للسنة الرابعة على التوالي، تعود تظاهرة “سينما فلسطين” بين الخامس والثالث عشر من شهر مارس الجاري، للانعقاد بمدينة تولوز في الجنوب الفرنسي، حيث توجد أعداد كبيرة من أبناء المهاجرين العرب. والحدث الذي استطاع في دوراته الثلاث حجز مكانه ضمن أجندة المدينة الثقافية، يستمر في سعيه لإطلاع الجمهور على آخر إنتاجات السينما الفلسطينية عبر طرح إسهامات أبنائها السينمائية، ما من شأنه أن يساهم في تعزيز قنوات التواصل وتقديم رؤى مختلفة للحياة في المجتمع الفلسطيني بعيدا عن الأجندات الإعلامية والقنوات الرسمية. وعبر جهود فردية وبالتنسيق والتعاون مع جمعيات عديدة تعرض دورة هذا العام في برنامجها عشرين فيلما بين روائي ووثائقي وقصير، حيث يغلب الحضور الشبابي في قائمة الأفلام المشاركة التي تعرض في صالات متعددة بقلب المدينة القديمة وفي صالات السينما بضواحي تولوز.وافتتحت التظاهرة بالفيلم الوثائقي “اصطياد الأشباح” (2017) للمخرج الفلسطيني رائد أنضوني، الحاصل على جائزة “الدب الفضي” في الدورة قبل الأخيرة لمهرجان برلين السينمائي. ويروي الفيلم الذي يدور على امتداد 94 دقيقة، فصولا من حيوات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث يعتمد العمل الوثائقي على شهادات يؤديها عدد من الأسرى المحرّرين. ويعرض أيضا فيلم “خارج الإطار أو ثورة حتى النصر” (2016) للمخرج مهند يعقوبي الذي يستعرض عبر شريطه التسجيلي مراحل الثورة الفلسطينية عبر الأعمال السينمائية التي تناولتها اعتمادا على البحث وتجميع الأفلام في مسعى لإعادة ترميم الذاكرة الفلسطينية بصريا. ومن الأفلام المشاركة تبرز عناوين عديدة نذكر منها “ملح البحر”(2014) للمخرجة آن ماري الجاسر، وفيلم “نحنا ولاد المخيم” (2017) لسامر سلامة، و”يا مريم” (2015) لباسل خليل، و”خيوط السرد” (2017) لكارول منصور. وتحتفي دورة هذا العام بالمخرج الفلسطيني إيليا سليمان الذي يعد واحدا من أهم مخرجي السينما الفلسطينية، نظرا للأفلام التي قدّمها والتي لامست روح الشارع الفلسطيني واستطاعت نقل همومه وصوته إلى بقاع عديدة حول العالم. وفي إطار التكريم ستعرض ثلاثة أفلام للمخرج الفلسطيني الأشهر، وهي “سجل اختفاء”(1996)، و”يد إلهية” (2002)، وفيلمه الأبرز “الزمن المتبقي” (2009). وتعقد خلال أيام التظاهرة ندوات فكرية حول تاريخ ومستقبل السينما الفلسطينية، ومن هذه الندوات “التراث السينمائي الفلسطيني” مع الباحثة خديجة حباشنة المسؤولة عن الأرشيف السينمائي الفلسطيني، و”قراءة في أعمال إيليا سليمان” مع طاهر شيخوني، كما ستنظم قراءات أدبية بالفرنسية والعربية من رواية “العقرب الذي يتصبّب عرقا” لأكرم مسلم، بالإضافة إلى حفلة موسيقية مع ينال ستايتي ونورس إبراهيم. وتجدر الإشارة إلى أن التظاهرة تنظم معرضا للتصوير الفوتوغرافي على امتداد أيامها بعنوان “نظرات متقاطعة حول فلسطين”، وتعرض فيه أحوال ويوميات الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.