لا يفتقر فيلم «المسافر» الذى أنتجته وزارة الثقافة وكتبه وأخرجه «أحمد ماهر» إلى الطموح ولا إلى الرغبة فى صناعة عمل مختلف عما قدّمته السينما المصرية فى تاريخيها الطويل ولكن الفيلم الذى عرضه أخيراً فى عدد محدود من الصالات، يفتقر إلى القدرة الفنية على تجسيد هذا الطموح، بالكاد تستطيع ان تتبيّن وراء المشاهد المتتالية، والإيقاع المترهل، أفكاراً باهته لم يتم ترجمتها بشكل جيد إلى دراما متماسكة، وتلمح رءوس موضوعات عن العلاقة مع الآخر، ومفهوم الشجاعة والرجولة، وأهمية ان تكتشف نفسك عبر الآخرين ولو من خلال لحظات أو أيام قليلة يمكن تذكرها فى آخر العمر. لاتتوقع حدوته تقليدية لها بداية ووسط ونهاية، بل توقع أن تقوم مع بطلنا «حسن» (يلعب دوره خالد النبوى فى مرحلتين ويلعب المرحلة الثالثة عمر الشريف)، الرجل العجوز الذى عمل موظفاً فى البريد لا يتذكر من حياته سوى ثلاثة أيام فى فترات زمنية مختلفة، والفيلم حكايته مع هذه الأيام التى يقول إنها غيرت حياته، فى اليوم الأول الذى جرت أحداثه فى بورسعيد عام 1948 يتسلم «حسن» مهام عمله فىمكتب للتلغراف، ولكنه يكتشف تلغرافاً ارسلته الجميلة الارمنية «نورا» (سيرين عبد النور) إلى حبيبها الذى لايعرفها «فؤاد سليم» (عمرو واكد)، يقرر «حسن» أن ينتحل شخصية «فؤاد» وأسمه، ويتسلل إل سفينة «نورا» الجميلة ورغم أنه يعيش معها لحظات رومانسية إلا أنه يغتصبها فجأة بدون مقدمات،وتقبل هى أن تتزوج من «فؤاد» الذى تُلتقط له صورة تذكارية مع «نورا» و«حسن». فى القسم الثانى الذى يتم فى مدينة الاسكندرية عام 1973، يكتشف «حسن» وقد تقدم فى العمر أن له ابنة اسمها نادية (سيرين عبد النور أيضاً)، وأن لها شقيقاً مات غريقا فى مغامرة للقفز فى الماء، فى حين يظهر «جابر» (محمد شومان) صديق الابن الغريق الذى يتزوج من نادية بعد موافقة غريبة من «حسن»! فى الجزء الثالث الذى تدور أحداثه بالقاهرة فى أحد أيام خريف 2001، يظهر حفيد حسن وهو شاب مُتردد وخائف اسمه «على» يعمل فى المطافئ، الشاب يشبه «حسن» فى كل شئ سوى فى الأنف الذى يبدو صورة طبق الأصل من «فؤاد سليم»، تقترح حبيبته للتجميل «بسمة» أن يتم تغير الأنف، ولكن «حسن» يتمسك بشكل حفيده القديم، أخيراً يستطيع حسن مواجهة خوفه، وتقليد ابنه الغريق فى القفز إلى الماء، وأخيراً يكتشف أنه اضاع وقتاً طويلاً فى البحث عن نسب أبنائه وأحفاده وكان أولى به أن يضيعه فى مواجهة نفسه، وفى مراجعة مخاوفه عن الآخر وعن العالم الذى يعيش فيه. يبدو هذا التلخيص سابق الذكر محاولة لوضع خطوط عامة لأحداث مُضطربة ذلك فإن كل تصرفاته وتعليماته وعلاقاته أصبحت غير مفهومة، ومما زاد من زهق الجمهور بأحداث مهمة مثل حرب فلسطين 1948، وحرب أكتوبر 1973، وأحداث مغامرة «حسن» رجل البريد لاكتشاف نفسه، ويضاف إلى ذلك ترهّل الايقاع فكان لايجب الإستطراد فيها خاصة فى الجزء الثانى. هناك تصوير جيد ل «ماركو آنوراتو» وكانت ملابس «دينا نديم» وديكورات «أنس أبو سيف» من افضل العناصر، بالاضافة إلى الأداء المتفوق من «عمر الشريف» والحضور الجيد من «سيرين عبد النور» فى دور لامع تألق «محمد شومان»، أما تقليد «خالد النبوى» ل «عمر الشريف» كان أسوأ ما فى الفيلم.