بلغني "ذات يوم كانت هناك مدينة، قرر أهلها أن تصير بيتًا، لأنهم أرادوا أن يصبحوا إخوةً رغم خصام الدم.. فحطموا حوائط بيوتهم وصنعوا أربعة حوائط هائلة لتصير المدينة كلها، بينها، بيتهم... صاروا جميعًا أسرة واحدة، أو هكذا اعتقدوا". هكذا ابتدأ طارق إمام مجموعته القصصية "مدينة الحوائط اللانهائية" الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية للنشر في 272 صفحة، وهي عبارة عن مجموعة من الحكايات بلغ عددها سبعا وثلاثين حكاية مقسمة إلى ثلاثة أجزاء: نساء مدينة الحوائط، رجال مدينة الحوائط، وغرباء مدينة الحوائط. وكأنها اقتطعت من ألف ليلة وليلة، مجموعة حكايات تأخذك إلى عالم غرائبي عجيب يحمل سحرا خاصا، سرد تخيلي يقومُ على مفهوم الزمكاني. إذ يطوفُ فيه القارئ في زمان غير الزمان ومدينة لا تشبه كل المدن حيث اختار أهلها أن يعيشوا كأسرة واحدة إلى أن سقطوا قتلى الواحد تلو الأخر ولم يتبقَ إلا اثنان، امرأة ورجل فقط كلاهما القاتل والضحية، منهما تتكون مجموعة بشرية جديدة، ويبداُ نسل جديد يسكنه الخوف فبني كل منهم حائطا يحميه من الآخر إلى أن بدت المدينة تشبه المتاهة بحوائط لا نهائية وبيوت دون أسقف أو أبواب.