يقبع اليمن فى زاوية حادة من التاريخ الذى يحمل ويلات الصراعات القبلية وطموحات الإنشقاقات والتفتت وكأن وحدة شطرى اليمن خيال غير قابل للتحقيق. وكذا يضيف موقعها المحورى أهمية جغرافية لكونه الجار الأقرب لدول الخليج النفطية والتى تنال النصيب الأوفر من اهتمام الدول الكبرى. تلك الدول التى تلجأ دوما إلى النفخ فى مستصغر الشرر لتشعل وتنشر الحرائق فى ثنايا المانشيتات المتعلقة بدولة اليمن فى كبريات صحفهم وباقى وسائل الإعلام المغرضة. وليس خافياً على أحد استغلالها للظروف الصعبة التى تمر بها البلاد من صراعات داخلية نتيجة لطبيعة هذا المجتمع القبلى والعشائرى القائم على فكرة التشيع والتعصب كل إلى قبيلته وعشيرته غير مبالين بالأخطار والدسائس التى يتم إعدادها على هيئة تهم سابقة التجهيز والاستناد إلى ادعاءات ملفقة ومعدة سابقاً عن إرسال طرود مفخخة تذكرنا بأسلحة الدمار الشامل التى بررت دون وجه حق لغزو العراق الشقيق، بالإضافة لتلك الرغبات الانشقاقية التى تراود البعض أسوة بواقع السودان المحزن والذى يحقق أحلام الطامعين فى تحويل الدول العربية إلى دويلات صغيرة قابلة للمضغ والابتلاع وسهلة الهضم أيضاً. النداء الأخير/U/ ولعل الخطاب الذى وجهه الرئيس اليمنى على عبد الله صالح مؤخراً يناشد فيه عناصر الأمة المتصارعة يدعوهم فيه لنبذ الانشقاقات والاتحاد لمواجهة الأخطار الخارجية علة ينجح فى لفت الانتباه لخطورة السيناريو الذى يجرى إعداده وتؤكده دراسة فى مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أجرتها الباحثة «سيمون هندرسون» ذكرت فيها (أن أمريكا تعتبر اليمن قاعدة انطلاق فى منطقة تتصف بأنها أغلى مناطق العالم بمصادرالطاقة وتشرف على مضيق باب المندب الذى يعد من أهم المنافذ البحرية فى العالم، فعبر باب المندب يتم نقل الثروات البترولية من الخليج إلى باقى دول العالم المستوردة) وهناك سبب آخر أن هذا الموقع قريب من المحيط الهندى الذى يعد الطريق الأقصر إلى البلدان الآسيوية الكبرى والبلدان الأفريقية القريبة منه وتأتى الصين على قمة الدول صاحبة القوى الاقتصادية الصاعدة والتى تسعى إلى التحكم فى الأسواق العربية والأفريقية ولذا فإن وجود بلد قوى كاليمن يتمتع باستقرار داخلى سيكون عقبة أمام أطماع الدول الكبرى التى تسعى دائما للسيطرة على مصادر الطاقة فى العالم. وقد جاءت تصريحات صلاح الصيادى الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطى اليمنى لتؤكد رغبة الولاياتالمتحدة فى التدخل فى شئون اليمن الداخلية ليس بهدف التعاون مع حكومة صالح بل تسعى للسيطرة على باب المندب وجزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندى لأن هناك مؤشرات تدل على أن المنطقة قادمة على حدث كبير لايعلم ما هو ويعتقد أن اليمن سيكون فى بؤرة هذا الحدث. ويؤكد ذلك الخطاب الذى وجهه الرئيس عبدالله صالح (68 سنة) والذى يدعو فيه إلى رأب الصدع و التعالى على الخلافات الداخلية فهو بمثابة إنذار مبكر لأهل اليمن الذين يؤيدون الوحدة بين شطرى اليمن ويدعوهم للوقوف بجانبه لمساندته كما حدث عام 1990 عندما نجح التأييد الشعبى فى التوحيد ين شطرى الأمة شماله وجنوبه واختيار الرئيس على عبد الله صالح كأول رئيس لجمهورية اليمن الموحدة وأنهوا بذلك صراعات وانقسامات فتت شمل البلاد لعشرات السنين بسبب طبيعة المجتمع اليمنى الذى يغلب عليه الطابع القبلى والمرتبط بالمؤسسة العسكرية والتى جعلت من الانضمام لهذه المؤسسة الحلم الذى يسعى إليه الشباب وكان الرئيس صالح فى سن 16 عاماً عندما انضم للجيش كأصغر مجند والتحق بمدرسة المدرعات لتستمر مسيرته التى سنتعرف عليها من خلال الوقائع والأحداث. تاريخ وصراعات/U/ فكما جاء فى كتب التاريخ، فعلى أرض اليمن قامت حضارات عظيمة منها مأرب وسبأ وحضرموت وحمير وغيرها ويذكر أنها شهدت ازدهاراً فى فترة الفتح الإسلامى فى العام الثامن الهجرى واحتلها العثمانيون ونجح الإمام المتوكل فى تحرير الجزء الشمالى من الاحتلال العثمانى أما الجزء الجنوبى فقد فرضت عليه الحماية البريطانية لينال استقلاله عام 1967 لتبدأ موجة من الاغتيالات والحروب الأهلية التى هددت الاستقرار الداخلى للبلاد حتى نجح العقيد على عبد الله صالح آنذاك فى حماية البلاد من الوقوع فى فوضى تهددها نظراً لما يتمتع به من نفوذ قوى بين القبائل وأعلنت الوحدة بين شطرى اليمن (الشمالى والجنوبى) وتم اختيار الرئيس صالح ليكون أول رئيس لجمهورية اليمن الموحدة عام 1990. ولم يستمر الحال كثيراً فقد بدأت حركات انفصالية بقيادة على سالم البيض فى الجنوب والحوثيين أحفاد الزيديين الشيعة فى الشمال لتندلع المواجهات العسكرية بين قوات الجيش وقادة الحركات الانفصالية والتى انتهت بانتصار الجيش على زعيم الحزب الاشتراكى على سالم البيض قائد التمرد فى الجنوب وهروبه خارج البلاد ونجح الرئيس فى جمع كلمة الأمة وتم إجراء أول انتخابات برلمانية عام 1994 ليفوذ بها الرئيس صالح بأغلبية ساحقة وتعلن الجماهير رغبتها فى استمرار الوحدة. أما الحوثيون أحفاد الزيديين فقد عادوا ليطالبوا بحقهم فى زعامة البلاد باعتبارهم أحفاد الزيديين الذين حكموا البلاد لأكثر من 1200 سنة وبدأت حركتهم كحركة دينية يتزعمها بدر الدين الحوثى ومن بعده جاء ابنه ليدعو للمذهب الشيعى ويبدأ بشن عمليات مسلحة ويعلن ولاءه لإيران ويطالب بانفصال الشمال ليعود تحت القيادة الزيدية سابقا والحوثية حالياً وتصدت لهم قوات الجيش بقيادة الرئيس صالح لتندلع بينهم ست حروب حتى الآن كما أنهم بدأوا فى شن هجمات على الحدود السعودية لإثارة مشاعر العداء بين الدول العربية الإسلامية تجاه اليمن الأمر الذى دفع الرئيس صالح إلى إعلان رفضه للعدوان على الأراضى السعودية وسارع بدعوة العناصر المتصارعة للانتباه للأعداء المتربصين بالبلاد ونبذ الخلافات وانضم للرئيس فى دعواه شيوخ القبائل التى مازالت تؤيد استمرار الوحدة ومانأمله هو استعادة الوعى واليقظة لكل ما يحاك ضد اليمن وتقديم الدعم المادى والمعنوى لهذا البلد الشقيق الذى استنزفته الحروب والصراعات.