عاد التركيز الإسرائيلى مجددا إلى المراوغة بين توفير أقصى درجة من الأمن فى مواجهة مسألة إطلاق الصواريخ من غزة ببناء منظومة القبة الحديدية وبين استغلال الهدف السياسى من نشر الصواريخ لتحميل الجانب الفلسطينى مسئولية التوتر من ناحية وذلك فى الوقت الذى بدأت فيه إسرائيل فى وضع خطوط حمراء على إمكانيات التنسيق بين القيادة الفلسطينية وحماس باعتباره عائقا أمام استئناف الجهود السياسية من ناحية أخرى. منذ فترة قريبة أخذت إسرائيل تعكس موقفا حقيقيا ضد إمكانيات التنسيق الفلسطينى مع حماس وإن كانت تستفيدمن ذلك فى تحقيق مجموعة من الأهداف التكتيكية من واقع ما يلى: * تأكيد نتنياهو على أن منظومة القبة الحديدية المزمع نشرها لمواجهة الصواريخ من غزة لن تكون قادرة على توفير حماية كاملة لإسرائيل وأنه لا يريد إيهام المواطنين من أن المنظومة يمكن أن توفر ردا كاملا وشاملا على الهجمات الصاروخية، مع إشاراته فى نفس الوقت إلى أن إسرائيل تواجه التهديد الصاروخى من بعد حرب الخليج الماضية. * ما أوضحه اللقاء بين نتنياهو ووزير الدفاع الأمريكى من توضيح استعداد تل أبيب الرد بمنتهى القوة لوقف الهجمات «الإرهابية» والصاروخية التى تتعرض لها وأن المجتمع الإسرائيلى لا يمكن أن يتحمل هجمات بمثل هذه القوة فى الوقت الذى أكد فيه الجانب الأمريكى أن العلاقات الأمنية الثنائية تعد هى البديل لإظهار منطقة خاصة مليئة بالتهديدات والفرص معا. * إصدار وزير الدفاع الإسرائيلى أوامره للبدء فورا فى نشر البطارية الأولى لمنظومة القبة الحديدية المضادة للصواريخ جنوب البلاد وذلك منذ منتصف الأسبوع الماضى وهو ما جاء مصحوبا بعرض من باراك يوضح استعداد بلاده المشاركة فى أى إجراءات جادة تهدف للتسوية اللازمة بالمنطقة مع تركيزه على ضرورة ترسيم الحدود مع الأخذ فى الاعتبار العوامل الأمنية للتوصل إلى دولة يهودية وأخرى فلسطينية. * كما اتجه نتنياهو لإطلاق مجموعة من الأفكار حول الأوضاع فى المنطقة، ومنها أن الصراع سوف يستمر لرفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية وأنه يتطلب الابتعاد عن المطالبة بحق العودة وأن السلام يعد هدفا وغاية لإسرائيل فى حين أن الفلسطينيين ليسوا مستعدين للتفاوض مع تأكيده أن إسرائيل ستتخذ جميع أساليب التصرف لمواجهة حملة نزع الشرعية عنها مع تلميحه أيضا إلى أنه كلما ازدادت قوة إيران من الصعب التوصل للسلام بالمنطقة مع إشارته كذلك إلى عدم الارتياح للتحركات التى ينوى الجانب الفلسطينى الإعداد لها من خلال التوجه للأمم المتحدة فى سبتمبر القادم وإعادة نتنياهو أيضا طرح فكرة أهمية بقاء القوات الإسرائيلية على حدود نهر الأردن وذلك لمواجهة دخول الصواريخ إلى الضفة وتهديدها إسرائيل. الأفكار على النحو السابق أصبحت تضع شروطا جديدة لإمكانيات التحرك السياسى بالمنطقة ويكاد أن يكون الأهم فيها هى محاولة التشويش على إمكانيات تلاقى القيادة الفلسطينية مع حماس لمراجعة السياسات والتوجهات وصولا إلى إنهاء الانقسام بينهما وكما لو كانت هناك مصالحة قريبة تسعى إسرائيل إلى إفشالها مقدما أو الحصول على أقصى ما يمكن من ثمن سياسى ارتباطا بإمكانيات اتمامها من ناحية أخرى.