الكتب أيضا أسلحة، وهناك من الأسلحة ما هو مشروع وأخرى فاسدة، وإن من الأسلحة ما تحتاج له للدفاع به عن نفسك أو لتعيد حقا من حقوقك، ومن الأسلحة ما ترديك صريعا دون سبب أوشفقة.. والكتاب الذى بين أيدينا الآن هو سلاحى الذى سأدافع به عن أغلى قضية فى الضمير العربى وأهمها وهى قضية الهوية واللغة وتقدم العلوم، خاصة أن الذى كتب هذا الكتاب- السلاح- «العلم واللغة، متى يتكلم العلم العربية؟» هو الدكتور محمود فوزى المناوى الذى يجتمع فيه شخصيا عنصرا القضية العلم واللغة،فهو من ناحية عضو مجمع اللغة العربية- حصن العربية العريق- ومن ناحية أخرى عضو المجمع العلمى الذى أنشأه نابليون والحائز على جائزة مبارك فى العلوم والتكنولوجيا عام 2008، ومقرر مجلس الثقافة والمعرفة بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، وهو أولا وأخيرا أستاذ أمراض النساء والتوليد الشهير..من أجل هذا يجىء كتابه العلم واللغة، متى يتكلم العلم العربية؟ الصادر عن المكتبة الاكاديمية حجة معنا فى أن الاهتمام بصحة اللغة العربية وسلامتها على ألسنة أبنائها ، وأن تقويم التعليم الجامعى ومختلف المؤسسات التعليمية ،وأن تعريب العلوم وتيسيرها باللغة الأم، هى عناصر اساسية ومترابطة من أجل منظومة التقدم والتنمية، وأن «إقناع السياسى المحلى فى أى بلد من بلادنا بأن الحفاظ على هويتنا قاعدة للحفاظ على المكانة السياسية لأى نظام من أنظمة الحكم، وأن المدخل إلى ذلك هو الحفاظ على لغتنا القومية فى حومة الصراع العالمى وفى مواجهة محركات العولمة أيا كانت القوى المحركة لها» وأن «هناك خبرات تاريخية قديما وحديثا تشير إلى الدور السياسى فى تعريب العلوم ومنها الطب سواء فى العصر العباسى الأول أو فى مصر الحديثة، وكلتاهما أدتا إلى أن يتكلم الطب بالعربية بالتعريب أولا ثم بالتأليف ثانيا».. ويضيف المناوى أن تحديد الزمن الذى ستصبح بعده العربية لغة الدراسات فى الجامعات والمعاهد العلمية العليا متوقف على إقناع جمهور المثقفين وأصحاب القرار بمبدأ صلاحية اللغة بدون قيد ولا شرط حتى نتخطى الصعوبات التى يمكن أن تعترض تحقيق هذه الأمنية من خلال ترسيخ الفكر العربى وتقويم العقلية التىأصيب بها بعض مثقفى هذه الأمة كى تستوعب تلك التغيرات المأمولة فى أن تكون لغتنا القومية لغة للدراسة العلمية.. وتمتلئ صفحات الكتاب المهم بالأدلة والبراهين على أن المحتل الأجنبى والمسئول الرسمى الضعيف، وراء كل ما يصيب اللغة والهوية من ضعف وتحلل وإشاعة عدم الثقة، كاشفا أنه من الخطر أن أضع لغة أجنبية مكان لغتى القومية، وأن يبدأ أطفالنا بمعرفة أصول لغة اجنبية عنهم قبل ان يعرفوا أصول لغتهم، لغة ثقافتهم، لغة تاريخهم، لغة تراثهم، لغة عقيدتهم.. ويواصل الدكتور محمود المناوى فى تسديد منصفات دفاعه القوية على الحضارة العربية والحضارة الإسلامية وثقافتهم المتمثلة فى الكتاب والمكتبة والمدرسة والجامعة وفى اللغة والعلم وشتى مناحى الحياة.. أما عن المتاحف العامة والمتخصصة التى أولاها فى كتابه وفى حياته عناية خاصة كاشفا عن أدوار جديدة لها ومفسرا لرسالة جديدة نضطلع بها الآن فى الدول المتقدمة فى عملية التعليم والمعرفة، فهذا شأن آخر نتناوله المرة القادمة بمشيئة الله.