طالعتنا مجلة أكتوبر فى عددها الصادر يوم الأحد الموافق 17/7/2011 م فى باب ألوان من الثقافة بموضوع عنوانه : «للمرة الأولى.. نص الاستقالة «المسببة» من المركز القومى للترجمة» عرض فيه الأستاذ طلعت الشايب نصّ الاستقالة التى تقدّم بها إلى المدير السابق للمركز القومى للترجمة الأستاذ الدكتور جابر عصفور، وكان بالإمكان أن يمر المقال مرور الكرام، غير أننى فوجئت بدسّ اسمى وبعض الزملاء فى متن المقال دون داعٍ، ودون وجه حق، وأعلم أن ذلك لم يتم إلا لخدمة المضمون الأشمل لفكرة المقال، وهى الهجوم على العالم الكبير الأستاذ الدكتور جابر عصفور،المتمثل فى سوء إدارته للمركز القومى للترجمة، أو على حد تعبير الأستاذ طلعت إنه «إدارة بالإهانة وذلك من خلال إهانة تلاميذه ومعاونيه بالمركز القومى للترجمة، وخاصة من عملوا معه بصفة مباشرة». ويهمنى أن أنبّه إلى أننى لست مخوَّلا – في هذا السياق – بالدفاع عن العالم الكبير ذى الحضور الثقافى والفكرى والأكاديمى المتميّز الذى لا ينكره إلا جاحد، ولم يدفعنى إلى كتابة هذا الرد إلا العبارات الواردة فى هذه الاستقالة ومسبباتها مما يدخل ضمن جرائم التعريض والتشهير التى يعاقب عليها القانون الذى أخذ مجراه بالفعل، ومن ثم أرجو أن تسمح مجلتكم الغرَّاء بنشر هذا الردّ الذي يرتكز على عدد من الأسئلة المحورية التى دارت في ذهني وأنا أقرأ ما كتبه الأستاذ طلعت، وأرجو أن يجد هذا المقال طريقه إلى النشر احترامًا للكلمة، وإعمالا لحق الرد المكفول للجميع، وإلا كنا- نحن العاملين بالمركز – مدانين، حين نسكت عن أبسط حقوقنا فى إيضاح الحقائق ووضعها فى نصابها أمام القارئ الكريم . لقد صرَّح الأستاذ الشايب فيما كتب بأن الدكتور جابر عصفور تعوَّد أن يوجه إهانات لمن يعملون معه، ويذكر رأيه شديد السلبية فيهم، وأنا منهم، إذ وصفنى بالجهل والغباء أمام الحاضرين بمكتبه، ثم يعود ويشهد (أ.طلعت ) بأن كل الزملاء السابق ذكرهم مجتهدون ومخلصون، ويخاطب الدكتور جابر بقوله: « ولكنك ربما لا تعرف حجم ما يقوم به كل منهم من عمل، وما يتحمل من أعباء» . أقول: إننى أتحدث هنا من خلال علاقة عمل تربطنى بهذا الرجل (أ. د. جابر عصفور)، ومن خلال متابعتى لأدائه المهنى فى الحقل الثقافى، وقيمة هذا العالم الكبير المعروفة على الساحتين المحلية والعربية، وخبرته الأكاديمية المتميزة التى انعكست على إدارته للمناصب التى تولاها، كما انعكست بالقدر نفسه على علاقاته بطلابه، وإنه لشرف لى أن يولينى الثقة للإشراف على المراجعة اللغوية بالمركز، وانطلاقًا من ثقتى فى علمه أقبل - بنفس راضية تمامًا - اللوم أو التعنيف الذى لا يكون إلا فى إطار من الودّ والاحترام الأبوى الذى أكنّه لهذا العالم الجليل. وحين قرأت ما كتبه الأستاذ طلعت الشايب، تبادرت إلى ذهنى بعض الأسئلة لعلَّ إجابته عنها تساعد فى الوصول بالمركز القومى للترجمة إلى ما نأمله جميعًا. السؤال الأول : ما السبب الذى جعله يؤخّر نشر هذه الاستقالة بمسبباتها ويتعمد نشرها فى هذا الوقت تحديدًا ؟ ومتى كانت المجلات ساحة لنشر الاستقالات ومسبباتها؟! السؤال الثانى : إذا كان المركز فاسدًا على هذا النحو الذى ذكر، فما الداعى لأن يلتزم الصمت طوال فترة عمله مساعدًا لمديره (أربع سنوات ) ؟ السؤال الثالث: إذا كنا قد تعلمنا فى الصغر أن المجالس أمانات، فهل من الأمانة أن يأتى بعد مرور أكثر من عام على استقالته من المركز وينشر هذه الاتهامات والإهانات التى يعاقب عليها القانون ؟ السؤال الرابع: إذا كان مدير المركز السابق قد وثق به وجعله مساعدًا له، وناقش معه بعض الأمور الخاصة بالعمل، فهل من الأمانة أيضًا أن ينشر ما دار بينهما من حوارات مرَّ عليها أكثر من عامين، لا هدف منه إلا الإساءة لمدير المركز والعاملين به والمترجمين بعد أن كان واحدًا منهم؟ السؤال الخامس: من الناحية الإنسانية، هل من المناسب أن يتعمد نشر هذا الكلام فى هذا الوقت تحديدًا الذى يمرّ فيه مدير المركز الأستاذ الدكتور فيصل يونس بظروف صحية صعبة، نسأل الله أن يعافيه ويتم شفاءه وأنه لا يمكنه أن يردّ عليه ؟ السؤال السادس: إذا كان سيادته قد ذكر كثيرًا من وقائع الفساد التى كان شاهدًا عليها فى المركز، أليس من الفساد أن يوقّع على الكتب المترجمة حين كان مشرفًا على المكتب الفنى بأنها (صالحة للنشر) دون أن تمر بأية مرحلة من مراحل القراءة، أو تُعرض على أية لجنة من لجان المكتب الفنى؟ وحين يأخذ الكتاب مجراه فى النشر نكتشف به مشكلات لا تحصى، بداية من ضعف مستوى الترجمة عمومًا، وعدم فهم الكثير من العبارات، بل إغفال أجزاء كاملة من الأصل الأجنبى وعدم ترجمتها، وليس انتهاءً بعدم ترجمة الهوامش، أو إغفال الصور الواردة فى الأصل بتعليقاتها، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، مما يؤخر إصدار الكتب المترجمة. السؤال السابع: هل بإمكانه أن يخبرنا كم مرة اجتمع فيها المكتب الفنى طوال مدة إشرافه عليه؟ السؤال الثامن: فيما يتعلق بالهيكل الإدارى والوظيفى للعاملين بالمركز الذى لا يروق له، هل نسي سيادته أنه كان أحد الواضعين له عند إنشاء المركز؟ وأخيرًا، فإنى لعلى ثقة فى أن الأستاذ طلعت يحمل بداخله – نفسًا وعقلاً – قدرة على مراجعة الذات وإعادة النظر فيما كتب، وردّ الاعتبار إلى كل من حملوا له التقدير يومًا .