منذ عشرين عاماً وقطاعات البحث العلمى والتنمية فى مصر تحلم بأن يكون لدينا قمر صناعى للأبحاث العلمية وعلوم الفضاء وقد تحقق هذا الحلم حيث تم التعاقد مع خبراء من أوكرانيا لتصميم وتصنيع قمر صناعى صغير تم إطلاقه فى 17 أبريل عام 2007 بغرض اكتساب المعرفة ونقل التكنولوجيا الخاصة بالأقمار الصناعية لتدريب الخبراء والمهندسين المصريين.وكان التعاقد بين مصر وأوكرانيا ينص على أن العمر الافتراضى للقمر هو خمس سنوات منها ثلاث بكفاءة عالية وثلاث سنوات بكفاءة أقل أو سنتين أيهما أقرب إلا أن القمر قد اختفى قبل أن يكمل عامه الثالث، فما هى الأسباب وعلى من تقع المسئولية ومن المتسبب فى ذلك؟. وهل هناك عيوب فنية وراء اختفاء القمر؟.. وهل ستتوقف محطات الاستقبال؟.. أم أن هناك أقمارا أخرى ستساعدنا فى بث الصور المطلوبة؟. كل هذه الأسئلة تبحث عن إجابات. فى البداية يؤكد د.أيمن الدسوقى رئيس الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء أن القمر المصرى «ايجبت سات-1» لا يزال فى مداره حتى تاريخه ويتم رصده بالوسائل البرية ومن مراصد مختلفة بمواقع متعددة، مشيراً إلى أن ما حدث هو تعذر الاتصال والاستقبال، لافتا إلى أنه من الطبيعى فى مثل هذه المشروعات أن تحدث بعض المصاعب فى التشغيل خاصة أنه يتم التحكم فى القمر الصناعى على بعد كبير وارتفاع يبلغ 700 كم تقريباً ويتم ذلك بواسطة محطة التحكم الأرضية ويضيف أن مشاكل مشابهة تعرضت لها العديد من الأقمار التابعة لدول متقدمة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية فرغم أن لهم خبرة واسعة فى مجال الفضاء إلا أنه وقعت لهم أحداث مماثلة مثلما حدث مع القمر الأمريكى «لاند سات-6» والقمر الآخر «لاند سات-7» وكذلك ما حدث للقمر الفرنسى «سبوت-3» وغيرها من الأحداث المماثلة لأقمار أخرى لدول فى آسيا وأوروبا. حدث متوقع وعن حقيقة ما حدث للقمر المصرى، يقول د.أيمن الدسوقى إن القمر «ايجبت سات-1» تعرض خلال فترة عمله لمجموعة من المشاكل الفنية منها فقدان الاتصال بين محطة التحكم والقمر خلال أغسطس وأكتوبر 2009، تم بعدها استعادة الاتصال بالقمر بواسطة الفريق المصرى، ثم أعقب ذلك فقدان الاتصال مرة أخرى منذ يوم 19/7/2010 ومازالت المحاولات مستمرة لاستعادة الاتصال به مرة أخرى ويجرى ذلك عن طريق محطات التحكم سواء فى مصر أو أوكرانيا وكذلك دول أخرى صديقة. وأوضح الدسوقى أن ما حدث ليس كارثة كما صورها البعض وإنما هى أحداث متوقعة وقد استفدنا من تجربة إطلاق هذا القمر كثيراً فقد تم خلال فترة المشروع والذى استمر عشر سنوات منذ بداية التعاقد على تصنيع القمر وإطلاقه والذى بدأ عام 2001 وتدريب كوادر مصرية بلغ عددها 60 مهندساً وخبيراً، وكما تم تدريب عدد كبير من العاملين فى هذا المجال فضلاً عن تنفيذ عدد من المشروعات البحثية بواسطة الصور التى التقطها القمر التى بلغت خمسة آلاف صورة فضائية للأراضى المصرية ومنابع النيل وحدود البحيرات وتآكل أراضى الدلتا وحجم البناء على الأرض الزراعية ومخرات السيول وغيرها من المشروعات التى تمت باستخدام صور القمر العربى ايجبت سات 1. وحول ما أثير بأن الكوادر الفنية المصرية التى تم تدريبها بأموال طائلة قد تسربت للعمل بالخارج يقول د.أيمن الدسوقى إنه تم إرسال 60 مهندساً للتدريب فى أوكرانيا لمدة تصل إلى خمس سنوات ولكن خلال فترة إتمام المشروع والذى استمر عشر سنوات تسرب حوالى عشرين مهندساً وتركوا المشروع لأسباب مختلفة منهم من أراد إتمام دراسته العليا بجامعات ومراكز علمية عالمية وبعضهم للحصول على فرص عمل أفضل داخل مصر أو خارجها. تحقيق الأهداف يقول المهندس بلال الليثى مدير محطة استقبال الأقمار الصناعية: إن القمر المصرى «ايجبت سات-1» قد حقق أهدافه رغم صعوبة الاتصال به مؤخرا، حيث ظل القمر يرسل صوراً لمحطات الاستقبال طوال السنوات الثلاث الماضية بلغت أكثر من خمسة آلاف صورة فضائية لأماكن مختلفة من الأرض استخدمت فى إنجاز العديد من المشروعات البحثية، وقد بلغ العائد الذى حققه القمر اقتصادياً حوالى 25 مليون دولار قيمة الصور التى التقطها فقط. ويضيف بلال أن هناك قيمة عالية مضافة لا تقدر بثمن وهى دخولنا عصر الفضاء من باب إطلاق هذا القمر إضافة إلى الخبرات العلمية والعملية التى اكتسبناها طوال عمل القمر وكذلك تدريب العديد من الكوادر الفنية سواء فى محطات الاستقبال وفى مجال تحليل وقراءة الصور التى تم التقاطها عن طريق محطات الاستقبال. وشدد على أن العمل فى المحطات لن يتوقف أبداً لأننا نستقبل صورا لأقمار أخرى متعاقدين معها مثل القمر الفرنسى وغيرها من الأقمار الأخرى التى حصلنا على ترخيص باستقبال الصور التى تبثها. العمر الافتراضى من جانبه أكد د. ماجد الشربينى رئيس أكاديمية البحث العلمى ومساعد الوزير للشئون العلمية أن البرنامج المصرى للفضاء مستمر ولن يتأثر باختفاء أو تعذر الاتصال بالقمر المصرى «ايجبت سات-1» لأنه من الطبيعى والمتوقع أن تحدث مثل هذه المشاكل وهى ليست نهاية المطاف وإنما هى مشاكل متوقعة إضافة إلى أن القمر قد انتهى عمره الافتراضى وأن ما حدث من محاولات لاستعادة الاتصال به هو مجهود إضافى لإطالة عمر هذا العمر الافتراضى وهو كذلك تدريب على مواجهة مثل هذه المشاكل فى المستقبل، حيث إن فقدان السيطرة على أى قمر صناعى ترجع إلى أسباب عديدة منها أن يكون هناك خلل فى الأجهزة الفنية للقمر نفسه أو خلل فى دوران القمر نتيجة لظروف خاصة بعملية الاطلاق. كما يؤكد د. أيمن الدسوقى أن العمل مستمر فى تصنيع القمر الصناعى المصرى الثانى «ايجبت سات-2» والذى من المفترض تصنيعه بالكامل فى مصر بمساعدة الجانب الأوكرانى بخامات مصرية بنسبة 60% إضافة إلى إشراك الهيئة العربية للتصنيع فى إنجاز هذا المشروع والذى سيتكلف حوالى 50 مليون دولار سوف يتم تدبيرها بمساعدة جهات مختلفة فى الحكمة وبعض القطاعات المستفيدة، وأضاف: أن مشروع تصنيع القمر المصرى الثالث بأيد وخبرات مصرية 100% وأضاف نأمل أن يطلق هذا القمر قبل 2017 أما القمر الثانى والذى يجرى تصنيعه الآن بمشاركة خبراء من أوكرانيا نأمل أن ينتهى العمل فى تصنيعه قبل عام 2015.