ندوات توعوية بالمدارس حول "خطورة نشر روح التشاؤم" بالإسماعيلية    زراعة الفيوم تعقد اجتماعا لعرض أنشطة مبادرة "ازرع"    موجة تعيينات قضائية غير مسبوقة لدفعات 2024.. فتح باب التقديم في جميع الهيئات لتجديد الدماء وتمكين الشباب    الآن .. ارتفاع طفيف في سعر الدولار مقابل الجنيه بالبنوك    المدير العام ل "الفاو" يثمن جهود الرئيس السيسي والحكومة في دعم جهود المنظمة    المشاط: نعمل على استدامة معدلات النمو الحقيقي بإصلاحات اقتصادية مستمرة لتتجاوز تكلفة الاستدانة    بالأرقام تعرف على صادرات أعلى عشر سلع غير نفطية خلال الفترة من 2020 - 2025    رئيس الوزراء يستعرض المخطط الهيكلي والرؤية التنموية لمنطقة "غرب رأس الحكمة"    شعر بها المصريون.. هزة أرضية بقوة 5.24 ريختر على بعد 15 كم من إنطاليا التركية    «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم مقر «الأونروا» دون أسباب    تقارير إنجليزية: ليفربول لا يفكر فى بيع محمد صلاح رغم أزمته مع سلوت    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في محافظة قلقيلية واحتجاز جثمانه    عاجل- الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار لليوم ال59 وقصف مكثف يطال غزة    قصف مدفعي إسرائيلي متواصل في المناطق الصفراء شرق قطاع غزة    أورنتسن: ليفربول يريد استمرار محمد صلاح.. وقرار استبعاده لم يحسم    جيرارد مارتن: أشعر بالراحة كقلب دفاع.. واللعب في كامب نو محفز    مسار يختتم استعداداته للبنك الأهلي في مواجهة مؤجلة بدوري الكرة النسائية    4 ضحايا جدد لقضية الاعتداء الجنسي على أطفال داخل مدرسة بالاسكندرية    حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية    ضبط المدير المسئول عن إدارة كيان تعليمى "دون ترخيص" بالجيزة    محمد مصطفى كمال يكتب: تلف مئات الوثائق المصرية في اللوفر.. هل أصبحت آثارنا بالخارج في خطر؟    فيلم الرسوم المتحركة حلقة زمنية يفوز بجائزة أفضل تحريك بمهرجان Grand off ببولندا    محافظ جنوب سيناء وسفراء قبرص واليونان يهنئون مطران دير سانت كاترين بذكرى استشهاد القديسة كاترينا    فرقة القاهرة للعرائس المصرية تحصد جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    نيرمين الدسوقي: فيلم «الست» لم يسئ لرمز أم كلثوم    بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة فى حفظ القرآن للإناث الكبار.. فيديو وصور    الصحة: توفير ألبان الأطفال العلاجية بمراكز الأمراض الوراثية مجانا    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    4 بلاغات جديدة و«ناني».. ارتفاع ضحايا الاعتداء الجنسي من جنايني مدرسة دولية بالإسكندرية    جامعة بدر تطلق النسخة الأولى من قمة التكنولوجيا والأعمال الدولية 2025    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    أمطار شتوية مبكرة تضرب الفيوم اليوم وسط أجواء باردة ورياح نشطة.. صور    أخصائي تغذية: العسل الأسود أهم فائدة من عسل النحل    محمود جهاد يقود وسط الزمالك في لقاء كهرباء الإسماعيلية    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    وزير الإعلام الكمبودى:مقتل وإصابة 14 مدنيا خلال الاشتباكات الحدودية مع تايلاند    رئيس الوزراء: مصر تتوسع في البرامج التي تستهدف تحقيق الأمن الغذائي    كامل الوزير يوجه بإنشاء محطة شحن بضائع بقوص ضمن القطار السريع لخدمة المنطقة الصناعية    أزمة سد النهضة.. السيسي فشل فى مواجهة إثيوبيا وضيع حقوق مصر التاريخية فى نهر النيل    وزير الزراعة يكشف موعد افتتاح «حديقة الحيوان» النهائي    جامعة قنا تنظم ندوة توعوية عن ظاهرة التحرش    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    منتخب مصر بالزي الأبيض أمام الأردن غدا    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالكويت فى الدوائر المغاة بانتخابات النواب    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    وزارة التعليم: إجراء تحديث على رابط تسجيل استمارة الشهادة الإعدادية    ملفات إيلون ماسك السوداء… "كتاب جديد" يكشف الوجه الخفي لأخطر رجل في وادي السيليكون    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    هويلوند: نصائح كونتي قادتني لهز شباك يوفنتوس مرتين    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    علاج 2.245 مواطنًا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    نيللي كريم تعلن انطلاق تصوير مسلسل "على قد الحب"    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل السيوي يكتشف العالم مستخدماً «الحيوان» وأساطيره
نشر في نقطة ضوء يوم 02 - 01 - 2018

أن يختار عادل السيوي تيمة الحيوان موضوعاً للرسم، ذلك يعني أنه خرج من الغابة الإنسانية وضوضائها إلى عالم مليء بالدهشة وغير مسبوق في التشكيل العربي بهذه الوفرة وبهذا الوقار والاحترام والانصراف والانغماس. والمعروف أنّ عادل السيوي سبق أن خاض مغامرة المتاهة داخل أدغال أفريقيا الاستوائية بأشجارها ووجوهها وأقنعتها العملاقة في مراحله السابقة، التي ما برحت تناديه للعودة الى التراب ووحول الأرض وذهب الأساطير وألوان الشفق ودراسة مورفولوجية الأشكال.
«رجل في هواء مستعمل يقعد ويفكر في الحيوانات» هي ليست عبارة من قصيدة للشاعر وديع سعادة، بل هي الفنان نفسه الذي يستغرق في اعتبار الجسد الحيواني مدخلاً لابتكار تجارب فنية استمرت طوال ستة أعوام، متقصيّاً في لوحاته تنويعات هذا الجسد المتحرّك، كتمارين تعكس في جوهرها طاقات حرية المخيلة في حوارها الحميم مع فضاءات التمثيل التشخيصي لحالات التموضع الحيواني وحضوره، كأشكال ترمز إلى الوداعة والتوحش. «إنه تفتيش عن غواية التداخل بين الكائنات والتحولات الكوميدية المبهمة للظهور الإنساني الذي اكتسى بملامح الحيوان، أو تلك الكائنات التي غيرت ملامح أجسادها كلية بفعل سحر ما، كما في الحكايات والاساطير الشعبية المصرية، وفي حكايات عيسوب ولافونتين، ولكن يبدو في أغلب الأعمال أن العلاقة بين الحيوان والإنسان هي ذاتها تظل مبهمة ومحتفظة بكامل سرها، ومفتوحة لكل التفسيرات، كما في منطق الأحلام» على حد تعبير استيفانيا انجرانو، القيمة على تنظيم معرضه في قاعة مشربية للفن المعاصر في القاهرة، في تقديمها للوحاته الجديدة.
يؤكد عادل السيوي في رسوم كتابه «في حضرة الحيوان» (دار «بعد البحر» للنشر) أن المواضيع الفنية المعاصرة التي يمارسها في تجاربه هي نافذة مفتوحة على المعرفة، لا تلغي طاقة الرسم والتلوين، بل على العكس هي تنقيب وحفر في الزمن الإبداعي، يعيدنا إلى علم تشريح الحيوان عند ليوناردو دافنتشي، في ابتكارات متعددة ومتباينة تتجاوز الرسام نحو ثنائية الذات والموضوع. لذا فإن الدخول إلى عوالم لوحاته هو بمثابة إزاحة الستار عن جوانب سيكولوجية، يعلنها عادل السيوي في سياق حديثه عن شغفه بعوالم الحيوان: «كنت في البداية أنظر إلى الحيوان، مركزاً انتباهي على مناطق غرابته: حجمه، لونه، نعومة الفراء، اتساع الجناح، شكل المنقار، حراشف الجلد، حركة الذيل، وأتعجب من خرائط الروائح والأصوات التي ينسجها الحيوان في ذاكرته. ولكني انتقلت بعد ذلك إلى محاولة لم تنجح أبداً، لفك لغز شخصيته، ومشاعره الغامضة».
لطالما كان موضوع الحيوان جزءاً لا يتجزأ من الدراسة الاكاديمية، لكنّ السيوي يعطيه سحراً خاصاً في الديباجة الزخرفية والطلاوة اللونية التي كلما اقتصرت على ألوان محدودة (الأسود والترابي- البني والذهبي والبرتقالي والرمادي) كلما أمعنت في تمكين حضورها الأخاذ القائم على التضمين الإنسانيّ والحيّز الوجودي للكائنات، على قماشة مشغولة من خامات متنوعة ذات ايهامات وملامس شبيهة بتضاريس جدارن الكهوف البدائية في عصور ما قبل التاريخ، وتقترب من طائفة ألوان الواسطي في رسومه لقطيع الجِمال. ولا يبتعد السيوي كثيراً من منطق الطير، كما أنه ليس غريباً عن مزاج بيكاسو في تحميل الحيوان دلالات ورموز منها ما يتعلق بالغرائز ومنها ما يشير إلى العنف والتسلّط والدّهم.
يقول بول كلي «مثل عسل النحل كنت أحصد من الطبيعة الاشكال والمنظور، لم أفتش عن معالم الشكل ولكن عن طاقاته»، وهذا ما يتطابق مع قول عادل السيوي شارحاً مفاهيم تجاربه الجديدة: «بدأت الاهتمام بالحيوان، عندما قرأت دعوة بول كلي لتلاميذه في «الباوهاوس» لتأمل بنية الكائنات الحية، نباتات كانت أم حيوانات. كان الرجل يدفع طلاب الفن آنذاك للاستفادة من دراسة بنية الكائن الجسدية، كنموذج للتكوين، فبنية الكائنات تتنوع بلا نهاية، وتظل كل بنية مفردة غير قابلة للتكرار. خضت هذه التجربة في بداية الثمانينات، وكنت أسعى آنذاك إلى تطوير قدرتي على بناء المشهد، ولكن هذه السنين من تأمل الكائنات بوصفها عمارة حية قادتني إلى عالم آخر، خارج الغرض الأصلي تماماً، واكتشفت أنني مولع بالحيوان نفسه كفاعل وذاتٍ مكتملة... الحيوان كان في الحقيقة يوسع فضولي تجاه السؤال الوحيد الذي يهمني، وهو الحياة ذاتها. وما زلت عالقاً بهذا الشغف، ولا أستطيع أن أغمض عيني عندما أرى كلباً يطل برأسه من نافذة سيارة كي يتأمل العالم».
شكّل الحيوان لعادل السيوي خياراً مغرياً للهروب من متاهات الواقع نحو الاكتشاف، لا سيما حين يجمع الكائن الواحد بين الملامح والمشاعر الإنسانية وتلك الحيوانية: «كانت المشاهد تأتي وحدها، رجل بمشاعر ذئب، امرأة بروح قطة أو ثعبان. رأس حيوان على جسم رجل. يبدو أنني كنت مأخوذاً بتجسدات الآلهة المصرية القديمة، حيث يتلاحم الإنساني والحيواني معاً، كما في خيالات ألف ليلة وليلة أيضا يتلبس الجن جسد امرأة، أو يتخذ الحيوان هيئة البشر، أو يستولي عفريت ما على جسد الحمار». هذا التضليل المتعمّد والموجود أساساً طوال تاريخ الفن الغربي والعربي- الإسلامي على السواء، وكذلك في الأدب (الجاحظ) قد منحه السيوي حلّة معاصرة من نسغ اسلوبه، حين استبدل الصورة الإنسانية بالصورة الحيوانية في أيقونية معاصرة تعتمد في إغراءاتها البصرية على الموتيفات الزخرفية البراقة.
الحيوانات في كتاب عادل السيوي كائنات تحب وتتناسل وتنزوي وتتحاور وتتصارع. هي ليست مقيدّة إلا بملاحظات عين الفنان الذي أسر الحيوانات التي رسمها على سطوح لوحاته ثم أطلقها لتسرح في سراب الأزمنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.