أثارت لائحة الجزاءات التي أعلنها المجلس الأعلى للإعلام، جدلا واسعا بين الكثير من الرافضين لها شكلا ومضمونا وبين المؤيدين لها، وحالة سخط من الصحفيين الذين ينظرون إلى تلك اللائحة على أنها تكميم للأفواه وتقييد للحريات، وبها تشيع مهنة الصحافة إلى مثواها الأخير ، فقد أصدر المجلس الأعلى للإعلام في 18 من مارس الماضي القرار رقم ١٦ لسنة ٢٠١٩ الخاص بلائحة الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام واتجه عدد من أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، لجمع توقيعات لرفض اللائحة ، تأكيداً منهم على أنها هجمة شرسة على حرية الصحافة، إضافة إلى أنها تعد صارخ على حق النقابة في محاسبة أعضائها . ومن ناحيته علق ضياء رشوان نقيب الصحفيين، على إصدار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لائحة الجزاءات والتدابير الخاصة بالجهات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. في بيان له قائلا " إن ما أثارته بعض مواد اللائحة من لغط واعتراض واسعين في أوساط الجماعة الصحفية المصرية عمومًا وأعضاء نقابة الصحفيين خصوصًا، فإن نقابة الصحفيين في تشكيلها الجديد، نقيبًا ومجلسًا، سوف تناقش كل مواد هذه اللائحة فور الانتهاء من تشكيل هيئة مكتبها، في ضوء تقرير الملاحظات الذي سبق لمجلس النقابة في تشكيله السابق، الذي أقره في جلسة 8 يناير 2019، وقام بإرساله للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام". وأضاف نقيب الصحفيين : إن النقابة ستقارن اللائحة التي تم إصدارها بالملاحظات التي تضمنها التقرير المشار إليه، والذي وافق عليه مجلس نقابة الصحفيين بإجماع الحاضرين، وما تم الأخذ به منها وما تم تجاهله. وشدد على أن النقابة سوف تكون رأيها النهائي في هذه اللائحة وفقًا لمواد الدستور، وخصوصًا المواد 70، و71، و72، و77، ولقانون النقابة رقم 76 لسنة 1970، وما تضمنته جميعها من حقوق ثابتة ومستقرة للصحفيين وللنقابة دون غيرها في مساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني. وقال جمال عبد الرحيم عضو مجلس نقابة الصحفيين : إن البعض ربما لا يعرف أسباب إصدار السُلطة التنفيذية للوائح التنفيذية والتنظيمية عقب إقرار البرلمان للقوانين ونشرها في الجريدة الرسمية، موضحًا أن اللوائح سواء التنفيذية أو التنظيمية، تصدرها السلطة التنفيذية بهدف تفسير نصوص القوانين وتنظيم العمل الداخلي وإصدار القرارات اللازمة وفقا للنصوص القانونية. وأشار إلى أن القانون لا يجب أن يخالف النصوص الدستورية، وبالتالي قياسًا عليه، يجب ألا تخالف اللائحة النصوص القانونية، مؤكدًا أن لائحة الجزاءات التي أصدرها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، هي والعدم سواء، نظرًا أنها تخالف نصوص الدستور والقانون.. وتابع: "أعتقد أن الزملاء والأصدقاء الأعزاء بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فاتهم الاطلاع على نص المادة 94 من القانون 180 لسنة 2018 قبل إصدار لائحة الجزاءات، علاوة على أنهم تجاهلوا ملاحظات نقابة الصحفيين على اللائحة". وقال محمد سعد عبد الحفيظ عضو مجلس نقابة الصحفيين، إنه بالتنسيق مع عدد من أعضاء مجلس النقابة، وعدد من المحامين، تم الاتفاق على الطعن على لائحة الجزاءات التي أصدرها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أمام القضاء الإداري، باعتبارها قرار إداري صادر من المجلس الأعلى للإعلام. وقال عمرو بدر عضو مجلس نقابة الصحفيين : هذه اللائحة ستقضي على ما تبقى من مهنة الصحافة، واصفًا إياها ب"اللائحة المتعسفة"، مؤكدًا أنها تحاسب المؤسسات على النَفس، وتحمل اتهامات فضفاضة من نوعية "التعصب والكراهية والفسق والفجور وإهانة مؤسسات الدولة و إهانة الأديان ".وأضاف "اللائحة المتعسفة تفرض غرامات تصل إلى ٢٥٠ ألف جنيه، وتجيز إغلاق المؤسسات الصحفية بشكل مؤقت أو دائم، فضلًا عن أنها تجاهلت كل ملاحظات النقابة والرفض الواسع للصحفيين". صياغات بديلة وفي أول اجتماع لمجلس نقابة الصحفيين، ناقش المجلس لائحة الجزاءات الصادرة عن المجلس الأعلى للإعلام، وقارن نصوصها بالملاحظات التي تم إرسالها من المجلس السابق، بشأن عدد من موادها، والصياغات البديلة التي أتت باللائحة، ولوحظ تجاهل مجموعة من ملاحظات مجلس النقابة، ومن ثم قرر المجلس الطعن بمجلس الدولة على نصوص اللائحة التي تتعارض مع الدستور والقوانين، وإعلان تضامنه مع أي من الزملاء الذين طبقت عليهم هذه النصوص. وفي نفس السياق ناقش المجلس القومي لحقوق الإنسان برئاسة "محمد فايق"،لائحة الجزاءات والتدابير الخاصة لأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام وأسفرت المناقشات، عن أن بنود هذه اللائحة تضمنت قيودًا على ممارسة حرية الرأي والتعبير والصحافة بكافة وسائلها سواء المطبوعة أو المرئية أو الإلكترونية.. وقال المجلس، إن بنود اللائحة المذكورة جرى صياغتها على نحو يجعلها تتعارض مع نصوص الدستور والقانون، مشيراً إلى أن السلطة القضائية هي صاحبة الحق الأصيل بإصدار أحكام الإدانة والعقاب طبقًا للقانون. وأكدت سهام صالح، وكيل نقابة الإعلاميين، أن تلك اللائحة تتعارض بصورتها الحالية مع قانون النقابة. قائلة إن "النقابة قدمت عددًا من الملاحظات للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام للأخذ بها، إلا أن المجلس لم يأخذ بأغلبها وأقر لائحة الجزاءات وهي تحمل مواداً لا تلقى قبولًا من جانبنا ... والنقابة قدمت للمجلس ملاحظات على 5 مواد تتعلق بمحاسبة الإعلاميين، وبالفعل تم حذفهم ولكن مع استبدالهم بالمادة 27 التي تجور على حق نقابة الإعلاميين في محاسبة أي تجاوز يصدر من الإعلاميين، موضحة أن هذه المادة تخالف قانون نقابة الإعلاميين الذي يقر بحقها في محاسبة أي إعلامي في حالة التجاوز. ومن جانبه، قال مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام: "اللائحة التي صدرت لم تضف جديدًا فهي تترجم القانون حرفياً، والقضيتين الأساسيتين فيها هما حق المجلس الأعلى في منع بعض الأشخاص التي تخالف ميثاق الشرف والأكواد من الظهور، وكذلك حق المجلس في حجب بعض البرامج التي تخالف الميثاق وآداب المهنة" وتعجب "مكرم" من المخاوف المتعلقة بكون هذه اللائحة تُهدد عمل الصحفيين والإعلاميين، موضحًا أن المجلس الأعلى للإعلام أصدر خلال عامين نحو ٣٥ قرارًا، ولم يصدر قرارًا واحدًا ضد صحفي .. وأضاف، "لا أعلم لماذا يهاجمنا البعض، فلم نحاكم صحفيًا واحدًا ولم نمس أي صحفي في أي قرار إلا 5 صحفيين وتم إحالتهم إلى نقابتهم. وعن إمكانية فتح نقاش جديد حول اللائحة، قال مكرم:"نتناقش منذ سنتين وهذا أمر يخص المجلس وسبق أن أرسلت نسخة منها لعبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين السابق، والنقابة شكرتني على ذلك بعد الاستجابة لمطالبهم". وأضاف رئيس المجلس الأعلى للإعلام: "ما يحدث عملية غلوشة على الفاضي، فلم نُحاسب صحفيًا واحدًا، وجعجعة أونطة وأخذ الناس بالصوت، وهذا كلام فات أوانه، فهل يُتهم مكرم محمد أحمد بعد 80 سنة بأنه ضد حرية الصحافة؟ ليس مقبولًا محاولات تشويه أشخاص بهذا الشكل".