«لم أكن شهرا للبطالة والكسل إلا فى أيامكم» و«أراكم تفتون فيما تعلمون وفيما لا تعلمون» و«جعلتمونى شهرا لمتابعة المسلسلات بدلا من فعل الطاعات» بهذه الكلمات بدأ رمضان معنا وحين سألته عن الهدايا التى قدم بها إلينا أجابنى:«فضائلى لا تعد ولا تحصى فأنا شهر القرآن، شهر مضاعفة الحسنات، تغلق فيا أبواب النار وتفتح أبواب الجنة بى ليلة هى خير من ألف شهر، النافلة فىّ بفريضة والفريضة ب70 فريضة فيما سواى» كانت هذه بعض إجاباته حين تخيلته فى صورة شيخ كبير بلحيته البيضاء وبعصاه التى يستند عليها لكبر سنه الذى بلغ مئات السنين.. تخيلته يتكلم بلسان حال شهر رمضان فأخذت أسأل وهو يجيب. * ما الفرق بيننا وبين المسلمين الأوائل؟ ** يؤسفنى أن أقول إن الفرق بينكم وبين أسلافكم كالفرق بين القمر ليلة 14 والقمر ليلة 29، قديما كان التنافس بفعل الخيرات وقراءة القرآن وإفطار الصائمين وإخراج الصدقات أما أنتم فآراكم تتنافسون فى متابعة المسلسلات، قديما كانوا لا ينامون من الليل إلا قليلا وآراكم اليوم لا تفيقون إلا قليلا، قديما كان الإسلام لا يرضى من أتباعه أقل من مرتبة الامتياز وآراكم اليوم تقولون:«يا بخت من كان مقبولاً عند ربنا»، قديما كانوا يقولون:«أرحنا بها يا بلال» يعنى الصلاة وآراكم اليوم تقولون:«أرحنا منها يا بلال» أو كما تقولون:«تعالوا نخطف لنا ركعتين»، جعلتمونى شهرا للطعام بدلا من شهر للصيام فى حين كانت لا توقد بالأشهرفى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم النار، قديما كانوا يصومون عما سوى الله حياء منه وشوقا إليه أما انتم فلا تلجأون إلى الله إلا فى الأزمات، قديما كانوا يتحدثون عن العشرة المبشرين بالجنة واليوم تتحدثون عن العشرة المبشرين بجدة. * بمن تعنى المبشرون بجدة؟ ** أعنى الحكام الذين ثرتم ضدهم والبقية الذين ستدور الدائرة عليهم. * ألا ترى أنك تبالغ فى الحكم علينا؟ ** ليس هناك مبالغة، فأنا لم أكن شهرا للبطالة والكسل إلا فى أيامكم، قلبتم ليلى نهار ونهارى ليل، تكاسلتم عن العمل بحجة الصيام وقصرتم فى واجباتكم، أسرفتم فى الإفراط فى تناول الطعام وكأنكم تريدون تعويض ما فاتكم وقت النهار، قضيتم أغلب أوقاتكم تتنقلون من فيلم لفيلم ومن برنامج لبرنامج ومن قناة لأخرى، جعلتونى شهر للأعمال الفنية الجديدة والدورات الرياضية والخيم الرمضانية، آراكم تفتون فيما لا تعلمون تفكرون فى شىء وتقولون شىء آخر تؤمنون بشىء وتتصرفون عكس ما تؤمنون به فإذا تعلق الأمر بذنوبكم أقسمتم أن الله غفور رحيم وإذا تعلق الأمر بذنوب الآخرين أكدتم أن الله شديد العقاب. * على ذكر المبشرون بجدة رأيك فى انتفاضة الشعوب العربية ضد ظلم الحكام؟ ** «أطيعونى ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت الله فلا طاعة لى عليكم وإذا أخطأت فقومونى» مقولتان لأبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب حينما تولى كل منهما الخلافة، فقد كان الخلفاء الراشدين يشعرون بحجم المسئولية الملقاة عليهم مما جعلهم شديدى الحرص على إيفاء الرعية حقوقهم، أما حكامكم فأراهم قد تخلوا عن مسئولياتهم وخانوا امانتهم فظلموا شعوبهم وسلبوهم حقوقهم واتخذوا من الاستبداد والقهر لشعوبهم نهجا لهم فما يحدث اليوم من انتفاضات ومطالبات بتنحيهم عن الحكم يدل على أن الشعوب قد ضاقت بهم وبأفعالهم. * أعرف أنك طفت بلاد العالم الإسلامى من مشرقه لمغربه ولديك من القصص الكثير ولكن أعذرنى إن تحيزت وأقتصرت فى الحديث عن بلدى، فأنا أريد أن أعرف كيف ترى مصر وبما تصفها؟ ** عند الحديث عن مصر لا أعرف من أين أبدا وكيف أتحدث وبأى لسان أنطق؟ فمدحى وثنائى على مصر هو كمدح الأعرابى وثنائه على القمر حين كان يمشى فى الظلام وفجأة طلع عليه القمر فأخذ يمدحه ويقول:يا قمر إن قلت جملك الله فقد جملك، وإن قلت رفعك الله فقد رفعك، وأصفها بما وصفها به هيرودوت «مصر شمعة مستقرة فى قاع النيل إذا أظلم العالم طفت على السطح لتنير العالم من جديد» وهى أرض التضحية والفداء والأزهر الوضاء وهى التى أمنها الله بقوله:«أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين» ووصف رسول الله جندها بأنهم خير أجناد الأرض، وأوصى بقبطها «استوصوا بقبط مصر خيرا فإن لهم عندنا نسبا وصهرا». * ما الذى تخاف منه على مصر؟ ** أنا لا أخاف على مصر لأن التاريخ أثبت أن الأزمات تخرج المعدن الأصيل للمصريين وتظهر مدى قوتهم أمام الأحداث التى تجتاح اجتماعهم ووحدتهم مثلما حدث فى عام 1973 والتى لم يحدث فيها حالة سرقة واحدة واجتماع الملايين فى ميدان التحرير ولم تحدث فيها حالة تحرش. وحين سألته عن الثائر الحق؟ وما هى آفة الثائر؟ أجابنى قائلا أجيبك بمقولة سمعتها من إمام الدعاة رحمه الله الشيخ الشعراوى فى عام 1985 والتى ربما تنطبق على ما تمر به بلادكم حاليا وذلك عند تفسيره لأسباب نزول الأنبياء بالرسالات السماوية كيف أن كل رسول يأتى للقضاء على فساد ينتفع به بعض الناس ويعانى منه آخرون فيتمسك به المطحونون ويفرحون به لأنه سيخلصهم من الفساد معرفا الثائر الحق بأنه من يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبنى الأمجاد ولكنه عبر عن آفة الثائر أنه يظل ثائرا لا يهدأ وكلما قدمت له شىء طلب شيئا آخر وهذا هو مكمن الخطر. * رأيك فى نساء اليوم؟ ** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«النساء مصابيح البيوت».. ولكنى أصبحت أرى البعض منكن تحولن مصابيح الشوارع والنوادى والكافيهات والبعض منكن تحولن لعارضات أزياء تتنافس الواحدة منهن على من هى أكثر إثارة ولا أقصد من تخرج لعملها أولدراستها كما لا أقصد ألا تخرج المرأة من بيتها ولكنى أقصد مراعاة الشرع فى الملبس والتعامل. * رأيك فى علاقة بعض المسلمين بالقرآن؟ ** أصبحت علاقتكم بالقرآن صلة تبرك وبركة لا يفتح إلا فى شهر رمضان رغم معرفتكم بأن القرآن مجموعة أوامر ونواهى أراد الله منكم تطبيقها فى حياتكم الخاصة والعامة رغم ذلك اكتفيتم بوضعه فى سياراتكم وعلى أرفف المكتبات. وحين سألته عن رأيه فى الجيش المصرى أجابنى قائلا:الجيش المصرى كان دائما فى طليعة الفاتحين وبطولاته يشرق بها التاريخ ويكفيه فخرا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه:«إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندا كثيفا فإنهم خير أجناد الأرض» وللجيش المصرى فى عالم البطولة قصص، حين دخل التتار العالم الاسلامى فدمروه وهدموا المساجد ومزقوا المصاحف ودمروا عاصمة الدنيا بغداد وزحفوا الى مصر ليحتلوها فكانت معركة عين جالوت التى انتصر فيها المصريون وهزموا التتار بهزيمة لم يسمع بمثلها التاريخ، وحين جاء العدوان الثلاثى ليجتاح مصر خرجوا يهتفون مع صباح مصر.. أخى جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدا.. وسحقوا العدوان الثلاثى، والمعجزة التى قاموا بها فى حرب أكتوبر المجيدة، وما فعلوه فى 25 يناير حين رفضوا أن يطلقوا الرصاص على شعب أعزل أقسموا على حمايته فكان أحد أهم أسباب نجاح الثورة. وسألته عن الإنتصارات والمواقع الحربية الحاسمة التى وقعت فى رمضان فأجاب: لا يوجد عدو من أعداء الإسلام إلا وحاربناه وانتصرنا عليه فى رمضان سواء كانوا مشركين أوصليبيين أو تتار أو يهودا أو فرسا، ففى السنة الثانية للهجرة كان أول انتصار فرق الله به بين الحق والباطل وهى غزوة بدر الكبرى، وفتح مكة فى السنة الثامنة، وانتصرتم على الفرس فى 13 للهجرة فى موقعة البويب، وفى رمضان فتحتم الاندلس التى تغير على إثرها كل تاريخ المنطقة فى شمال أفريقيا وفى غرب أوروبا.. وانتصرالمسلمون فى موقعة عين جالوت التى هزت الأرض بكاملها، وفى رمضان انتصر البطل صلاح الدين على الصليبيين فى موقعة حطين واسترد بيت المقدس من مغتصبيه، وأخيرا وليس آخرا النصر العظيم للجيش المصرى على اسرائيل فى العاشر من رمضان، وغيرها الكثير من الانتصارات التى لا يتسع الوقت لذكرها. وحين سألته عن الهدايا التى قدم بها الينا هذا العام أجابنى قائلا: أنا كما أنا لا اتغير فضائلى لا تعد ولا تحصى يكفينى شرفا أن يقول الله عنى.. كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فأنه لى وأنا أجزى به أنا شهر القرآن شهر مضاعفة الحسنات عند حلولى تغلق أبواب النار وتفتح أبواب الجنة وتصفد الشياطين، بى ليلة هى خير من ألف شهر، النافلة فيا بفريضة والفريضة ب 70 فريضة فيما سواى. * على ما تعاتب المسلمين؟ ?? أنا لن أعاتب ولكنى أسأل: أين من وعد بالتوبة والرجوع عند قدومى ولم يفعل؟ أين من وعد بترك التدخين ولم يفعل؟ أين من وعدت بارتداء الحجاب؟ أين من وعد بترك المسلسلات والأغانى؟ للأسف وجدتكم استقبلتونى بالسهر والمسلسلات والنوم عن الصلوات، وإن كان هناك شىء أعاتبكم عليه، أعاتبكم على جرح فلسطين أولى القبلتين وثالث الحرمين الذى لازال يئن فى أيدى مغتصبيه وأنتم مازلتم نائمون.