خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية    تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري    عيار 21 يسجل أعلى مستوياته.. أسعار الذهب اليوم الجمعة بالصاغة بعد قرار المركزي    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 23 مايو 2025    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    رئيس مدينة دمنهور يتابع تنفيذ مشروعات تحسين البنية التحتية.. صور    "إطلاق النار بجنين.. 7 دول أوروبية تستدعي سفراء إسرائيل للتوبيخ    بعد مواجهة البيت الأبيض.. تعرف على جذور قضية العنصرية بين البيض والسود    أمريكا تتهم مرتكب جريمة المتحف اليهودي بالقتل من الدرجة الأولى    وزيرا خارجية الأردن وألمانيا يؤكدان ضرورة التكاتف لوقف الحرب على غزة    بعد غضب الزعيم.. كوريا الشمالية تفتح تحقيقًا بشأن حادث المدمرة    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    فلسطين.. 4 شهداء وعشرات المفقودين إثر قصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين    "بمشاركة مصر".. جوائز مالية ضخمة لبطولة كأس العرب تصل ل 36.5 مليون دولار    وزير الشباب ومحافظ الدقهلية يفتتحان المرحلة الأولى من نادي المنصورة الجديد بجمصة    كأس مصر لكرة القدم سيدات.. بين قوة الأهلى وطموح وادى دجلة    أسرة طائرة الأهلى سيدات تكرم تانيا بوكان بعد انتهاء مسيرتها مع القلعة الحمراء    أيمن يونس: الدوري هذا الموسم "باطل"    ياسر ريان: يوريتيش مدرب كبير ولا بد أن يبادر بالهجوم ضد صن داونز    نجم الزمالك السابق: ما يحدث لا يليق بالكرة المصرية    بالصور| حريق هائل بمصنع بمنطقة الروبيكي في العاشر من رمضان    وجه لها 16 طعنة وهي ونايمة، قرار من النيابة ضد طالب بالصف الأول الإعدادي حاول قتل والدته بالغربية    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بقنا    لمروره بأزمه نفسيه.. المشدد 5 سنوات للأبن العاق لقتله والدته بالوراق    تفاصيل مقتل فتاة على يد شقيقها ورميها في البحر اليوسفي بالمنيا    الفنان محمد رمضان يسدد 26 مليون جنيه لصالح شبكة قنوات فضائية    «تعليم القاهرة» يختتم مراجعات البث المباشر لطلاب الشهادة الإعدادية    عاجل- إكس: نواجه عطلا في مركز للبيانات وفرقنا تعمل على حل المشكلة    Spotify تحتفل بإطلاق أحدث ألبومات مروان موسى في مباراة "برشلونة"    عمرو سلامة: "الزمالك ضار أكتر بالصحة"    طرح البوسترات الترويجية لأبطال مسلسل «مملكة الحرير»    الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    4 أبراج «بيسيبوا بصمة».. مُلهمون لا يمكن نسيانهم وإذا ظهروا في حياتك تصبح أفضل    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    "القومي للمرأة" ينظم لقاء رفيع المستوي بعنوان" النساء يستطعن التغيير"    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين    تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج    سعر السكر اليوم الخميس 22 مايو 2025 داخل الأسواق والمحلات    مكتب نتنياهو: ترامب وافق على ضرورة ضمان عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا    م. فرج حمودة يكتب: سد عالى ثالث فى أسوان «2-2»    «المصريين»: مشروع تعديل قانون الانتخابات يراعى العدالة فى التمثيل    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    وزير الشباب والرياضة يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة    البابا تواضروس يستقبل وزير الشباب ووفدًا من شباب منحة الرئيس جمال عبدالناصر    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية (تفاصيل)    أسعار الفضة اليوم الخميس 22 مايو| ارتفاع طفيف- كم يسجل عيار 900؟    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    عرض "مملكة الحرير" قريبًا    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة ما قبل الدولة
نشر في نقطة ضوء يوم 21 - 01 - 2018

ما أعنيه بما قبل الدولة، يأتي في سياق مضاد لما يطلق عليه المابعديات، سواء تعلق الامر بالدولة أو الحداثة أو الثقافة، وقد يستغرب البعض أن بيان موت الحداثة، كما يقول ماكفرلين، صدر في برلين في أوائل القرن التاسع عشر وبالتحديد عام 1815، بحيث يصبح كل ما أعقب ذلك التاريخ ضمن ما بعد الحداثة، وقد يكون هذا مجرد اجتهاد يقبل المناقشة، لأن الحداثة ليست مناخا أو حالة واحدة متجانسة في العالم كله وفي مختلف لغاته وثقافاته، لهذا كان هنري لوفيفر يصر على أن يضيف إلى كلمة الحداثة ما يحدد الثقافة التي يتحدث عنها، فيردد كلمة حداثتنا وفي هذا التحديد يكمن مفهوم جغرفة الثقافة ورسم تضاريس لها.
وبهذا المقياس أيضا هناك من المفكرين المعاصرين من قال إن العولمة لم تظهر بعد سقوط سور برلين، أو في نهايات الحرب الباردة في القرن العشرين، بل تعود إلى عام 1492 وهو عام سقوط غرناطة، بحيث يكون عمرها قد تجاوز الخمسة قرون، وسيبقى الافق مفتوحا ومتاحا لمثل هذه الاجتهادات، تبعا للرؤى والمناهج والمقاربات المعرفية، خصوصا إذا استخدم مصطلح الثقافة كمرادف للحضارة، كما قال الشاعر ت . س . أليوت. وقد يكون كتاب الأنثروبولوجست بيير كلاستر عن مجتمعات ما قبل الدولة، من أدق المراجع في هذا المجال، لأنه أقام زمنا بين قبائل بدائية ورصد على نحو ميداني نمط الإنتاج وما يفرزه من تقاليد ومنظومات قيم في تلك المجتمعات، خصوصا في فصل بعنوان «السلة والقوس»، فالسلة ترمز إلى الأنوثة كما يرمز القوس إلى الذكورة، ما دام هناك من يقطف الثمار مقابل من يراكمها في السلال. وفي مجتمع ما قبل الدولة، يكون النفوذ لمصدر الكلام وليس للكلام بحد ذاته، ويتجسد ذلك في كل ما يصدر عن زعيم الجماعة، في نظام شبه عسكري أو إسبارطي يعتبر الخارج عنه مارقا، ومن أهم ما رصده كلاستر ما يسميه تحريم النجاح على من يحققه من خلال الصيد، فمن يصطاد حيوانا أو طائرا يحرم من حصته منه، ومن هنا نشأ الاغتراب الذي عبّر عنه صيادو القبيلة، ومعظمهم من الشبان، بابتكار لغة بديلة للغة السائدة وكأنهم يستردون نجاحهم المسروق بشكل رمزي على الأقل.
ما قبل الثقافة بمعناها الدقيق كان السائد وما يجب الاحتكام إليه هو الأعراف المتوارثة عبر الأجيال، والحقائق ليست نسبية بحيث يدعي امتلاكها كل من يشاء تبعا لمنسوب وعيه وإدراكه، لهذا فالزعيم معصوم، وما من سبيل لنقض ما يصدر عنه من أحكام، لأن قيمه ما يقوله مستمدة فقط من توقيعه ومكانته، ولأن الكلام سبق الكتابة تاريخيا ، فهو الوليد البكر لثقافة ما قبل الدولة أو الثقافة الشفوية، ويتناغم هذا مع نمط الإنتاج السائد في المجتمعات البدائية، وهو غالبا الصيد، لهذا تقاطعت طروحات كلاستر مع عالم الأنثروبولوجيا ميلونوفسكي، رغم التباين المنهجي والأيديولوجي خصوصا عندما كتب عن اكتشاف البرونز لأول مرة في التاريخ، وينتهي بعد ذلك إلى ما يسميه العلاقة بين البرونز وهزيمة المرأة الكبرى في التاريخ، حيث ظهرت بواكير الباترياركية أو المجتمع الأبوي الذكوري لأن السلاح الجديد جرّد المرأة من سلاحها الرمزي الأسطوري .
ما قبل الدولة لا توجد قوانين أو شرائع يخضع لها الأفراد جميعا بلا استثناءات ما دام هناك من يحق له ما لا يحق لسواه، بسبب المكانة الموروثة أو احتكار القوة وأدواتها، لهذا لا يمكن أن تنشأ الدراما بمختلف تعريفاتها بدءا من الصراع في مجتمعات بدائية، السائد والمقرر فيها هو الامتثال، الذي عبّر عنه شاعر عربي ينتمي إلى قبيلة اسمها غزيّة، وقال إنه مجرد صدى لها، سواء تعلق الأمر بالغزو أو الرُّشد.
والفرد في مجتمعات ما قبل الدولة مجرد رقم أصم، ولا معنى حتى للأسماء إلا بقدر ما تفرق بين فرد وآخر في القطيع، لهذا هناك قبائل ترسم بالنار شارة معينة لكل أفرادها تنوب عن أسمائهم وانتسابهم، وما يحدث على هذا الصعيد العضوي له ما يرادفه ثقافيا، فالفرد المختلف، بعير أجرب أو عنزة سوداء في القطيع، عليه أن يقبل العقاب بالإفراد والنبذ خشية من عدوى الاختلاف والتمرد التي قد تتسلل إلى الأفراد الآخرين.
وخير مثال عربي معاصر على ثقافة ما قبل الدولة، المهرجانات الإعلامية ذات الأقنعة الثقافية، التي غالبا ما تستخدم كشكل من أشكال الزكاة المحرّمة لغسل الاستبداد كما تغسل الأموال. وفي مناخات مثل هذه الثقافة سرعان ما يعود المثقف بالمعنى المجازي إلى صورته الأولى ، ويرى أن أي رأي سلبي يقال عن دولته أو بلاده ينبغي التصدي له على الفور وبغير ذلك يتعرض للتخوين والتجريم والنبذ، وما كان لمثقفين من طراز جان جينيه أو نعوم تشومسكي وسارتر وهنري ميلر وغيرهم أن يبقوا على قيد الحرية والحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.