فى حفل تكريمه بحصوله على الجائزة المئوية للجمعية العالمية لطب الأطفال وهى الجائزة التى تمنح كل 100 عام لأحد العلماء فى مجال طب الأطفال.. قدم د. حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم الأسبق ورئيس الجمعيتين المصرية والعربية لطب الأطفال نظرية جديدة فى كيفية بناء الإنسان المصرى،أكد فيها على أهمية الاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة للسنوات الخمس الأولى واستغلالها فى التعليم.. لأنها بمثابة السنوات الذهبية فى حياة أى إنسان وأن نوافد المعرفة تبدأ من الطفولة المبكرة فى السنوات الأولى وأن بدء التعليم فى السادسة أشبه باللعب فى الوقت الضائع. وقال إن الطفل فى السنوات الخمس الأولى من حياته يستطيع أن يتعلم ويتقن مهارة معينة كالكلام وعزف الموسيقى، مؤكدا أنه عندما تنقضى هذه الفترة يصبح الأمر أكثر صعوبة وأحيانا يكون مستحيلا! وأشار إلى أن نافذة الذكاء العاطفى تتفتح من السن 6 إلى 18 شهرا، بينما نافذة الذكاء اللغوى تكاد تغلق فيما بين 5 إلى 7 سنوات، بينما تغلق نافذة المهارات الحركية الدقيقة المهمة لتعلم الموسيقى والحاسب الآلى فى سن العاشرة (!!)، مؤكدا أن جميع أنواع الذكاء تتفتح فى سن مبكرة ومنها الذكاء الحسابى واللغوى والتصورى والرياضى والعاطفى والبصرى والموسيقى والعملى والاجتماعى والتوافق الحركى والقدرة على التحكم فى أنواع الحركة.. وهذا يعنى أن التعليم يجب أن يبدأ فى الطفولة المبكرة قبل سن السادسة. وكشف أن مكونات رعاية وتعلم الطفولة هى عمل جماعى يشارك فيه الوالدان والمعلمون والأطباء وأخصائيو التربية الرياضية والموسيقى والأشقاء والمجتمع.. وتعتمد هذه المرحلة على اللعب والغناء والرياضة والموسيقى وزيارة المتاحف ومشاهدة التليفزيون. وقال إن مسئولية تنمية ورعاية الطفولة هى مسئولية الدولة فى المقام الأول لأنها تمثل قضية أمن قومى تتعلق بالتوزيع الاستراتيجى لموارد الدولة، إضافة إلى أنها ذات جدوى اقتصادية عالمية. وكشف د. بهاء الدين أن هناك أدلة قوية تؤكد على أن الأغذية التى يتناولها الطفل تؤثر هى الأخرى على أدائه المدرسى والذكاء فى الكبر وتتمثل فى الرضاعة الطبيعية والغذاء المتوازن والمغذيات زهيدة المقدار مثل اليود والحديد والأحماض الدهنية الأساسية وحمض الفوليك ومجموعة الفيتامينات (ج وأ ود وب12 وب5) إضافة إلى الليكوبين لحماية القلب. وأوضح د. بهاء الدين أن الرضاعة الطبيعية تعد شيئا مهما للطفل، حيث يستفيد منها بالالتصاق البدنى بالأم والذى يؤثر إيجابيا على تركيب وظائف المخ. وأشار إلى أن الرضاعة الطبيعية توفر للطفل الإحساس بالأمان والتشجيع مما ينشط جينات تفرز مواد منشطة لنمو المخ، وكذلك تنمية الذكاء العاطفى أثناء تفتح نافذته حتى سن الثانية. وقال إن هناك علاقة إيجابية بين مدة الرضاعة الطبيعية ومستوى الذكاء، حيث إن الرضاعة الطبيعية تنمى قوة المعرفة لدى الطفل، مستشهدا بالآية القرآنية الكريمة «والوالدت يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة». كما أكد د. بهاء الدين على أهمية الموسيقى للطفل بدءاً من فترة الحمل وهو فى بطن أمه وبعد الولادة، حيث ثبت أنها تدعم وتنمى الذكاء، مؤكدا أن دروس الموسيقى فى مرحلة ما قبل المدرسة تزيد درجات الأطفال بنسبة 34% فى الاختبارات ذات الصلة بالرياضيات والعلوم. وتطرق د. بهاء الدين إلى أهمية النوم فى تفتح نوافذ المعرفة لدى الطفل الذى يساعد على تحول الذاكرة الإجرائية إلى ذا كرة مستديمة. وأشار د. بهاء الدين إلى الأخطار الجديدة التى تواجه الطفل فى الفترة الحالية وتتمثل فى التلوث البيئى وتسارع وتيرة الحياة التى تهدد الحياة العائلية والرعاية الأسرية، وتزايد ظاهرتى العنف والإيدز الناتجتين عن طوفان المواد الإعلانية غير الأخلاقية والتى تدمر قدرة المجتمع المناعية. وأكد د. بهاء الدين أن خارطة الطريق لتقدم الدول العربية تقوم على رعاية وتعلم الطفولة المبكرة كأولوية عليا فى التخطيط وتخصيص الموارد وتنمية البشر باعتبارها الطريق الوحيد للحاق بثورة الإنتاج كثيف المعرفة وحماية الأجيال القادمة من التهميش والضياع واصفا أنه الأسلوب العلمى لاختصار وتعظيم النمو الاقتصادى وتحقيق السلام قائلا: إن رعاية وتعليم الطفولة المبكرة هى الطريق الوحيد للقضاء على ثلاثية الجهل وهى الفقر والبطالة والإنتاجية المتدنية حيث تعد قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار والسلام الاجتماعى والتنمية.