يواجه الجهاز المصرفى فى مصر مخاطر عديدة بسبب ارتفاع قيمة المخزون العقارى لدى البنوك إلى 16.5 مليار جنيه وفقاً لإحصائيات البنك المركزى، فى ظل الركود الذى يسيطر على سوق العقارات والذى يحول دون استثمار البنوك للأصول العقارية التى يستحوذ عليها نتيجة تسوية مديونات المتعثرين وفقاً لمبادرة البنك المركزى لتسوية هذه المديونات بشرط إلزام البنوك بالتخلص من تلك الأصول خلال فترة زمنية لا تتجاوز خمس سنوات. أكتوبر تستعرض آراء الخبراء حول التحديات التى تواجه الجهاز المصرفى فى إدارة تلك الأصول والتخلص منها عن طريق البيع أو إدراجها ضمن أنشطة البنك فى سياق التحقيق التالى: هشام شوقى مدير عام الاستثمار ببنك الاستثمار العربى أكد أن البنك لديه الكثير من الأصول العقارية التى استحوذ عليها نتيجة لتسوية مديونيات وتسوية قروض لبعض رجال الأعمال والشركات. وبالتالى يجب على البنك استثمار تلك الأصول والتعامل معها أو محاولة بيعها واسترداد قيمتها، مشيراً إلى أن تلك المحاولات كثيراً ما تفشل، وعلى سبيل المثال لم ينجح بنك الاستثمار العربى فى بيع استوديو أحمس تنفيذاً لقرار المحكمة الاقتصادية رقم 18 لسنة 2001 بالبيع بحق الانتفاع، وأوضح أن المزاد لم يلق إقبالاً جماهيرياً كما كان متوقعاً له، على الرغم من توزيع عدد كبير من كراسات الشروط مشيراً إلى أن المزاد شهد غياب السينمائيين ومعظم المستثمرين. وأكد هشام شوقى أن مثل هذه الحالات تسبب الكثير من الحيرة بالنسبة للبنك، خاصة أن أى بنك يجب عليه التخلص مما لديه من أصول عقارية فى غضون خمس سنوات وهى المدة القانونية مؤكداً أن هذه المدة غير كافية فى ظل تقلبات السوق. وتؤكد المستشار المصرفى لبنك التمويل المصرى السعودى بسنت فهمى أن الأصول العقارية التى آلت إلى البنوك نتيجة لتسوية مديونيات العملاء المتعثرين تحمل العديد من التأثيرات السلبية شديدة الخطورة على القطاع المصرفى نتيجة طبيعية لهذه الأصول حيث إنها أصول غير إنتاجية، كما أنها ليست تجارية فهى عبارة عن منتجعات وقرى سياحية وشركات منهارة ومحلات مفلسة، وترى أهمية التخلص من هذه الأصول خلال المرحلة الراهنة، حيث إنه من المتوقع انخفاض قيمة العقارات خلال الفترة القادمة بشكل كبير نتيجة الركود الذى أصاب السوق العقارى منذ الأزمة المالية حتى الآن. دراسات جدوى/U/ ويرجع د. يسرى طاحون أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا أسباب زيادة الأصول العقارية لدى البنوك لعدم وجود دراسات جدوى فعّالة من جانب البنوك قبل تمويل المشروعات. وبالتالى يتعثر المشروع وتؤول ملكية الأصول العقارية للبنك، ويضيف أنه على سبيل المثال ما زالت البنوك تقوم بتمويل مشروعات القرى السياحية والمنتجعات رغم زيادة العرض على الطلب بمعدلات كبيرة، علاوة على فشل عمليات التسويق لهذه المشروعات. وأكد ضرورة تفعيل إدارة البحوث بالبنوك لتقييم المشروعات بشكل دقيق وفعّال قبل تحويلها علاوة على ضرورة الاستعانة بذوى الخبرة المجردين من المنفعة فى تقييم مثل هذه المشروعات.. وفى هذا الصدد أكد ضرورة الاستعانة بأساتذة الاقتصاد بالجامعات المصرية الحكومية وذلك لاستبعاد نسبة الفساد عن البنك وتوفير التقييم الصحيح والفعّال للمشروعات قبل تمويلها. وأكد د. طاحون أن البنوك دورها تمويلى وليس تسويقيا ولذا فإن استمرار البنوك فى تمويل مثل هذه المشروعات دون الاعتماد على دراسات جدوى فعّالة يمثل خطراً يهدد النشاط الاقتصادى خاصة فى ظل غياب التخطيط الواعى لتوجيه عمليات الائتمان، وعدم وجود صناديق احتياطى للكوارث فى مصر وهو ما يترتب عليه حدوث تداعيات شديدة الخطورة فى حالة فشل البنوك فى إدارة مخزونها العقارى وغياب الخطط المدروسة لتوجيه الائتمان لصالح التنمية الاقتصادية. ومن جانبه يؤكد د.سامى نجيب رئيس شعبة إدارة الإحصاء والتأمين بأكاديمية البحث العلمى أن الأصول العقارية التى تؤول ملكيتها للبنوك نتيجة لعمليات تسوية مديونيات المتعثرين توفر الضمانات اللازمة للبنوك لعملية السداد، ويوضح أن إدارة البنوك لهذه الأصول لا تأتى بهدف الاستثمار. وإنما تتخذ كضمانات، ولذا فإن إدارة البنك لهذه الأصول تعد أفضل من إدارة العملاء المتعثرين.. وفى ذات الوقت يمكن إدارتها بشكل أفضل من جانب أصحابها إذا توافرت لهم عناصر الخبرة الجيدة. تحديات تواجه المصارف/U/ ويكشف د. أيمن محمد إبراهيم - الخبير المصرفى - عن كيفية مواجهة البنوك للتحديات التى تواجه إدارة الأصول ويقول تلجأ البنوك إلى طريقتين لإدارة الأصول العقارية والهروب من المدة الزمنية التى حددها البنك المركزى للتخلص من هذه الأصول بحد أقصى خمس سنوات، الطريقة الأولى تتضمن إدراج الأصول العقارية إلى أنشطة البنك على سبيل المثال يتم تحويله إلى فرع من فروع البنك فى حالة أن يكون الأصل العقارى عبارة عن مبنى، والطريقة الثانية تتضمن إنشاء شركات مساهمة يتم نقل الأصول العقارية إليها موضحاً أن البنوك تمتلك معظم الأسهم لمثل هذه الشركات، مشيراً إلى أن نسبة نجاح البنوك فى إدارة الأصول العقارية تقدر بحوالى 40%، ومن ناحية أخرى أوضح أن حجم التصرف فى المخزون العقارى للبنوك ضعيف انعكاسا للكساد فى السوق العقارى، وأكد أن نجاح البنوك فى إدارة الأصول العقارية يتطلب خلق أنشطة استثمارية جديدة بالمساهمة مع مستثمرين من خارج البنك فى مجالات متعددة تتفق مع طبيعة الأصول منها على سبيل المثال إقامة الوحدات السكنية والفنادق والمنشآت الصناعية علاوة على إمكانية الاستثمار فى مجال الإصلاح الزراعى، وأضاف أن الأصول البسيطة أيضاً من الممكن الاستفادة منها خلال مشروعات استثمارية توفر تمليك وحدات عقارية للمواطنين ذوى الدخول البسيطة على أن يكون السداد على فترة زمنية أطول. التسويق خارج مصر/U/ وذكرت دكتورة سوزان حمدى مدير عام الإدارة المركزية للأسواق المالية والاستثمار ببنك مصر أنه سيتم توظيف فروع البنك فى الإمارات ولبنان وأوروبا ضمن عملية تسويق الأصول العقارية للبنك، كما أنه سيتم عرض جانب من هذه الأصول على المصريين العاملين بالخارج بهدف فتح أسواق جديدة لتسويق الأصول العقارية. وذكر مصدر مسئول بالبنك الأهلى أن البنوك تحرص على تطوير الأصل العقارى وتحقيق أقصى استفادة منه والكثير من البنوك أصبح لديها إدارات متخصصة للأصول العقارية، وأشار إلى أن البنوك مارست هذا النشاط منذ بداية التسعينات عندما طفت على السطح مشكلات المتعثرين عن سداد المديونيات، مشيراً إلى أن نجاح البنوك فى إدارة الأصول العقارية يتوقف على حركة السوق بشكل عام.