتثير العديد من التساؤلات حول تورط عناصر أمريكية رسمية فى ارتكاب هذه الجرائم.