إن إدمان الإنترنت لا يُصيب البالغين فقط بل الأطفال أيضاً، خاصة مع توافر الجديد كل يوم من ألعاب الكمبيوتر، وهذا الإدمان ينعكس سلبياً وبشكل أكبر على حياة الطفل ومواعيد نومه ودراسته، ويصبح انطوائياً لا يخرج مع أصدقائه أو يمارس أي هوايات أخرى سوى الجلوس على الشبكة بلا كلل أو ملل. في دراسة أجراها د. جون جرو هول أستاذ علم النفس الأمريكي ، على أشخاص اعتبرهم مدمنين للإنترنت من ثقافات ودول مختلفة بما فيها دول عربية، واعتمد فيها أيضاً على التواصل مع هؤلاء المرضى عن طريق الحوارات الحية في غرف الدردشة أو البريد الإلكتروني، فأشارت إلى أن إدمان الإنترنت عملية مرحلية، واستنتج أن المستخدمين الجدد للإنترنت في العادة هم الأكثر استخداماً وإسرافاً في الدخول للشبكة بسبب انبهارهم بها، وبعد فترة يحدث لهؤلاء المستخدمين خيبة أمل؛ بسبب عجزهم عن تحقيق طموحاتهم واحتياجاتهم الشخصية من خلالها، إلا أن بعض هؤلاء المستخدمين تطول معهم المراحل الأولى ولا يستطيعون تجاوزها إلا بعد فترة، وهؤلاء من أكثر الفئات تعرضاً للوقوع في إدمان الإنترنت. كما توصل "هول" إلى نتيجة مفادها أن الأشخاص المعرضين للإصابة بإدمان الإنترنت، عادة ما يكون لديهم انجذاب شديد للإثارة العقلية التي يوفرها لهم الكم الهائل من المعلومات الموجودة على الإنترنت، وأن مدمن الإنترنت يشعر بحالة من القلق والتوتر الشديدين عندما يتم فصل جهاز الكمبيوتر الذي يستخدمه عن شبكة الإنترنت، كما أنه يصبح في حالة ترقب مستمرة لفترات استخدامه القادمة على الإنترنت، ولا يشعر بمرور الوقت طالما كان متصلاً بالشبكة وحذرت جمعية علماء النفس الأمريكيين في مؤتمر عقدته مؤخرا ، من أن ظاهرة إدمان الإنترنت حول العالم ليس في الولاياتالمتحدة فقط، فقد أوجدت فئة اجتماعية جديدة من النساء اللائي أطلق عليهن اسم أرامل الإنترنت؛ بسبب تورط أزواجهن في علاقات غرامية غير شرعية على الشبكة تسبب في إهمال الأزواج لواجباتهم الزوجية أو الانصراف عنها، بالإضافة إلى إهمال الواجبات المنزلية الأخرى، كما أن قضاء مدمن الإنترنت لساعات طويلة أمام الشبكة يؤدي إلى آلام الظهر وإرهاق العينين، وتراجع مستوى الأداء في العمل أو الدراسة. وينصح علماء نفس الإنترنت الزوجات اللائي يقع أزواجهن ضحية لإدمان الإنترنت أو أرامل الإنترنت بالاعتماد على أنفسهن في علاج أزواجهن، بدلاً من اللجوء إلى خبرات آخرين قد يمتلكون الخبرة العملية والعلمية ولكنهم لا يستطيعون مرافقة الأزواج طوال اليوم، ومن النصائح التي يشدد عليها الخبراء للزوجات أن يتوقفن عن الشجار مع أزواجهن بسبب إدمان الإنترنت، وأن يلجأن بدلاً من ذلك للحوار مع الزوج وإقناعه بطرق مختلفة أن ينتظر حتى يتناول إفطاره، ويجلس لربع ساعة مع باقي أفراد الأسرة قبل أن يبادر بفتح صندوق بريده الإلكتروني، وأن تعيد الزوجة ترتيب المنزل بحيث يكون مكان الكمبيوتر في حجرة المعيشة وليس في حجرة النوم مثلاً، ومساعدة الأزواج المدمنين للدخول للشبكة على إعادة توزيع ساعات الاتصال بها، والتقليل منها تدريجياً إلى مستوى آمن يدور حول 20 ساعة أسبوعياً فقط وتنظيم هذه الساعات بتوزيعها على أيام الأسبوع، كما ينصح الخبراء الزوجات أيضاً بإدارة جلسات حوار بين أفراد الأسرة؛ لتبادل الرأي في مشاكلها مع دفع الزوج تدريجياً للانغماس والقيام بزيارات اجتماعية للأقارب، وقضاء وقت أكبر في الرياضة لمساعدة مدمن الإنترنت على تذوق طعم الحياة الحقيقية. عن ظاهرة إدمان الإنترنت يقول لطفي السيد ، أخصائي اجتماعي،: إن كثيراً من مستخدمي الإنترنت مصابون بما يعرف بإدمان الإنترنت، وإن إدمان الإنترنت سيؤدي حتماً إلى ضياع الوقت، خاصة أن الكثير من الآباء أصبحوا لا يملكون زمام الأمور أمام إدمان أبنائهم للإنترنت، هذا بالإضافة إلى أن غرف الدردشة أصبحت بالفعل المكان الوحيد الذي يستطيع فيه الإنسان العربي الحديث بصراحة بلا أي خوف، ويقول ما لا يستطيع أن يقوله أمام الآخرين سواء كان ذلك في السياسة أو الجنس، فهو يفرغ كل ما يُعانيه من إحباط وكبت المشاعر؛ لذلك يغرق مدمن الإنترنت في عالم يمكن أن يؤدي به في النهاية إلى الانفصال التام عن حياته الواقعية، أما البالغون فلا رقيب عليهم غير أنفسهم، وعلى مدمن الإنترنت أن يعي حينما يجلس في كل مرة أمام الإنترنت أنه قد يفقد الكثير بسبب انعزاله عمن حوله سواء كان ذلك على المستوى الشخصي أو الاجتماعي أو العملي. كما أظهرت دراسة أخرى ، شملت 15 دولة عربية، أن عدد مستخدمي الإنترنت بصورة مستديمة وبمعدل دخول يومي على الشبكة في العالم العربي وصل إلى أكثر من 17 مليون مستخدم. وأظهرت الدراسة أن معدل مستخدمي الإنترنت في المنطقة العربية يتراوح بين 2.5 مستخدم لكل جهاز كمبيوتر في منطقة الخليج، و8 مستخدمين لكل جهاز في مصر، إلا أن الدراسة أوضحت أيضاً أن دولة الإمارات تحتل قائمة الدول العربية الأكثر استخداماً للشبكة، مقارنة بعدد السكان بنسبة 150 مستخدم لكل ألف مواطن، وتحتل قطر المركز الثاني بنسبة61 مستخدماً في الألف، ولبنان في المرتبة الثالثة بنسبة 57 مستخدماً في الألف، ثم الكويت بنسبة 50 مستخدماً، وعمان بنسبة 20 مستخدماً، ثم الأردن بنسبة 14 مستخدماً، ثم تونس في المركز الثامن بنسبة 12 مستخدماً لكل ألف مواطن، إلا أن الدراسة حظرت أيضاً مما أسمته الاستخدام غير الرشيد للإنترنت.