وصية أنس الشريف قبل استشهاده.. أوصيكم بفلسطين درة تاج المسلمين ونبض قلب كل حر    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل الصحفي أنس الشريف في غارة على غزة    ياسر ريان: مصطفى شوبير رتمه بطئ والدبيس أفضل من شكري    جمال عبد الحميد: الدوري لا يزال طويلاً.. ولا يجب التسرع في الحكم على ريبيرو    النفطي: معلول إضافة للصفاقسي والجزيري يمتلك شخصية مصطفى محمد    ماس كهربائي.. إخماد حريق محدود داخل كنيسة قرية أبوان بالمنيا    بعد تسجيل هزة أرضية بقوة 6.2 شمال مرسى مطروح.. أهم نصائح السلامة وقت الزلازل    تتطلب مهارات.. وزير العمل: حريصون على توفير فرص عمل للشباب في الخارج    رابط نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025 علمي علوم ورياضة وأدبي فور إعلانها رسميًا    فرصة ذهبية لطلاب الإعدادية.. تخفيض الحد الأدنى للالتحاق بالثانوي بدمياط    "بعد عودته".. 10 صورة لظهور علي معلول الأول مع الصفاقسي في الدور التونسي    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على خيمة الصحفيين في غزة ل 5 شهداء (فيديو)    الإسكندرية السينمائي يطلق استفتاء جماهيري لاختيار أفضل فيلم سياسي مصري    لارا ترامب تتفاعل مع محمد رمضان لتصبح أحد متابعيه على السوشيال ميديا    يوسف الحسيني: اجتماع الرئيس بقيادات الهئيات الإعلامية يفتح آفاقًا جديدة للإعلام    تكريم اسم الفنان لطفي لبيب والإعلامي عمرو الليثي بمهرجان إبداع للشباب- (25 صورة)    خدمات علاجية مجانية.. حسام عبدالغفار يكشف تفاصيل حملة "100 يوم صحة"    نتنياهو: إسرائيل ألحقت ضررًا جسيمًا بإيران سيستمر تأثيره لسنوات    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 11 أغسطس بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    94 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة بداية الأسبوع    "تضامن سوهاج" تكرم 47 رائدة اجتماعية وتمنحهن شهادات تقدير    «لا يجب التنكيل بالمخطئين».. المسلماني: الرئيس طلب الاستعانة بكل الكوادر الإعلامية    في هولندا.. برشلونة بطلا لكأس خوان جامبر بخماسية في كومو    خالد الغندور: التوأم يوصي فتوح بالالتزام للمشاركة مع الزمالك    أزمة بين ريبيرو وأشرف داري؟ والد اللاعب يرد    «كل شوية نمشي مدرب وندفع شرط جزائي؟».. شوبير يهاجم جماهير الأهلي بسبب ريبيرو    المسلماني: الرئيس لا يريد شعبًا مغيبًا وجاهلًا (فيديو)    محافظ الفيوم يكرم أوائل الثانوية العامة والأزهرية والدبلومات الفنية    الداخلية تضبط طالبا يستعرض بدراجة بخارية    فنان شهير يتهم فتاة بالتحرش به والإساءة لزوجته وفريق بحث لضبطها    قرار هام بشأن البلوجر مونلي صديق سوزي الأردنية بتهمة نشر فديوهات خادشة    السيطرة على حريق داخل مخزن مواد غذائية فى الزيتون دون إصابات.. صور    إخلاء سبيل طالب طعن زميله في شبرا الخيمة    اتهامات لمحامي بالاعتداء الجنسي على 4 أطفال بالدقهلية    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات الأخرى ببداية تعاملات الإثنين 11 أغسطس 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025    دبلوماسية أوروبية: أي اتفاق بين أمريكا وروسيا يجب أن يشمل أوكرانيا والاتحاد الأوروبي    استشهاد الصحفي أنس الشريف بقصف إسرائيلي في غزة.. هذا آخر ما كتبه على «فيسبوك»    4 أبراج «بيحققوا النجاح بسهولة»: يتمتعون بالإصرار والقوة ويتحملون المسؤولية    كشافين في القرى للبحث عن أم كلثوم والشعراوي.. المسلماني يكشف توجيهات الرئيس    اجتماع مديري الثقافة والتربية والتعليم لتعزيز الأنشطة الثقافية والتعليمية بين الطلاب    ويزو تحكي أسرار "مسرح مصر": «أشرف عبدالباقي كان بيأكلنا ويصرف علينا من جيبه»    موظفو طيران في بروكسل يطالبون بعدم استئناف الرحلات لإسرائيل    فوائد اليانسون، يهدئ المعدة ويعالج نزلات البرد والإنفلونزا ويقوي المناعة    المنوفية تُطلق عيادات الدعم النفسي بخمس وحدات رعاية أساسية | صور    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتابع أعمال التطوير في المجمع الدولي ومستشفى الكرنك    وكيل صحة المنيا يشدد على الانضباط وتطوير الخدمات الصحية    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    "الجلاد ستيل" يضخ 3 مليارات للتوسع في الإنتاج وزيادة حصته التصديرية    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    سعر مواد البناء مساء اليوم 10 أغسطس 2025    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    اندلاع حريق في "كافيه" بقليوب.. تفاصيل    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025 للقطاعين العام والخاص    الشوربجي يشكر الرئيس السيسي على زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا للصحفيين    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأثيوبيون يعشقون مصر ويسألون عن غياب الاستثمار
نشر في أكتوبر يوم 10 - 10 - 2010

تصاعدت فى الفترة الأخيرة أزمة مصادر المياه فى نهر النيل وما صاحبها من توتر فى علاقة مصر والسودان مع دول المنبع السبع بوروندى والكونغو الديمقراطية وأثيوبيا وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا فقد بالغت بعض التقارير والتحليلات السياسية حيث تنبأت بنشوب حرب، ولكن تناسى هؤلاء الروابط الدينية والثقافية والحضارية بين هذه الدول والعلاقات التاريخية الضاربة بجذورها فى أعماق هذه الشعوب.. كل هذه الأمور دفعت «أكتوبر» إلى زيارة منابع النيل وبالتحديد منبع النيل الأزرق فى أثيوبيا لكشف عدد من الجوانب التاريخية بين الشعبين المصرى والأثيوبى على وجه الخصوص والتى كان أبرز ما يميزها العلاقات القوية بين الكنيسة المصرية ونظيرتها الأثيوبية إذ كان يتم ترسيم أساقفة أثيوبيا فى كنيسة الإسكندرية، فضلاً عن الروابط الوثيقة بين مسلمى أثيوبيا والجامع الأزهر حيث كان لهم «رواق» بالأزهر يسمى ب «رواق الجبرتة» نسبة إلى المؤرخ الكبير عبدالرحمن الجبرتى «الحبشى الأصل» ..
قبل زيارتى الأولى إلى أثيوبيا تلقيت عدداً من النصائح تحذرنى من أن الشعب الأثيوبى لا يحب مصر وأن الأثيوبيين يتسمون بالعنف، كما نصحنى آخرون بتوخى الحذر من الأمراض القاتلة المنتشرة هناك، ولكن بمجرد أن وقعت عينى على أرض هذه البلاد من الطائرة تعجبت لقدرة الخالق حيث رأيتها لوحة فى غاية الجمال، وبمجرد هبوط الطائرة فى مطار أديس أبابا رأيت ملامح أبناء أسوان والنوبة فى وجوه عمال المطار، وكان ينتظرنى عامل بالشركة الأثيوبية للطيران التى دعتنى إلى أثيوبيا ضمن وفد إعلامى من جميع أنحاء العالم لزيارة مقر الشركة والمناطق الأثرية والسياحية بأثيوبيا، وحضور مؤتمر صحفى عالمى للشركة لإعلان أنضمامها لتحالف ستار العالمى لتكون الخطوط الأثيوبية الشريك الثالث لشركة مصر للطيران فى أفريقيا.
ودار حديث بينى وبين هذا الموظف الذى كان يتحدث العربية «بتلعثم» علمت منه مقدار حبه لمصر وقال إنها تستحق لقب أم الدنيا، ثم تحدث معى بالإنجليزية، وعلمت أن اللغة السائدة هنا هى «الأمهرية»
واندهشت عندما علمت أن هناك 80 لهجة أخرى فى مدن أثيوبيا.
وأثناء الطريق من المطار إلى الفندق الكائن بوسط العاصمة أديس أبابا هالنى مشهد المتسولين المنتشرين فى الشوارع، فسألت الشاب الذى يقود السيارة عن أسباب هذه الظاهرة فأجاب بأن عدد الشعب الأثيوبى نحو 85 مليون نسمة ومعظمه عاطل عن العمل، وبوصولى إلى الفندق وجدت كل ترحاب من العاملين وعلمت منهم حبهم لمصر، وفى صباح اليوم التالى خرجت فى جولة بأديس أبابا وما لفت انتباهى قلة عدد رجال الشرطة فى الشوارع ومع ذلك لم أجد مشاحنات بشكل كبير، وتشبه العاصمة الأثيوبية نظيرتها المصرية فى الزحام المرورى، ولكن لفت نظرى النقص الكبير فى الصيدليات ومحلات السوبر ماركت بالإضافة إلى سوء حالة الشوارع وتقتصر وسائل المواصلات فى أديس أبابا على الأتوبيسات والميكروباصات، وأثار استغرابى انتشار الشركات الإسرائيلية والخليجية وغياب الشركات المصرية، وقال لى مواطن أثيوبى إن المستثمرين المصريين يمكن أن يحققوا نجاحاً كبيراً فى مجال الثروة الحيوانية فسعر البقرة هنا يتراوح ما بين 70 و 100 دولار الخروف ما بين 15 و 20 دولارا، كما تحتاج الأراضى الزراعية إلى مهندسين.
وعلمت أن مصر ممثلة فى البنك الأهلى أقامت أول نظام مصرفى اقتصادى ومالى حديث فى أثيوبيا بإنشاء بنك الحبشة عام 1905 وذلك فى زمن الخديو عباس حلمى الثانى وكان فرعاً للبنك الأهلى المصرى، حيث تولى فيما بعد مسئولية سك العملة وطبع الأوراق المالية وكان بمثابة البنك المركزى والتجارى الوحيد بأثيوبيا، وسلمت مصر البنك طواعية إلى الحكومة الأثيوبية فى عام 1931.
وفى الفرع الرئيسى لشركة الطيران الأثيوبية رأيت طائرة قديمة مثبتة فى مدخل الشركة وعليها لوحة إرشادية توضح أنها أول طائرة للخطوط الأثيوبية وانطلقت أولى رحلاتها من أديس أبابا إلى القاهرة فى صيف 1946، وأثناء تناولى وجبة الغداء سألت عن أشهر الأكلات الاثيوبية فأخبرنى المرافقون من الشركة صاحبة دعوة الزيارة أن (الانجيرا) هو أشهر الأطباق هناك وهو خبز يشبه القطائف المصرية ولكنه يتميز بإضافة البهارات الأثيوبية، ثم حضرت فرحا أثيوبيا وأخبرنى (جرما) المرافق لى أن الزواج بالمدن لا يختلف كثيرًا عنه فى مصر ولكن هناك عادات مختلفة بالقرى حيث إن العريس بعد الخطبة يرسل بقرة حلوبا إلى بيت أهل عروسه فتجمع والدة العروس اللبن وتصنع منه السمن وتقدمه للعريس كهدية ليلة زفافه ليشربه.
وفى اليوم التالى استقللنا طائرة (الفوكر 50) ذات المروحتين التابعة للخطوط الأثيوبية لزيارة مدينة (بحر دار) التى تبعد 90 دقيقة بالطائرة من أديس أبابا، ونظراً لطبيعة الأراضى الأثيوبية الوعرة لا توجد وسيلة مواصلات سهلة بين المدن إلا الطائرة.. وبحر دار هى مدينة رائعة الجمال أخذت بريقها ورونقها من بحيرة «تانا» منبع النيل الأزرق التى تتوسطها وتعتبر مصدر الرزق لكثير من أهلها، والمدينة خليط من اللون الأخضر والماء وتتزين شوارعها بأشجار النخيل، وتضم عدداً من الفنادق الراقية وسط الأشجار العملاقة وهى مقصد للسياح من أنحاء العالم ويستخدم سكانها الدراجات فى تنقلاتهم، وطلب من عدد من المواطنين الأثيوبيين عدم تصوير النيل الأزرق لأنه لديهم مثل المنطقة العسكرية ولكننى التقطت بعض الصور فى «غفلة» من المرشد وعندما سألته عن بعض المعلومات عن النيل الأزرق قال إن هذا النهر من أضخم مصادر الطاقة المائية بالعالم إذ يبلغ مستوى هبوطه نحو 1650 متراً عن سطح الأرض بينما يبدأ منبعه من بحيرة «تانا» الساحرة التى كنا نقف على شواطئها على ارتفاع 1800 متر عن سطح الأرض وهى بالمرتفعات الوسطى بأثيوبيا، وتمتلئ بحيرة «تانا» بالطمى جراء الأعداد المتزايدة من المخرات التى تصب فيها والتى تصرف مياهها فى النيل الأزرق عبر شلالات «تيسيسات» والتى يبلغ طولها 9 كيلومترات وما لفت نظرى بشدة وسط هذه الطبيعة الخلابة أن الأهالى لا يلبسون إلا «سروال» قصير من القماش مع قطعة أخرى من القماش تشبه ملابس الإحرام ويمسك بيده عصا وهو زى موحد حتى الصبية يرتدونه وما أثار دهشتى واستغرابى هو عدم استغلال الثروات الطبيعية بهذا المكان، خصوصاً بعدما علمت انتشار أشجار القهوة التى تعود إلى مئات السنين.
مدينة لا ليبيلا
كانت مدينة الملك «لا ليبيلا» آخر محطة فى رحلتنا لأثيوبيا حيث تنتشر فيها الكنائس المنشأة بطريقة العمارة الفرعونية وهو ما جعلنى أشعر بالفخر لتقدير الأثيوبيين وارتباطهم بالحضارة المصرية القديمة، وبادرت بسؤال المرشد عن كيفية نحت هذه الكنائس فأجاب أن النحت استغرق وقتاً طويلاً جداً، حيث تم نحت صخرة كبيرة لتأخذ الشكل الفرعونى القديم ثم قاموا بنحت الأبواب والنوافذ وبعدها تم الحفر داخل الصخرة إلى أن وصولوا إلى حفر النقوش والديكورات الداخلية والملاحظ أن أغلب تلك الكنائس تم إنشاؤها بحيث لا تظهر فوق سطح الأرض لأن أثيوبيا وقتها كانت فى حالة حرب مستمرة فكان لابد أن تكون هذه الكنائس غير ظاهرة لعيون الأعداء، وعندما بادرته بالسؤال عن تاريخ بناء هذه الكنائس قال إن المؤرخين غير متفقين على وقت محدد فالبعض يعتقد أنه تم إنشاؤها قبل القرن الثانى عشر، واللافت للنظر أن تلك الكنائس لازالت حتى اليوم عامرة بالقساوسة والرهبان وتتلى فيها التراتيل والترانيم، وهو ما جعل «لا ليبيلا» مدينة مقدسة فى منظومة أثيوبيا الدينية الأرثوذكسية ويأتى إليها الحجاج من كل أنحاء أثيوبيا.
ومن خلال تلك الزيارة يتضح عمق العلاقات والترابط الثقافى بين الشعب المصرى والأثيوبى الذى يربطه شريان واحد لا يمكن الاستغناء عنه وهو نهر النيل الخالد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.