جاءت نتيجة الانتخابات الرئاسية فى البرازيل لتؤكد اقتراب مرشحة حزب العمال الحاكم ديلما روسيف من تولى رئاسة البلاد، وعلى الرغم من أن روسيف لم تنجح فى الفوز بنسبة 50% من الأصوات لتجنب خوض جولة إعادة، إلا أنها حصلت على نسبة 46.9% مقابل 32.6% لمنافسها زعيم المعارضة خوسيه سيرا – 68 عاما - ليتنافسا فى جولة الإعادة فى 31 أكتوبر الجارى. وتؤكد استطلاعات الرأى التى أجريت مؤخرا على فوز ديلما برئاسة البرازيل فى الجولة الثانية من الانتخابات مدعومة من الرئيس الحالى لولا دى سيلفا صاحب أكبر شعبية بين الرؤساء البرازيليين، وعلى الرغم من تصدرها السباق الانتخابى، إلا أن عدم حسمها للسباق من الجولة الأولى كان بمثابة مفاجأة، وذكرت وكالة رويترز أن فضيحة الفساد التى تورط فيها أحد مستشارى روسيف السابقين، وعدم ارتياح بعض الناخبين لآرائها بشأن قضايا اجتماعية – حيث نسبت لها تصريحات سابقة أيدت فيها إلغاء تحريم الإجهاض - كلفها بعضا من التأييد، وفى المقابل عزز موقف مارينا سيلفا مرشحة حزب الخضر والتى حققت المفاجأة بحصولها على 19.3% من الأصوات لتثبت أنها قوة ثالثة فى المشهد السياسى البرازيلى. ويلقب البرازيليون روسيف البالغة من العمر 62 عاما بالمرأة الحديدية، خاصة وأنها كانت عضوا فى ميليشيا مسلحة إبان الحكم الديكتاتورى (1962- 1985)، وإذا تتبعنا مسيرتها منذ البداية، نجد أنها بلغارية الأصل، حيث ولدت لأب بلغارى كان شاعرا وعضوا بالحزب الشيوعى البلغاري، هاجر إلى البرازيل وتزوج من برازيلية عقب الحرب العالمية الثانية، لينجب روسيف عام 1947. ومنذ أن كان عمرها 16 عاما انضمت روسيف لحركة طلابية مناهضة للنظام الديكتاتورى العسكرى فى البرازيل، لتنضم بعدها لصفوف الطليعة المسلحة الثورية «بالمارس» إحدى أهم الجماعات المسلحة فى هذه الأثناء، وشاركت بنفسها فى تشكيل جناحه العسكرى، لتعتقلها السلطات الأمنية عام 1970، وتمثل أمام محكمة عسكرية تدينها بالسجن لمدة 3 سنوات تعرضت خلالها لعمليات تعذيب، وبعد خروجها تزوجت من أحد أعضاء الجماعة المسلحة فى نهاية السبعينات، وتخرجت روسيف فى كلية العلوم الاقتصادية بالجامعة الفيدرالية بإقليم ريو جراندى دى سول، حيث أقامت مع زوجها لتنبغ فى علوم الاقتصاد، وتقوم بتحضير رسالتى الماجستير والدكتوراة، ولروسيف ابنة واحدة محامية اسمها باولا من زوجها الثانى كارلوس أراووجو المعروف بأنه كان ثوريا. عملت روسيف كوزير إقليمى فى مجالات المال والطاقة والتعدين والاتصالات بولاية ريو جراندى دى سول، وكان ذلك فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى، ثم انضمت لحزب العمال الحاكم عام 2001، واختارها دى سيلفا خلال فترة رئاسته الأولى وزيرة للطاقة والتعدين عام 2003، وخلال عملها كوزير للطاقة، أصبحت روسيف أحد عوامل تنمية قطاع الطاقة بالبرازيل فى السنوات الماضية، وفى ظل فضائح الفساد التى اندلعت فى البلاد وأطاحت بعدد من الوزراء المقربين لدى سيلفا فى 2005 وقع اختيار الرئيس على روسيف لتشغل منصب وزيرة شئون الرئاسة. ولم يتخيل أحد أن تتحول روسيف إلى مرشحة للرئاسة عن حزب العمال نظرا لافتقارها إلى «الكاريزما» مقارنة مع دى سيلفا، بجانب انضمامها المتأخر لصفوف الحزب، ولكنها استطاعت إعداد حملة انتخابية ناجحة مستفيدة من شعبية دى سيلفا وانتعاش الاقتصاد. وبشكل عام سيحدد يوم 31 أكتوبر الجارى مستقبل الرئاسة فى البرازيل، فإما أن تكون ديلما روسيف أول امرأة تتولى منصب الرئاسة فى البرازيل، أو يستطيع زعيم المعارضة خوسيه سيرا أن يحقق المفاجأة ويفوز بالانتخابات.