لاشك أن نجاح رئيس الوزراء الإيطالى سيلفيو بيرلسكونى فى مجلس النواب فى التصويت على حجب الثقة ب 314 مقابل 311 سيبقى حكومة اليمين الوسط التى يتزعمها فى السلطة متعلقة ببضعة أصوات وذلك رغما عن معارضى الحكومة الذين غضبوا من نتيجة التصويت وألقوا الألعاب النارية على السيارات وقنابل الطلاء وقنابل الدخان على البرلمان الايطالى وعلى وزارة الاقتصاد، كما اشتبكوا مع شرطة مكافحة الشغب وذلك فى أسوأ أعمال عنف تشهدها روما على مدى سنوات بعد نجاة رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكونى بصعوبة من تصويت على حجب الثقة. وتحول شارع فيا ديل كورسو وهو الشارع الرئيسى الذى يمتد عبر المركز التاريخى فى روما قرب مكتب بيرلسكونى ومقر بعض من أشهر المتاجر بالعاصمة إلى ساحة حرب وسط الدخان وقنابل الغاز والأشخاص الذين تلطخت وجوههم بالدماء.. وقالت الشرطة إن 50 شخصا على الأقل أصيبوا بينهم عدد من رجال الشرطة كما تم احتجاز 40 آخرين. وأغلب المحتجين من الطلاب وإن كان بينهم عمالا ومهاجرين. وأظهرت لقطات تلفزيونية عشرات الاشخاص يرشقون قوات الشرطة بالحجارة فى حين كان الضباط الذين يرتدون سترات مكافحة الشغب يضربون المحتجين ويطاردونهم فى الشوارع الضيقة. لاشك أن هذه النتيجة عززت شهرة بيرلسكونى كسياسى قادر على النجاة فى بحار السياسة الإيطالية لكنها أضعفته كثيرا بعد أن فقد الأغلبية البرلمانية الكبيرة التى تضمن الاستقرار فى وقت عواصف اقتصادية وأخطار أزمة ديون فى منطقة اليورو. ولو كان برلسكونى خسر الاقتراع فى مجلس النواب بعد فوز واضح فى مجلس الشيوخ فى وقت سابق يوم الثلاثاء الماضى لتعين عليه أن يستقيل وهو ما كان من شأنه أن يمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة قبل أكثر من عامين من الموعد المقرر فى عام 2013. والآن بعد الانتهاء من عملية التصويت على سحب الثقة يتحول الانتباه إلى تنازلات سيتعين على بيرلسكونى تقديمها لنواب الوسط والمتمردين فى يمين الوسط لتأمين وجود ائتلاف أطول عمرا. ويشار إلى أن أحزابا يسارية - بالإضافة إلى حزب المستقبل والحرية بقيادة رئيس مجلس النواب جيانفرانكو فينى من يمين الوسط - هى التى طلبت التصويت على حجب الثقة عن حكومة بيرلسكوني. واتهم عدد من القادة السياسيين ما وصفوه بمحاولات برلسكونى وحلفائه إغراء نواب البرلمان وشراء الاصوات من المعارضة للتصويت لصالح الحكومة، وهو الأمر الذى ينفيه برلسكونى وحلفاؤه بشدة. لاشك أن بيرلسكونى واجه اختبارا صعبا بعد خلاف مع أحد أقرب حلفائه الصيف الماضي، أفقده الأغلبية فى مجلس النواب، كما واجه اتهامات متزايدة بالفساد، إضافة إلى سلسلة من الفضائح طالته خلال الفترة الماضى وخاصة بعد الكشف عن الوثائق الأمريكية التى سربها موقع ويكيليكس التى صفت رئيس الوزراء الإيطالى بأنه ضعيف وعديم الفائدة والفاعلية كزعيم أوروبى وأنه مرهق من شدة السهر والاحتفال.