خمس سنوات ليست بالعمر الطويل فى حياة الشعوب، وخمس سنوات هى تاريخ خوض الحزب الوطنى الديمقراطى الانتخابات التشريعية الماضية فى عام 2005، ليستعد فى هذا العام لخوض انتخابات جديدة يسعى فيها للحفاظ على أغلبيته البرلمانية فى مجلس الشعب القادم وسط منافسة حزبية رحّب بها الحزب مادامت تدور فى إطار الدستور والقانون والالتزام بقواعد اللجنة العليا للانتخابات. فى الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للسياسات بحضور الأمين العام السيد صفوت الشريف والسيد جمال مبارك الأمين المساعد - أمين السياسات - لم يشأ الحزب الكشف عن تفاصيل برنامجه الانتخابى الجديد مكتفياً بالإعلان عن محاوره الرئيسية انتظاراً للاجتماع المهم الذى سيعقده الرئيس حسنى مبارك مع الهيئة العليا للحزب التى تتشكل من أعضاء المكتب السياسى والأمانة العامة فى العاشر من هذا الشهر. تحت عنوان «تعهدنا بالتغيير والتطوير وأوفينا بالكثير» تم توزيع كتيب أخضر صغير اعتبره الحاضرون سجلاً لما حققه الحزب خلال السنوات الخمس الماضية وكشف حساب لوعوده وبرنامجه الانتخابى الذى خاض به الحزب انتخابات 2005، وفى هذا السجل أوضح الحزب أسس رؤيته الاستراتيجية وأبرزها إرساء الدعائم السياسية للدولة المدنية الحديثة وإعادة صياغة دور الدولة لتحقيق الانطلاقة الاقتصادية ودفع معدلات التشغيل والتمسك بالبُعد الاجتماعى وجودة الخدمات كركيزة للإصلاح الاقتصادى. وأشار السجل فى مقدمته إلى أن الحزب تبنى ولا يزال رؤية استراتيجية حاكمة لكيفية التعامل مع مختلف السياسات العامة وقضايا الإصلاح بجوانبها المختلفة. وأشار سجل الحزب الوطنى إلى أن هذه الإصلاحات أحدثت تغييرًا حقيقيًا فى مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأحوال المعيشية للمواطن وجودة الخدمات ووسع دائرة المشاركة فى الحوار الوطنى حول مستقبل مصر، وقال إن الحزب يتفاخر بما تحقق. نعم من حق «الوطنى» أن يتفاخر بما أنجزه ولكنه يعلم أن المواطنين ينتظرون منه الكثير أيضا، ولعل ذلك ما دفع السيد جمال مبارك بعد شرح كيفية إعداد البرنامج الجديد ومشاركة جميع مستويات الحزب التنظيمية فى وضع أفكاره وملامحه للتأكيد على أن برنامج الحزب يشمل برنامجا عاما يغطى تعهدات الحزب على المستوى القومى و254 برنامجا محليا لكل مرشحى الحزب فى جميع الدوائر فضلا عن برنامج خاص لمرشحات كوتة المرأة. برنامج الحزب الجديد لم يكتف بما حققه الحزب خلال السنوات الخمس الماضية، ولكنه أضاف رؤية جديدة لحل المشاكل الجماهيرية والتجاوب مع طموحات المواطنين خلال السنوات الخمس القادمة، ويشتمل البرنامج الجديد على محاور ذات أولويات خاصة منها زيادة فرص العمل كأولوية قصوى وتحسين مستوى الدخول ومواجهة التضخم ومحاربة الفقر ومحور مستقل لتحسين وجودة التعليم وآخر للتأمين الصحى وتطوير خدمات المستشفيات العامة إلى جانب محور للمرافق خاصة الصرف الصحى والمياه والأحوزة العمرانية للقرى، وآخر للإصلاح الديمقراطى والمشاركة الشعبية الذى يركز على تطوير المحليات وإحالة قانون جديد للإدارات المحلية للدورة التشريعية المقبلة، ومكافحة الفساد كجزء أساسى فى البرنامج بقانون الوظيفة العامة وتنظيم إدارة أراضى الدولة، والأخير للسياسات الخارجية والحفاظ على الأمن القومى يتعامل مع المتغيرات العالمية والإقليمية والمحلية خلال السنوات المقبلة، ويشمل البرنامج جزءا خاصا للموازنة يتحدث عن تحديد الموازنات المالية بالأرقام لكل محور والتكلفة المطلوبة، بالإضافة إلى رؤية الحزب للموازنات خلال السنوات المقبلة وكيف تكون محفزة للنشاط الاقتصادى. هذه إذن المحاور الأساسية للبرنامج الانتخابى للحزب الوطنى الديمقراطى، وهى كما نرى تركز بشكل أساسى على قضايا وهموم الناس الاقتصادية والاجتماعية وتؤكد إصرار الحزب على مواصلة نهج الإصلاح السياسى والاقتصادى والتشريعى، وتبقى بعد ذلك قدرة الحزب وأدواته الإعلامية فى إيصال هذا البرنامج بما يحمل من انحياز للناس ومصالحهم وتحويله إلى واقع ملموس يمس حياة المواطنين ويدفع عنهم حملات الدعاية المضادة التى تستغل معاناتهم فى الهجوم على سياسات الحزب وإنجازاته. ويبقى أيضا دور الحزب فى التصدى لكل خروج على الدستور والقانون واتخاذ موقف حاسم وسريع تجاه كل من يخرج عن الشرعية، وكما أكد الأمين العام للحزب السيد صفوت الشريف أن الناس تنتظر- رغم ما تحقق- الكثير من الحزب الوطنى، وهى تراهن وتثق فى قدرة الحزب على تحقيق أمانيها وطموحاتها فى حياة أفضل وقانون يسود الجميع وانتخابات حرة ديمقراطية ونمو اقتصادى واستقرار يحافظ على البلاد من أجل وطن ترتفع فيه رايات العدالة والمواطنة، وطن ناهض لكل المصريين تسود فيه قيم الدولة المدنية الحديثة.