فى الوقت الذى يستخدم فيه رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان أسلوبا شديد اللهجة تجاه النظام السورى لوقف الأعمال القمعية ضد المتظاهرين المطالبين بالإصلاح، فإنه يواجه انتقادات داخلية من قبل الناشطين الأكراد لتجاهله القضية الكردية واستمرار حكومته فى اتباع سياستها القمعية تجاههم. وفى مقال كتبته بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تحت عنوان «الربيع العربى والصيف الكردى» حذرت الناشطة السياسية والنائبة بالبرلمان التركى عن كتلة الكفاح والديمقراطية والحرية المدعومة من قبل حزب السلام والديمقراطية الكردى «صباحات تونجل» من اشتداد حدة النزاع الكردى فى تركيا خلال الفترة القادمة ما لم يمنح الأكراد حقوقهم. وتبدأ تونجل مقالها بانتقاد نظام الحكم التركى قائلة إن تركيا غالبا ما تقدم نفسها للعالم على أنها نموذج للدولة المسلمة الديمقراطية، ولكنها فى الواقع تنكر الحقوق الديمقراطية الأساسية لفئة تمثل نحو 20% من سكانها. وتشير إلى أن أردوغان منذ توليه السلطة عام 2002 تجاهلت حكومته أهم وأخطر القضايا التركية ألا وهى قضية الأقلية الكردية المضطهدة. وتضيف تونجل أنه بالرغم من إعلان أردوغان فى عام 2005 خلال خطاب فى ديار بكر، عاصمة كردستان تركيا، أن «المشكلة الكردية مشكلتى» مما أظهر وقتها أنه أدرك فشل سياسة القمع التى تتبعها أنقرة وأنه يخطط لبدء عملية جديدة أطلق عليها «الانفتاح الكردى» والتى بدت كخطوة فى الاتجاه الصحيح حيث عرضت السماح للأكراد باستخدام اللغة الكردية ومنحهم حكما ذاتيا والعفو عن الانفصاليين المعتقلين، فإنه سرعان ما بدا واضحا أن أردوغان لم يكن صادقا فحزب العدالة والتنمية لم يتخذ خطوات جادة نحو حل المشكلة الكردية بل صعد من العمليات العسكرية وفرض حظرا على الحزب الكردى الرئيسى، حزب المجتمع الديمقراطى، واعتقل السياسيين الأكراد، بما فيهم تونجل حيث تم اعتقالها فى نوفمبر 2006 وقضت تسعة أشهر خلف القضبان حتى تم انتخابها للبرلمان وهى فى السجن وتم الإفراج عنها فى يوليو 2007 بموجب قانون الحصانة البرلمانية. وتعلن تونجل فى مقالها أن الأكراد لن يقبلوا بعد الآن استمرار الوضع الراهن وأنهم يطالبون بحرياتهم الديمقراطية، وبحقهم فى التعلم بالمدارس وإلقاء المواعظ فى المساجد بلغتهم الأم، وبوقف عمليات الاعتقال التعسفية والعمليات العسكرية ضدهم والحصول على حكم ذاتى فى المناطق ذات الغالبية الكردية. وتنتقد تونجل رئيس الوزراء التركى لإعرابه دائما عن أسفه بشأن قتل الأطفال الفلسطينيين بينما لا يذكر شيئا عن الأطفال الأكراد الذين قتلوا على يد الجيش والشرطة فى تركيا. وتشير إلى أنه يدين استخدام الحكومة السورية للعنف مع المتظاهرين، فى حين أنه يستخف باستخدام الحكومة التركية للغاز المسيل للدموع والطلقات النارية وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين فى إبريل الماضى. وتنصح تونجل أردوغان بعدم توجيه الانتقادات لجيرانه حتى ينظم شئونه الداخلية لأنه من المستحيل على الحركات المؤيدة للديمقراطية فى مصر أو سوريا أو ليبيا أن تضع ثقتها فى الحكومة التركية فى الوقت الذى تستخف فيه بالمعارضة داخل بلادها وتقوم بقمع المتظاهرين وترفض المطالب الشرعية للشعب الكردى.