رغم مرور عشرة أشهر على مبادرة بيت العائلة التى طرحها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إلا أنها فشلت فى منع حدوث الاحتقان الطائفى فى الشارع المصرى وتصحيح مسار الخطاب الدينى الإسلامى والمسيحى، وجاءت أحداث ماسبيرو الأخيرة التى راح ضحيتها 25 قتيلاً و 300 مصاب شاهدًا على أن بيت العائلة فشل فى القيام بدوره خلال الفترة الماضية. أكتوبر حاولت التعرف على أسباب فشل بيت العائلة فى مهمته رغم انضمام عدد من رموز الدين الإسلامى والمسيحى ورموز الفكر إليه والوقوف على مدى أهمية الدور الذى قد يقوم به لإطفاء نار الفتنة التى قد تأكل الأخضر واليابس فى ظل محاولات أياد خارجية العبث داخل هذا الملف الخطر. وكان الدكتور عصام شرف قد أصدر قرار مساء الخميس بإنشاء بيت العائلة برئاسة الدكتور الطيب والبابا شنودة ويكون مقره مشيخة الأزهر وعضوية عدد من المفكرين ورجال الدين والعلماء. فى البداية يقول د. محمود عزب مستشار شيخ الأزهر لشئون الحوار والمتحدث باسم بيت العائلة إن الفكرة جاءت قبل تفشى الظاهرة الغريبة على مصر وبالتحديد عشية ضرب كنيسة سيدة النجاة ببغداد وقبل أن يقع تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية حيث قال شيخ الأزهر د. أحمد الطيب -صاحب الفكرة- لن ننتظر حتى تأتى إلينا فى بيتنا قاصدا مصر، ووضع المشروع على الورق وأعده جيدا وعندما ذهب وفد لتعزية البابا شنودة فى ضحايا كنيسة القديسين قدم المشروع إليه ورحب به وتكون هذا المشروع وأخذ مسمى «بيت العائلة». وأضاف أن بيت العائلة هيئة قومية عليا تتكون من الأزهر والكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنائس الأسقفية والإنجيلية والكاثوليكية وعلماء اجتماع وتاريخ وحضارة وقانون وغيرها. وأوضح أن الهدف من بيت العائلة إصلاح الخطاب الدينى الإسلامى والمسيحى والعودة إلى المصادر الإسلامية والمسيحية الصحيحة وإنقاذ الخطاب الدينى من أيدى من أصابوه بالضعف والتركيز على القيم العليا المشتركة وكذلك إصلاح التعليم باستعادة روح التسامح التى كانت سائدة فى مصر، كما يهدف إلى رصد ما يحدث فى مصر من مشاكل واحتقان طائفى. ويرى د. محمد الشحات الجندى رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن بيت العائلة مؤسسة ينبغى الحفاظ عليها وتفعيل ما يؤدى إلى إنجاح رسالتها كجهة تعمل على الإصلاح وحل المشاكل والتصدى لمحاولات تأجيج نار الفتنة والتعصب مؤكدا على ضرورة أن تتعاون كل الأطراف فى ذلك بمعنى أن الأزهر ليس وحده المنوط به ذلك فهناك طرف آخر فاعل وهو الكنيسة. وأضاف د. الجندى أنه لا يجوز بأى حال من الأحوال التشكيك فى وجود بيت العائلة خاصة وأن وجوده لا يعنى أبدا أنه يملك عصا سحرية مشيرا إلى أنه ليس جهة تنفيذية بل يقوم بتقديم النصح والإرشاد وإذا صدر عنها قرار لا تملك الصلاحيات لتنفيذ ذلك. وقال إنه لا يجوز الإقلال من شأن التجربة بهذه الصورة وإظهار بيت العائلة بمظهر لا يقدم ولا يؤخر لأن كل هذا لا يحترم الوضع الحالى خاصة فى ظل عدم وجود بدائل أخرى. من جانبه يقول د. عبد المعطى بيومى الاستاذ بجامعة الأزهر وأحد الأعضاء بمجلس بيت العائلة وعضو مجمع البحوث الإسلامية إنه يحب ألا ننظر إلى بيت العائلة وغيرها من محاولات الصلح العرفية أن تكون بديلا عن القانون لأنه لا يعاقب من أخطأ. وأضاف أن ما يحدث هو مؤامرة واضحة المعالم ولا تحتاج إلى التفكير كثيرا ولا إلى إجهاد للذهن . وتساءل: هل يساوى مسجد أو كنيسة إراقة دم إنسان على الأرض؟ فالرسول علمنا أن حرمة دم الإنسان أشد حرمة من الكعبة ذاتها. وبالتالى فهى أشد من بناء مسجد أو كنيسة. فما أريد أن أقوله- والكلام على لسان د. بيومى- إن سيادة القانون وحدها دون أى وسيلة أخرى هى التى تضمن استقرار المجتمع ونرى كل الأديان السماوية عولت على العقاب عند ارتكاب الجرائم. أما د. أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر فيرى أن المشكلة بعيدة عن بيت العائلة والحل يتمثل فى العمل المجتمعى السليم، فيجب أولا فى إدارة الأزمات أن نعمل على اكتشاف المشكلة من جذورها لأننا دائما نحن المصريين نهتم بالمسكنات. وأضاف أن ما يفعله بيت العائلة تهدمه فتوى سلفية عبر التليفزيون. وأوضح أن تبويس اللحى بين المشايخ والقساوسة وإصدار عدة بيانات لا تحل المشكلة.. وأنه ينبغى صدور بيان شرعى من مجمع البحوث الإسلامية بأنه لا يوجد نص شرعى قطعى الورود ولا قطعى الدلالة يمنع إنشاء وإعمار معابد لليهود والنصارى فى البلاد الإسلامية، وأن ما كتب فى الفقه تراث موروث عبارة عن رؤى اجتهادية لأوضاع طارئة وأوضاع خاصة ليست فى النص الشرعى الملزم. وأضاف على الجانب الآخر هناك رعاة فى الكنيسة يحرضون على كراهية المسلم ويصورون المسلمين على أنهم غزاة ومحتلون وينتقضون أصول الإسلام بالطعن فى القرآن الكريم والكلام المسىء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. د. ثروت بدوى الفقيه الدستورى يقول: إن بيت العائلة مجرد تجمع لبعض رجال الدين والفكر المرموقين وله طبيعة خاصة ليست عامة ولا يملك حق إصدار توصيات وتشريعات معينة لذلك فهم ليس لهم سلطة تنفيذية. وعلى أعضاء بيت العائلة أن يستخدموا كل ما لهم من نفوذ وتأثير أدبى بحكم مواقعهم وبحكم مكانتهم لتفعيل تلك المطالب. وأضاف بدوى أن وجود بيت العائلة مهم جدا فى ظل الظروف الراهنة لكن عدم الاستجابة من جانب السلطة الحاكمة للنداءات التى طالب بها يعطل هذه المبادرة الجيدة. لذلك لا ألقى باللوم على بيت العائلة فيما حدث من من تطور الأزمات الأخيرة مثل أحداث ماسبيرو لكن أطالب أعضاءه ببذل المزيد من الجهد واستثمار نفوذهم الأدبى فى التأكيد على مطالبهم ومتابعة ما أوصوا به وإجبار الحكومة على تنفيذها. ومن جانبه قال الكاتب فايز فرح صاحب صالون فايز فرح الثقافى: عندما اقترح شيخ الازهر فكرة بيت العائلة كانت رائعة لأنها كانت توحى بجميع الأديان فى بيت واحد، وبعد مظاهرات الشباب الأقباط بعد أحداث كنيسة إمبابة حدثت اجتماعات مكثفة لبيت العائلة وانتهت بتوصيات. لكن هذه المرة أخطر بكثير من حادثة الاعتداء على كنيسة امبابة. وأكد الأنبا يوحنا قلته نائب الكنيسة الكاثوليكية وعضو بيت العائلة أن وجود المبادرة مهم جدًا خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى تمر بها البلاد لذلك على الجميع التعاون مع الأزهر والكنيسة من أجل إعادة الأمن إلى مصر لأن بيت العائلة قدم الحلول التى تقضى على حالة الاحتقان الطائفى لذلك على الدولة أن تدعم هيبة ومكانة البيت أكثر من ذلك بما يضمه من شخصيات مرموقة من مسلمين ومسيحيين وأن تستجيب لنصائحه وتوصياته.