حالة من التناقض تعيشها إسرائيل، ففى الوقت الذى تحتاج فيه إلى هدوء واستقرار فى سياستها الداخلية لمواجهة عدد من الدول التى سوف تناصبها العداء بزعم أنها أصبحت مؤيدة للقضية الفلسطينية، تعيش تل أبيب فى وضع متوتر وقلق وسط انشقاقات بين القيادات السياسية وذعر من تسونامى «حكومة الخلاص الوطنى». ففى الوقت الذى تبذل فيه أقاصى جهدها لجذب التعاطف الأوروبى للوقوف بجانبها ضد القرار الذى اتخذته السلطة الفلسطينية ببناء دولة فلسطينية فى إطار حدود 67، تشير صحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعانى من العيش فى جو من العداء والخوف فى داخلها، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يخشى من الأممالمتحدة وليبرمان وزير الخارجية بسبب تصريحاته التى أكد فيها أكثر من مرة قبوله بحل الدولتين، وإمكانية التوصل الى سلام مع الفلسطينيين خلال سنة، كما أن تسيبى ليفنى رئيسة حزب كاديما المعارض من ناحية أخرى تهاب من فقدان منصبها وسط تهديدات شاؤول موفاز وزير النقل الاسرائيلى والقائم بأعمال رئيس وزراء إسرائيل ووزير الدفاع السابق الطامع فى رئاسة حزبها خلال الانتخابات التمهيدية القادمة. ولهذا أصبحت إسرائيل الآن، كما تقول «هآرتس»، فى حاجة ماسة إلى حل سحرى باستطاعته خلق حكومة جديدة ثلاثية مكونة من نتنياهو، و ليفنى وباراك، لأن هذا الائتلاف الجديد هو الحل الوحيد الذى سيضمن لإسرائيل تكاتف العالم معها ضد السلطة الفلسطينية، ويكون نتنياهو قادراً على البقاء فى منصبه لعامين آخرين. وتضيف الصحيفة الإسرائيلية: فى الوقت الذى يبذل فيه نتنياهو جهدا كبيرا لإقناع دول أوروبا للتصويت ضد إعلان الأممالمتحدة المتوقع بإقامة دولة فلسطينية، لإنقاذ اسرائيل مما يسمى ب «التسونامى السياسى» المنتظر فى سبتمبر القادم هناك نسبة من الأغلبية بالحكومة الإسرائيلية والكنيست الإسرائيلى يحتقرونه بشدة منذ ألقى خطابه فى مايو الماضى ووصفوه حينها بالممثل الجدير بالأوسكار، ونمر من ورق، واعتبروه فوت فرصا كبيرة، باغلاقه الباب فى وجه السلام. يذكر أن هذا الائتلاف الحكومى الإسرائيلى الجديد، كما يدعون، سيصبح بديلاً عن الأحزاب اليمينية الإسرائيلية المتطرفة، رأس الأفعى المتسببة فى تقييد سير عملية السلام بإصرارها على وجود المستوطنات اليهودية بكثرة فى الضفة والقطاع، وسفك الكثير من الدماء، ومن هنا سيكون هذا الاقتراح إشارة واضحة للعالم بأن نتنياهو جاد فى تصريحاته المتكررة التى تؤكد وجود «دولتين لشعبين»، وأن حكومة تل أبيب لا ترفض السلام ولا تنوى وجود المزيد من المستوطنات. وعلى الرغم من أن ليفنى وباراك متحمسان لهذا الائتلاف ويريدان تحقيقه فى أسرع وقت، فإن نتنياهو حسبما تقول هآرتس، متردد فى الانضمام فى هذا الائتلاف خوفاً من ليبرمان الذى يدعو الى اقتراح دولتين لشعبين، ليصبح هو الزعيم القادم للأحزاب اليمينية المتطرفة باسرائيل، كما أن نتنياهو لم يكن لديه الجرأة الحقيقية لأخذ هذه الخطوه التى ستشكل حكومة من اثنين من أكبر الأحزاب فى إسرائيل وهما كاديما المعارض والليكود، التى ستعطيه الهدوء ولو حتى على المدى القصير، وإسقاط الانتخابات القادمة التى من شأنها أن تحرمه من منصبه، وكذلك الصمود أمام الضغوط السياسيه المتزايدة من الخارج، ومنافسة ليبرمان فى الداخل، والتمتع بدعم أغلبية أعضاء الكنيست فى الوقت الحالى. وكما أشارت هآرتس فإن زعيمة حزب المعارضة الاسرائيلى تسيبى ليفنى، أثبتت أنها أكثر جرأة من نتنياهو فهى تريد بالفعل الانضمام الى نتنياهو فى هذا الائتلاف الحكومى الجديد الذى أطلقت عليه «حكومة الخلاص الوطنى»، وتقول إنها مستعده لتحمل أية مخاطر ناتجه عن هذا الائتلاف، حتى ولو كان هذا آخر شىء ستقوم به فى حياتها السياسية تلك الدراما السياسية التى تتحدث عنها تسيبى ليفنى، ستحقق لشركائها فى هذا الائتلاف مكاسب سياسيه فورية، بانقاذ نتنياهو من خطر تسونامى سياسى، وحتى تنتصر أيضاً على موفاز المنافس لها فى الانتخابات التمهيدية القادمة.