حالة من الجدل يشهدها الوسط السياسى المصرى حول قانون مجلسى الشعب و الشورى الذى أقره مؤخرا المجلس العسكرى والذى على أثره ستقام الانتخابات بنظام الثلثين للقوائم والثلث للفردى، إذ ترفضه بعض الأحزاب والقوى والتيارات السياسية بحجة أنه سيكون منفذا لعودة فلول الحزب الوطنى للهيمنة على البرلمان، بينما يرى خبراء أن من يرفض التعديلات الأخيرة على القانون هو الذى يبحث عن مصلحته الشخصية لا مصلحة المجتمع.. «أكتوبر»التقت بالطرفين فى سياق التحقيق التالى: أحمد حسن الأمين العام للحزب الناصرى يرى أن تعديلات القانون جاءت مخيبة للآمال وصادمة لكافة القوى السياسية للمرة الثانية وذلك بعد إصرار المجلس العسكرى على وضع قانون انتخابات مجلسى الشعب والشورى حسب رؤيته الشخصية متجاهلا ً التيارات السياسية والتى تمثل نسيج المجتمع حيث إن التعديلات التى تمت مازالت ترجح كفة التيارات الدينية على نظيرتها السياسية. وأن عمل وتقسيم الدوائر بهذا الاتساع يزيد من فرص ونفوذ المال السياسى والمتوافر لدى التيار الدينى وكذلك يصعب على مرشحى الأحزاب الدعاية، فى حين ترى القوة السياسية الأخرى فرصة أكبر حيث إن لديهم منابر كثيرة من أجل الدعاية فضلا عن امتلاكهم تنظيمات سياسية تستطيع أن تغطى كافة الدوائر مهما كان اتساع مساحتها. مؤكدا أن الحزب الناصرى يرفض جملة وتفصيلا ً كل ما جاء بتلك التعديلات وأنه ما زال يدرس القرار الذى سوف يتخذه الحزب بعد التشاور مع باقى القوى السياسية. وأكدت أمينة النقاش عضو هيئة المكتب بحزب التجمع أن الحزب لايزال يرفض قانون مجلس الشعب بعد ترقيعه حيث إن التعديلات تصب فى مصلحة قوى سياسية معينة مثل جماعة الإخوان المسلمين محذرة من أن التعديلات سوف تعيد الأوضاع السياسية إلى ما كانت عليه فى الماضى حيث إن ترك ثلث مقاعد المجلس للنظام الفردى يعيد فلول الحزب الوطنى يجعلهم يسيطرون على البرلمان القادم مشيرة إلى أن حزب التجمع ما زال متمسكا بموقفه بإجراء الانتخابات بالقائمة النسبية المشروطة. بينما يرى د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية أنه لا يوجد ما يبرر إصرار المجلس العسكرى على أن يكون هناك الثلث بالنظام الفردى وباقى المجلس بالقائمة النسبية مشيرا إلى أن ذلك يدل على ان هناك ارتباكًا وغياب آليات لإيجاد حلول لتلك المشكلة علما بأنه من النادر أن تجمع القوى السياسية على رأى واحد حيث ترفض أغلبها ما جاء بتلك التعديلات وهو شبه إجماع مما يجعل الصورة السياسية فى مصر سيئة للغاية. ويشير سعد هجرس مدير تحرير صحيفة العالم اليوم إن إجراء الانتخابات فى ظل تلك التعديلات يفتح الباب لسيناريوهات أحلاها مر، مؤكدًا أن انفراد المجلس العسكرى بوضع قانون انتخابات مجلسى الشعب والشورى دون مشاركة القوى السياسية أمر غير مقبول حيث إن هذا القانون هو الذى يحدد مستقبل هذه البلاد أما الفقيه القانونى الدكتور شوقى السيد فقد اتهم القوى السياسية والتى تقف ضد هذه التعديلات بأنها تبحث عن مصالحها الشخصية بعيدًا عن مصالح الوطن مؤكداً أن تلك القوى ليست هى لسان الشعب لذلك فلابد أن تطرح التعديلات على الشعب وهو وحده من يقرر ما يراه فى مصلحته. فى حين دعا حزب الغد الجديد القوى السياسية والحزبية لدخول الانتخابات بقائمة وطنية واحدة. وأكد أيمن نور مؤسس الحزب؛ أن ذلك يعد انحرافًا بمسار الثورة وكان أولى بالمجلس النص على نظام انتخابات بالقائمة بدلا من تضمين الإعلان الجديد وهو الذى تبنى إشارة إلى نظام الانتخابات بنسبة الثلث فردى والثلثين قائمة فهى مزاعم عدم دستورية نظام القائمة وهو الآن يقوم بتحصين دستورى لنظام مهجن ترفضه الجماعة الوطنية وشدد نور على دعمه لتوسيع التحالف الديمقراطى من أجل مصر ليضم كل الفرقاء وليصبح قائمة وطنية توافقية موحدة مشيرا إلى أنه يواصل الاتصالات بأطراف مختلفة خارج التحالف للوصول إلى القائمة الموحدة؛ مؤكدا رغبته بأن يستجيب المجلس العسكرى لإعادة النظر فى صياغة بعض المواد والتى لاقت رفضًا من جانب القوى السياسية وأكد ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل أن القانون سيعيد نواب الحزب الوطنى المنحل من خلال الانتخابات الفردية. وأضاف الشهابى أنه غير دستورى لأن مرشحى الأحزاب لا يستطيعون إعلان فوزهم بالانتخابات إلا إذا حصل الحزب على نسبة 0.5% على مستوى الجمهورية، على عكس المرشح الفردي. وأكد الدكتور يسرى حماد المتحدث الرسمى باسم حزب النور أن الحزب يرفض تلك التعديلات، مشيرا إلى أن النظام الفردى يسمح لرأس المال والعصبية بالوجود بقوة بالإضافة إلى أنه يسمح لفلول الحزب الوطنى بالعودة مرة أخري، أما القائمة النسبية فإنها تسمح بانتخاب برنامج واضح ومحدد مشيرا إلى أن حزب النور طالب المجلس العسكرى بضرورة زيادة القائمة النسبية أكثر من ذلك، كما أن الأحزاب المصرية تقدمت بتصور للمجلس العسكرى لكنه لم يأخذ بها وكذلك نسب ال 50% عمال وفلاحين، مؤكدا على أن المجتمع المصرى وصل إلى مرحلة عالية من النضج السياسى ويستطيع أن يختار الأفضل والأصلح.. وأكد محمد عثمان أمين عام حزب الجيل والمستشار القانونى أن تشكيل الحكومة سيستغرق عدة أشهر نتيجة عدم امكانية حصول حزب على الأغلبية ونتيجة الحرمان غير الدستورى للمستقلين من التحول إلى اى حزب. وان القانون ليس فى صالح أحد على الاطلاق وان المحصلة ستكون برلماناً ضعيفاً جداً وهذا القانون ضربة قوية للتنسيق بين الاحزاب. ويؤكد النائب السابق سعد عبود القيادى بحزب الكرامة أن إجراء الانتخابات بالقائمة النسبية يساعد على تشكيل التوجه السياسى للناخب والتنسيق بين الأحزاب ويحد من تأثير رأس المال والبلطجة والتأثير القبلى والعصبيات. ويقول إن اتساع الدوائر بهذا الشكل المبين فى القانون لا يخدم الاحزاب التى تسعى للتحالف ويرفض عبود اشتراط وضع امرأة على القائمة لأن ليس كل الاحزاب لديها كوادر نسائية تستطيع الدفع بها للانتخابات القادمة بخلاف حزب الحرية والعدالة. ويرى الدكتور جمال سلامة رئيس قسم السياسة جامعة قناة السويس أن اعتراض الأحزاب على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية إنما يأتى فى إطار السعى إلى مصالح شخصية لأن معظم هذه الأحزاب كانت موجودة فى ظل النظام السابق وفشلت فى التواصل مع المواطنين باستثناء جماعة الإخوان التى جعلت لنفسها شعبية وأرضية جماهيرية، ولذا فهدف الأحزاب من قصر الانتخابات بطريقة القائمة النسبة فقط هو الوصول إلى البرلمان وإن جاء على حساب الدولة وعلى الرغم من وجود بعض الإيجابيات لهذا النظام غلا أن سلبيات أكثر فهو يفيد حرية الناخبين لاختيار أفراد بعينهم فلا تتيح للناخب التعبير عن أية خيارات أو تفصيل أى من المرشحين أو تعديل ترتيبهم، كما أنها تعكس عدم قدرة الناخب على تحديد من يمثلهم ضمن قائمة الحزب الذى يقوم بالاقتراع له. كما أن التجارب التطبيقية فى كثير من دول العالم تشير إلى بعض المساوئ التى تفرزها مثل الحكومات الائتلافية وغالبا يؤدى إلى عرقلة سير الحكومة بل والأداء التشريعى.