مازال الغموض يكتنف حوادث التسمم التى تتعرض لها مدارس البنات فى أفغانستان، والتى كان آخرها فى 28 أغسطس الماضى بمدرسة ذبيح الله اسماتى الثانوية بالعاصمة الأفغانية كابول وأصيب فيه 48 من التلميذات والمدرسات. وجاء هذا الحادث بعد ثلاثة أيام فقط من إصابة نحو 46 تلميذة و9 مدرسات بمدرسة تويتا الثانوية للبنات بكابول بحالة تسمم، تم على أثرها نقلهن إلى المستشفى. وكان هذا الحادث هو الخامس الذى يسجل فى مدارس البنات فى كابول خلال العام الحالى والحادى عشر على مستوى أفغانستان من دون أن تتضح أسبابه أو الجهة الواقفة وراءه. ومن جانبه صرح المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية زاماراى باشارى بأن الشرطة ألقت القبض على عدة أشخاص على صلة بحوادث التسمم فى كابول، إلا أنه رفض الإدلاء بأى تفاصيل لوسائل الإعلام. وأضاف أن عينات الدم التى تم أخذها من المصابات تم إرسالها للفحص فى تركيا. ورجح مصدر طبى أن تكون الفتيات تم تسميمهن باستخدام مادة ينقلها الهواء ويقول مسئولون إنها قد تكون نوعا من الغازات حيث إن الفتيات المصابات أكدن أنهن شممن رائحة غريبة قبل أن يفقدن وعيهن. كما كشف مسئولون بوزارة الصحة الأفغانية أنه فى حوادث مشابهة فى قندوز وكابول اكتشف المحققون احتواء عينات الدم المأخوذة من المصابات على كمية كبيرة من مادة الفوسفات العضوى التى توجد عادة فى المبيدات الزراعية والحشرية وتستخدم فى تطوير الأسلحة الكيماوية مثل غاز سارين، وتتضمن أعراض التعرض للفوسفات العضوى الإصابة بالصداع والدوار والغثيان ومشكلات فى التنفس وهى نفس الأعراض التى ظهرت على المصابات فى الحادثين الأخيرين. وبالرغم من أن التحقيقات مازالت مستمرة وبالرغم من أنه حتى الآن لم تعلن أية جهة مسئوليتها عن هذه الاعتداءات، فإن أصابع الاتهام تشير إلى حركة «طالبان» خاصة أنها لا تحدث إلا فى مدارس البنات أو المدارس المختلطة خلال الساعات المخصصة للفتيات، ومعروف عن طالبان معارضتها لذهاب الفتيات إلى المدارس وقد حظرت تعليم الفتيات خلال حكمها لأفغانستان منذ عام 1996 إلى عام 2001، وخلال الأعوام الماضية أشعلت الحركة النيران فى عشرات المدارس وهددت المعلمين بل هاجمت تلميذات المدراس بالمناطق الريفية. وردا على هذه الاتهامات، قال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد فى اتصال هاتفى مع صحيفة نيويورك تايمز إن معارضة طالبان لتعليم الفتيات لا يعنى لجوءها إلى مثل هذه الهجمات، مؤكدا «أننا لم ولن نفعل هذا ضد فتيات بريئات». ومن ناحية أخرى، يرى بعض المحللين السياسيين أن جهات معادية لطالبان هى التى تقف وراء هذه الاعتداءات بهدف إضعاف شعبية الحركة فى الوقت الذى يدور فيه الحديث عن إمكانية دخول الحكومة الأفغانية فى مفاوضات معها. وبالرغم من أن الاعتداءات لم تسفر حتى الآن عن أية حالات وفاة، فإنها نجحت فى إثارة الخوف والقلق لدى الأهالى لدرجة أن بعض العائلات بدأت تفكر فى إخراج بناتها من المدرسة، حيث يقول سامى الله والد إحدى الطالبات بمدرسة ذبيح الله اسماتى، إنه يفكر فى إبقاء ابنته فى المنزل إذا لم تتحسن الأوضاع. ويشير تلميذ بإحدى المدارس الثانوية بإقليم كابيسا إلى انخفاض نسبة حضور الفتيات فى المدرسة منذ تعرضها لهجوم من هذا النوع منذ شهرين، فالمدرسة تضم 650 فتاة، إلا أن نحو نصف هؤلاء التلميذات توقفن عن الذهاب إلى المدرسة بعد ذلك الحادث، على حسب قوله. أما حكمة الله، أحد سكان إقليم غزنى، فيقول إنه بعد عدد من حوادث التسمم هناك وفى أقاليم أخرى أجبرت 13 طالبة فى منطقته من جانب آبائهن على عدم الذهاب إلى المدرسة . وأضاف «لقد منعت ابنة أخى عن الذهاب إلى المدرسة. إذا لم يكن شرف وأمن بناتنا مضمونا فإن تعليمهن لن يفيدنا فى شئ». وبالإضافة إلى هذا يخشى البعض أن تكون هذه الهجمات مقدمة لهجمات مماثلة أكثر ضررا وأوسع نطاقا ضد السكان بوجه عام.