عقب أحداث ثورة 25 يناير تباينت الآراء حول طبيعة الدولة أو مصر الحديثة التى نرغب فى بنائها وننافس بها دول العالم، ومن بين هذه الآراء ما ردده البعض عن تطبيق نموذج الدولة الدينية مثل إيران وأفغانستان «طالبان».. وهو ما رفضته غالبية المصريين وعلى رأسهم علماء الأزهر الشريف، حيث صرح فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر بأنه لا يوجد فى الإسلام ما يسمى بدولة «الكهنوت» التى يحكمها رجال الدين، مؤكدا أن الدولة الإسلامية منذ عهد الرسول ? هى دولة مدنية ذات مرجعية دينية لا تنكر أو تنتقص من حقوق غير المسلمين. وسط هذا الجدل تردد اسم وثيقة المدينة أو صحيفة المدينة وجميعها أسماء للمعاهدة التى وضعها الرسول الكريم ? بين جميع طوائف سكان المدينةالمنورة عقب الهجرة ومن جانبها تنشر أكتوبر النص الكامل للوثيقة: نص وثيقة المدينةالمنورة 1- هذا كتاب من محمد النبى ? بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم. 2- إنهم أمة واحدة من دون الناس. 3- المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفْدون عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 4- وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 5- وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 6- وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 7- وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 8- وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 9- وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 10- وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 11- وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 12-وأن المؤمنين لا يتركون مفرحا - أى مثقلا بالدين وكثرة العيال - بينهم أن يعطوه بالمعروف فى فداء أو عقل.. وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه. 13- وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة - كبيرة - ظلم او إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين وأن أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم. 14- ولا يقتل مؤمن مؤمنا فى كافر ولا ينصر كافرا فى مؤمن. 15- وأن ذمة الله واحدة يجبر عليهم أدناهم، وأن المؤمنين بعضهم موالى بعض دون الناس. 16- وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم. 17- وأن سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن فى قتال فى سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم. 18- وأن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا. 19- وأن المؤمنين يبىء بعضهم عن بعض بما نالت دماؤهم فى سبيل الله. 20- وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه.. وأن لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ولا يحول دونه على مؤمن. 21- وأنه من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولى المقتول - بالعقل - وأن المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم إلا قيام عليه. 22- وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما فى هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا - مجرما - ولا يؤويه وأن من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل. 23- وأنكم فيما اختلفتم فيه من شىء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد ?. 24- وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين. 25- وأن يهود بنى عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ - أى لا يهلك - إلا نفسه وأهل بيته. 26- وأن ليهود بنى النجار مثل ما ليهود بنى عوف. 27- وأن ليهود بنى الحارث مثل ما ليهود بنى عوف. 28- وأن ليهود بنى ساعدة مثل ما ليهود بنى عوف. 29- وان ليهود بنى جشم مثل ما ليهود بنى عوف. 30- وأن ليهود بنى الأوس مثل ما ليهود بنى عوف. 31- أن ليهود بنى ثعلبة مثل ليهود بنى عوف، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته. 32- وأن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم. 33- وأن لبنى الشطيبة مثل ما ليهود بنى عوف، وأن البر دون الاثم. 34- وأن موالى ثعلبة كأنفسهم. 35- وأن بطانة يهود كأنفسهم. 36- وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم.. وأنه لا ينحجز على ثأر جرح، وأنه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته إلا من ظلم وأن الله على أبر هذا. 37- وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الاثم وأنه لم يأثم امرؤ بحليفه وأن النصر للمظلوم. 38- وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين. 39- وأن يثرب حرام جوفها أهل هذه المدينة. 40- وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم. 41- وأنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها. 42- وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده، فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد ?وأن الله على أتقى ما فى الصحيفة وأبره. 43- وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها. 44- وأن بينهم النصر على من دهم يثرب. 45- وإذا دعوا إلى صلح يصلحونه ويلبسونه، وأنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه على المؤمنين إلا من حارب فى الدين.. وعلى كل أناس حصتهم من جانبهم الذى قبلهم. 46- وأن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة، وأن البر دون الاثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه وأن الله على أصدق ما فى هذه الصحيفة وأبره. 47- وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم وأثم، وأن الله جار لمن بر واتقى ومحمد صلى الله عليه وسلم. المرجع : السيرة النبوية لابن هشام وتعقيبا على ما ورد فى الوثيقة يقول د.أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إن هذه الصحيفة تعتبر من شواهد المجتمع المسلم الأول وتتضمن نقاطا فى مجملها حرية السكن وحرية التنقل وحرية الإقامة وحرية العقيدة ومشروعية المعاهدات السلمية فى الدفاع عن الوطن بين المسلمين وغيرهم.. وهذا كله يرسخ أن المجتمع المسلم فى بداياته سبق الدساتير المعاصرة فى إقرار حقوق الإنسان وعدم التمايز لدواعى معتقد أو لون أو لغة، وأضاف د. كريمة حينما ننظر إلى اعتراف الرسول ببقاء الناس على معتقداتهم من اليهود والوثنيين وعدم إجبارهم على الدخول فى الدين الإسلامى وعدم الإكراه على التحكيم لنصوص شرعية إسلامية، بل جعل ذلك وفق التشاور وإبداء الرأى والعرف، موضحاً أننا نلحظ فى الوثيقة أنها لم تجعل الاحتكام لا لمجرد النصوص التى وردت فى التوراة ولا القرآن للمسلمين بل جعلها للتشاور وكل هذا يؤكد أن الرسول لم يصبغ الوثيقة ولا سكان المدينة بصبغة دينية محددة وقد نلاحظ خلوها من أى نص توراتى لليهود أو مرجعية القرآن. وأشار إلى أننا نلاحظ أيضاً أن النصوص أصبحت تراثًا ومصطلحاتها لم تعد مكتوبة لأن الوثيقة كانت تنظم المعيشة فى يثرب بين القبائل الذين كانوا يقطنون فيها وهذه قبائل منها اليهودى والتوراتى والمسيحى.