بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    بالدف والإنشاد.. آلاف المواطنين يحتفلوا بعيد الأضحى في الأقصر    عقب أداء صلاة العيد.. السماء تمطر «بالونات» بحى السيدة زينب    الآلاف يؤدون صلاة العيد في 159 ساحة بالفيوم    السيدات خلف الرجال.. طوابير بساحة القرنة غرب الأقصر لأداء صلاة العيد    ذبح 35 رأس ماشية فى أشمون بالمنوفية لتوزيعها على الفئات الأكثر احتياجا    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك في 196 ساحة بالمنيا    إنفوجراف| 40 جنيهًا.. ارتفاع في أسعار الذهب المحلية خلال أسبوع    أسعار اللحوم الحمراء فى الأسواق أول أيام عيد الأضحى المبارك لعام 2024    «المالية»: الإفراج عن بضائع ب17 مليار دولار منذ أبريل الماضي    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. أول أيام العيد    «القاهرة الإخبارية»: سقوط 5 شهداء في قصف إسرائيلي على مخيم الشابورة برفح الفلسطينية    الرئيس السيسى يشكر خادم الحرمين الشريفين وولي العهد على حُسن وحفاوة الاستقبال بمناسبة أداء فريضة الحج    آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة عيد الأضحى ب "الأقصى" فى ظل تضييق أمنى للاحتلال    الأوقاف الإسلامية بالقدس: 40 ألف فلسطيني أدوا صلاة عيد الأضحى بالمسجد الأقصى    بن غفير: من قرر تطبيق هدنة في رفح لا يجب أن يبقى في منصبه    بوتين يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    هولندا تفتتح مشوارها فى يورو 2024 أمام بولندا اليوم    الزمالك يستأنف تدريباته استعداداً للمصري    تفعيل مبادرة «العيد أحلى» في مراكز شباب كفر الشيخ.. أنشطة ترفيهية وفنية    محاولة أهلاوية أخيرة لإنقاذ صفقة الجزائري «بلعيد» من الفشل    ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس عيد الأضحى    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل بصحراوي المنيا    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    تعرف على مواعيد قطارات السكة الحديد على القاهرة - الإسكندرية والعكس    حسن الخاتمة.. وفاة ثانى سيدة من قنا أثناء أداء مناسك الحج    وفاة سيدة من كفر الشيخ أثناء الوقوف بجبل عرفات.. وأحد أقاربها: كانت محبوبة    «ولاد رزق 3» يقترب من تحقيق 30 مليون جنيه إيرادات في دور العرض    عادات وتقاليد مميزة في أول أيام عيد الأضحى المبارك بشمال سيناء    أحمد العوضي يذبح الأضحية بنفسه في أول يوم العيد.. سيلفي مع أهالي عين شمس    بدء توافد المصلين إلى ساحات المساجد لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    بالبالونات والجلباب الأبيض.. أطفال الغربية يؤدون صلاة عيد الأضحى    بعد الذبح...ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    محافظ كفر الشيخ يشارك أطفال مستشفى مركز الأورام فرحتهم بعيد الأضحى (صور)    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد بدر.. صور    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى في الوادي الجديد.. صور    توافد المصلين لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك بساحات الجيزة.. صور    الألاف يصلون صلاة عيد الأضحى في مجمع أبو العباس بالإسكندرية    بالصور والفيديو.. توافد الآلاف من المصلين على مسجد خاتم المرسلين بالهرم لأداء صلاة العيد    عيد الأضحى 2024| توافد أهالي وزوار مطروح على الساحات لأداء صلاة العيد.. صور    محمد رمضان يحقق 80 ألف مشاهدة بأغنية العيد "مفيش كده" في ساعات    حماس: موقفنا واضح ومتوافق مع مبادرة بايدن وقرار مجلس الأمن    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    محافظ جنوب سيناء يشارك مواطني مدينة الطور فرحتهم بليلة عيد الأضحى    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: مرضى الربو الأكثر تأثرا بالاحترار العالمي    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وظيفة كاتب ووظيفة قارئه
نشر في نقطة ضوء يوم 28 - 12 - 2017

لا يمكننا فهم هذا النشيج الذي يدور بين حين وآخر عن انعدام تأثير الفن في محيطه المجتمعي كذريعة لإدانة أوضاع سياسية لا يتفق معها الكاتب. فهذا الاعتقاد؛ فضلاً عن تزييفه المطلق وعي العامة، يبدو أكثر ارتباطاً بالأجر الذي سيحصل عليه الكاتب مقابل هذا السبب بأكثر من علاقته بقضية اسمها «فقدان الفن لوظيفته».
وهذا يستدعي ملاحظة أنه إذا كانت الثقافة هي مركب القيم والأعراف والمعتقدات التي تؤلف حياة الجماعة، فإن الكاتب، لا شك، هو صائغها. لكن تحولات تلك القيم تبدو عصيّة على الفهم في كثير من الأحيان. هذا ما يدفع الكاتب إلى الاعتقاد بأنه واحد من طرائد النظام الاجتماعي الذي يعمل ضمن منظومات قاسية من التدجين، فيذهب عادة إلى اتهام قارئه بالغفلة تحت تأثيرات الوعي الأفقي بعملية التطور. فاتساع دائرة القراء لا يعني بالضرورة نضجاً في الأنساق الاجتماعية، لأن تلك الأنساق خاضعة، بطبيعتها، لنظام أكبر من التناقضات هو نفسه واقع القوى الاجتماعية المتضاربة المصالح والإرادات. والثابت أن البشر حاصل جمع ما يتعلمونه على ما يقول علم الاجتماع. لكن الصائغ «الكاتب» هنا ليس مسؤولاً دائماً عن سلامة الذوق الذي يعاين عمله. فالقارئ لا يمثل دائماً المردود الافتراضي لعمل الكاتب؛ لأنه ليس ممثلاً لنفسه بل هو أحد تمثيلات العقل الجمعي. ويجب ألا ننسى أن هذا القارئ الذي عاين كاتبه خازناً للقيمة؛ عايَنه أيضاً وهو يبيع ذمته لمن يدفع أكثر. وكما عايَن الثقافة وهي تؤسس لمفهوم الدولة العادلة عايَنها أيضاً وهي تتحول إلى مضامين طبقية شديدة البؤس. الأمر طبعاً ليس مقصوراً على المثقف العربي، فالأحلاف العسكرية وأجهزة الاستخبارات ومؤسسات الحكم ورجال المال وتجار السلاح يملكون أيضاً مثقفين قادرين على استنبات الورد من شواهد القبور. هؤلاء هم المثقفون الذين احتقروا طبقتهم وناضلوا للالتحاق بطبقة أخرى، لذلك يسميهم تيري إيغلتون «أصحاب الرفعة المسوّقة».
وإذا سلّمنا بأن الفن ليس غائياً، أي أنه نشاط خال من الغرض، باعتباره ممارسة مطلقة الحرية، فإنه سيكون من الهزل مطالبة القارئ بأن يستحيل ملاكاً بمجرد أن يطالع ما نكتب. وهنا سيكفينا الدعاء بأن يظل الفن دولة بلا سلاح، دولة جمالية قوامها الذوق والعقل كما تمنّاها كانط.
ولا شك في أن الفكر الشمولي أورثنا معتقدات انتهت بعشرات الكتاب إلى ممارسة عسف تجاوزَ أحياناً عسفَ الأنظمة التي عملوا لمصلحتها ثم حاولوا غسل صحائفهم من سوادٍ يبدو أنه يستعصى على النقاء. وقد سخر كارل بوبر من هؤلاء لاعتقادهم المطلق بأن ثمة قوانين مطلقة للتقدم تحكم هذا العالم، وهو أمر لم يقم الدليل على صحته في أي لحظة، لذلك قد يتزامن انحطاط الفن مع الرفاه والثراء الفاحش والأنظمة الديموقراطية، في الوقت الذي يزدهر فيه وسط مجتمعات تتآكلها الحروب وثورات الجياع.
وقد يبدو مدهشاً أن تمر لحظات على البشرية كانت النخبة فيها ترى أن نظام الرِق هو الذي أنتج الحضارة الهيلينية، ثم الإغريقية. ويقول المؤرخ والكاتب الفرنسي جان فريفيل إننا يمكننا أن ننعت الرق بتهم عامة وأن نطلق العنان لغضبنا من هذه النظم المتسربلة بالعار، لكن ما حدث هو الحقيقة. هذا يعني أن مفهوم القيمة طرأت عليه تحولات عميقة تبدو بعيدة عن وعي الكثير من الكتاب؛ وهو الأمر الذي يعزز من عزلتهم ويجعلهم أكثر استمساكاً بالماضي ومن ثم استدعاء الأشكال الكتابية البالية التي تعيش على نعي القيمة الأخلاقية بما فيها القيم ذات الترجيع اللاهوتي.
إن التصورات المعرفية التي تنشد تخليص الفنان من أوهام كثيرة تبدو في نظر كثيرين عارية عن الأخلاق، لكنها في الحقيقة تبدو أكثر إدراكاً للحقائق الجارحة. فالكاتب الذي يعيش في ظل الأنظمة الرأسمالية يدرك جيداً وسيردد دائماً خلف آدم سميث أن الحكمة السيئة ستسود فقط لأنها الحكمة التي يؤمن بها السادة. هذا لا يعني بالطبع أن الكاتب شريك في تسويغ تلك القمامة، لكنه يعني بالضرورة إزاحة التاريخ لمصلحة اللا تاريخ، وعلى نحو أدق إزاحة القيمة لمصلحة القوة. والقوة هنا ليست تاريخية لأنها بنت قوانين التقدم المجرّدة وليست بنت التراكم الحضاري.
ولأن البُنَى الاجتماعية للدولة الحديثة تبدو تعقيداتها أكبر من الأفهام أحياناً، فقد تعقّد مفهوم وظيفة الإبداع نفسه على نحو غير مسبوق. لكن هذه الأوصاف لا تبدو مخيفة للكاتب الذي يرى تلك التعقيدات جزءاً من التعقيدات التي خلقها مفهوم الالتزام نفسه، عندما تصوّر الكاتب أنه حامل سراج المعرفة. فماركس كواحد من أكبر دعاة الالتزام يرى أن الالتزام الوحيد للكاتب قِبَلَ نفسه؛ وكان يقول ساخراً: ليس من الممكن أن أمنح حائكاً قطعة قماش لصناعة بزة لسهرة فرنسية فيصنع لي بزة لسهرة رومانية. هذا لو حدث يعني أن قوانين الجمال أزلية وهي بطبيعة الحال ليست كذلك. فإذا سلّمنا بتغير القيمة الجمالية فلا بد أن نسلّم بتحولات الوظيفة.
وما يقوله ماركس يجد تفسيره في قلب المادية التاريخية التي لا تؤمن بالتكرار في التاريخ البشري، وهو ما يمثل الفارق الكبير بين العقل الأفلاطوني المضجر الذي بحث لكل شيء عن مثال، لكنه شهد في النهاية فشلاً ذريعاً لجمهوريته، وهو المصير نفسه الذي آلت إليه مدينتان فاضلتان لدى توماس مور والفارابي. ومع ذلك بقي الفن مؤمناً بوظيفته بمقدار إيمانه بتحولات تلك الوظيفة، كما بقي الفنان مؤمناً بفعله، كواحد من أعلى تعبيرات تحرير إرادته، قبل أن يكون فعلاً يستهدف تحرير إرادة الآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.