بالثقافة يعرف المجتمع نفسه ويقوى بناؤه ويتوحد نسيجه، وتتفتح زهور روحه الابتكارية وبالنظر إلى واقع الثقافة فى مصر على مدى عقود ثلاثة، يتضح أن أمور الثقافة كانت تدار من قبل لجان لتمرير سياسات ثقافية معينة اعتادت طويلاً على التأييد المطلق والموافقة بالإجماع على كل طروحات وزير الثقافة صاحب القرار الثقافى المنفرد. من المؤكد أن الذى يجب أن يشغل وزير الثقافة الجديد بصفة عاجلة الآن، أن يسارع بإلغاء نظام رشوة المثقفين، المعمول به فى لجان المجلس الأعلى للثقافة وأن يحل محله نظام يتيح للمخلصين من مثقفى مصر بالعمل التطوعى لخدمة الثقافة المصرية وأن تحوّل حصيلة الأموال الطائلة التى كانت تدفع كرشاوى لإفساد المثقفين إلى صندوق لدعم الشباب المصرى المبدع فى مختلف مجالات الإبداع ولبناء متاحف تخلد مبدعى مصر الكرام الذين كان لهم دور كبير فى إثراء حياتنا الثقافية. من الجميل أن يبادر وزير الثقافة الجديد الذى هو بالقطع على دراية وعلم بمنابع الفساد والقصور فى قطاعات وهيئات وإدارات وزارة الثقافة بالدعوة إلىمؤتمر يحضره مثقفون تم استبعادهم وإقصاؤهم طويلاً من أجل وضع خارطة طريق لإنقاذ الثقافة المصرية ووضعها على الطريق السليم، ودون هدر للإمكانات والطاقات والمواهب والأموال، وحتى تستعيد مصر دورها الرائد ثقافياً فى العالم العربى. لقد حان الوقت للنظر بحيادية وشفافية وتجرد إلى نظام الجوائز التى تقدمها الدولة للمثقفين المصريين. وهو النظام الذى حدا بالبعض إلى عدم التقدم للحصول على جائزة وزارة الثقافة المصرية بسبب الفساد الذى يعترى آلية منح الجوائز والوقت حان أيضاً لترشيد إقامة المهرجانات الثقافية والفنية التى تحولت إلى مناسبات لإهدار المال العام دون أى اهتمام بالجدوى أو العائد من إقامة هذا المهرجان أو ذاك. ملفات فساد كثيرة يتعين على وزير الثقافة الجديد أن يفتحها بقلب سليم وعقل متفتح، وأن يكون الدليل والهادى له فى فتح هذه الملفات صالح الوطن المصرى وشباب وشعب ثورة 25 يناير. المطلوب إذن من وزير الثقافة الجديد الإسراع فى تنقية الأجواء الفاسدة فى مختلف قطاعات وهيئات وإدارات وزارة الثقافة، وعدم التباطؤ فى إنجاز هذه المهمة الوطنية حتى لا توجه إليه شبهة تواطؤ قد تنال من صدقه ومصداقيته وحتى لا نفاجأ بدعوة من شباب ميدان التحرير إلى مسيرة مليونية جديدة بالميدان يطلق عليها اسم «جمعة إنقاذ الثقافة».