ماكرون: بوتين لا يريد السلام بل يريد الاستسلام مع أوكرانيا    اهتمام أمريكى مفاجئ بالسودان.. لماذا الآن؟    في غياب الأهلي.. فتح باب حجز تذاكر الجولة الثالثة للدوري    الرمادى: محمد السيد من مصلحته التجديد للزمالك.. وفتوح لا يستحق البيع    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    في الظهور الأول لمودريتش.. ميلان يهزم باري ويتأهل للدور الثاني لكأس إيطاليا    عامل يدعى سرقة ابنه مبلغا ماليا للتوصل لمكان اختفائه بالحوامدية    السكة الحديد: تشغيل القطار الخامس لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    أمسية دينية بلمسة ياسين التهامى فى حفل مهرجان القلعة    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    بداية متواضعة.. ماذا قدم مصطفى محمد في مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان؟    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    «الأداء والعقود والصفقات».. اجتماع هام بين الخطيب وريبيرو في الأهلي (تفاصيل)    مصطفى محمد يشارك في خسارة نانت أمام باريس سان جيرمان بانطلاق الدوري الفرنسي    انطلاق دورة تدريبية لمديري المدارس بالإسماعيلية    زلزال قوي يضرب ولاية تبسة شرقي الجزائر    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    قرار هام بشأن البلوجر «شاكر محظور دلوقتي» في اتهامه بقضية غسل الأموال    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في واقعة مطاردة طريق الواحات    لاريجاني: إسرائيل كانت تراهن على عزلة إيران    جوزيف عون: عدم الموافقة على «الورقة الأمريكية» تعني عزلة لبنان    4 أبراج «مرهقون في التعامل»: صارمون ينتظرون من الآخرين مقابل ويبحثون عن الكمال    منى عبد الغني تنعي تيمور تيمور: «عاش بطلًا ومات شهيدًا في سبيل إنقاذ ابنه»    الاحتجاجات في إسرائيل محدودة التأثير وحكومة نتنياهو لا تصغي للشارع|خاص    حماية المستهلك: نلمس استجابة سريعة من معظم التجار تجاه مبادرة خفض الأسعار    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 18 أغسطس بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الاثنين 18 أغسطس 2025    رغم وفاته منذ 3 سنوات.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    فاجعة وفاة تيمور تيمور.. 10 إجراءات بسيطة قد تنقذ حياتك من الغرق    وزارة الأوقاف تنفي شائعات بدء التقدم لمسابقة العمال والمؤذنين    حماية المستهلك عن البيع الإلكتروني: تعديل قانوني مرتقب يُشارك شركة الشحن مسئولية الغش التجاري    هزة أرضية بشدة 5.8 درجات تضرب شمال شرق الجزائر    القيادة السعودية تعزي باكستان في ضحايا الفيضانات    قلق بشأن الأوضاع المادية.. توقعات برج الجدي اليوم 18 أغسطس    وائل القباني عن انتقاده ل الزمالك: «ماليش أغراض شخصية»    وزير قطاع الأعمال يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من كلية الدراسات العليا في الإدارة بالأكاديمية العربية    تحقيقات موسعة في واقعة مقتل لاعبة الجودو على يد زوجها ب الإسكندرية    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    أمينة الفتوى توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    جراحة دقيقة تنقذ أنف طفلة من تشوه دائم ب"قها التخصصي"    الهباش: قرار وقف الحرب بيد الإدارة الأمريكية وإسرائيل تهدد استقرار المنطقة    4 ملايين خدمة صحية مجانية لأهالي الإسكندرية حملة 100 يوم صحة    4 ملايين خدمة صحية مجانية لأهالى الإسكندرية ضمن حملة 100 يوم صحة    الرئيس.. من «جمهورية الخوف» إلى «وطن الاستقرار»    صور | «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف بالأردن في مجالات الزراعة    إطلاق حملة «إحنا مصر» لترويج وتعزيز الوعى السياحى لدى المواطنين    جامعة بورسعيد تطلق مبادرة كن مستعدا لإعداد الشباب لسوق العمل    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    حلاوة المولد، طريقة عمل السمسمية في البيت بمكونات بسيطة    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    رجيم صحي سريع لإنقاص الوزن 10 كيلو في شهر بدون حرمان    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في سوق السبايا.. كتابٌ يكشف تفاصيل لا تصلها عدسة الكاميرا
نشر في نقطة ضوء يوم 10 - 08 - 2017

هناك إشارة بالغة العمق من النّاقد العراقيّ حاتم الصّكر على غلاف الكتاب الجديد للكاتبة دنيا ميخائيل “في سوق السّبايا”، وهي تلك التي تتعلّق بطبيعة النّصوص في متنه. يقول “بجانب توثيقه للحظة شديدة الدراماتيكيّة والحزن، في تاريخ العراق والعالم، فإنّ كتاب دنيا ميخائيل يقدّم نموذجا للكتابة الجديدة العابرة للأنواع، والمازجة بين تقنيات الشّعر (…) ومستلزمات السّرد، وعناصر الريبورتاج، والتحقيق المباشر. فيكون ما سمعت الكاتبة من الضّحايا مسرحا لتلاقي الشّعر والواقع في انصهار أليف ومؤثّر”
من الشكل إلى الكتابة
إنّ عبارة الصّكر تنفذ إلى جوهر الكتاب وما يجعله مختلفا عن غيره من الكتب التي حاولت أن تخوض في منطقة مشابهة. لم تكن ميخائيل تطلب دعاية لكتاب يواكب الأحداث السّياسيّة الأبرز والأقدر على استقدام القرّاء.
وهذه ليست قراءة في كتاب النّوايا، وإنّما استقراء لكينونة نصّها الذي اشتغل على تسجيل اعترافات النّساء الإيزيديّات الهاربات من داعش بمساعدة عبدالله الذي ساعدها في الاتّصال بهنّ وهو نفسه من تعرّفه الشّاعرة في كتابها “عبدالله الذي كان بالأصل مربّيا للنّحل أنقذ عشرات السّبايا بطريقه لإنقاذ أخته”.
خلال هذه التّسجيلات التي تقوم بها كاتبة ليست أجنبيّة عن مهنة الصّحافة، تعود المآسي والأحزان والمعاناة التي شهدها الشّعب العراقيّ خلال عقود طويلة مثل سلسلة تفضي كلّ حلقة إلى تاليتها ممرّرة توتّرا أعمق وحرقة أكبر.
يتشكّل نصّ دنيا كيانا جامعا يبثّ فيه الشّعريّ والقصصيّ والإخباريّ دون قدرة على فصل خاصيّة دون أخرى ليكون أنموذجا للكتابة الأدبيّة الإبداعيّة المتحرّرة من قلق تصنيفها والملتزمة فقط، التزاما حرّا، بكينونتها الأصيلة.
إنّه كتابٌ يكشفُ مآسي لا تصلها عدسة الكاميرا ويصوغ حكايات الألم العراقيّ على نحو لا يمكن معه أن تركن إلى تلك البلادة التي خلّفها تكرار مشاهد القتل والموت على شاشة التّلفاز. “عندما كانت تصوّرنا الأقمار الصّناعيّة من فوق، فنبدو مجرّد نقاط تتحرّك في مختلف الاتّجاهات. الخوف الذي كان يدفعنا إلى تلك الحركات العشوائيّة لم يظهر في الصّور”. الحكاية تتشكّل في داخلك الأعمق وتكتمل فيه دون أن تخلّف تلك المسافة البلهاء التي تجعل المرء يخمّن: هذا لا يحدث في بيتنا على أيّة حال.
إلى جانب فصول الكتاب الذي استند في تشكله إلى شهادات النساء اللواتي هربن من داعش تحكي الكاتبة عن ذاتها
فلاش باك
ينضاف إلى فصول الكتاب الذي استند في تشكّله إلى شهادات النّساء اللّواتي هربن من داعش، ثلاثة فصول كانت ميخائيل خلالها شخصيّة معاصرةً في متن روائيّ ملتحم بالتّرجمة الذّاتيّة.
وهذه الفصول هي “ن”، فصل الاستهلال و”الخروج”، فصل يتوسّط الكتاب وآخر الفصول “النّبع″. في الفصل الأوّل يجد القارئ نفسه مع الشاعرة ومدرّسة اللغة العربيّة في الجامعة الأميركيّة. تحاول أن تقاوم غياب حيادها إزاء الحرف نون، الحرف الذي بمجرّد أن يخطّه أبناء الموت على جدران “النّصارى” يشرّد هؤلاء وتوجّه سفنهم إلى بحار الشتات والقتل.
في الفصل الختاميّ، تقوم الكاتبة برحلة إلى بلدها بعد غياب طويل لزيارة عبدالله وأهله في مخيّماتهم. تحدّثنا عن رموزهم الدّينيّة وحياتهم بعد كلّ ذلك الخراب، دون أن تتخلّى عن قدرتها العجيبة على استحضار المرهف من الأشياء على نحو شعريّ، من بين ذلك رموز معبد لالش ومعتقدات الإيزيديّين وعلاقتها بالتراث العراقيّ القديم وعلامات الكتابة.
تقدّم هذه الفصول تماسكا من حيث حبكة الكتاب ومادّته وتجعله أثرا فريدا من آثار عصرنا القاتم هذا. كتابٌ كما لو أنّه رواية أو ربّما سيرة ذاتيّة تتخلّل سيرا أخرى لا تنفصل عنها أو نصّ كتابة شعريّة بالنّثر وهو كلّ ذلك مجتمعا.
ولعلّ من أطرف الفصول وأكثرها توهّجا بهذه الطّاقة السّرديّة والشّعريّة في آن واحد، فصل “الخروج” الذي يقدح في ذهن القارئ “سفر الخروج” التّوراتيّ. فيه تسرد دنيا قصّة خروجها من العراق في أجواء من الحرب والدّمار. لكنّها تتحدّث عن خروج الإيرانييّن منها أيضا وخروج اليهود العراقيّين في مراحل تاريخيّة مختلفة.
تنطلق من الأحداث الكبرى بعين الأقمار الصّناعيّة لتصل إلى أدقّ الدّقائق حيث كلمة خطّتها دنيا الطّفلة في ورقة صارت زورقا ومضت في ماء النّهر. ومثل معظم الفصول تتسرّب مقاطع الشّعر إلى المقاطع الحكائيّة وتتصدّر الفصول والأقسام: “زورقي الورقيّ الذي مضى في النّهر/ ومضى العالم خلفه/ به ملاحظة خاصّة/ ربّما يصل يوما/ ولو متأخّرا/ كلّ الحقائق تصل متأخّرة”.
لكنّ صاحبة الكتاب لم تكن في حاجة إلى تقطيع الأسطر حتّى يُرى للشّعر حضور في نصّها. فهي إذ تستذكر مثلا ذكرياتها الطّفوليّة الممتزجة بذكريات العراق وحاضره، تفاجئنا من حين إلى آخر بتتويج مقطع سرديّ منساب ومؤثّر بجملة تبدو ختام الوحدة في قصيدة نثر محكمة.
تقول مثلا: “في يوم من الأيّام، وأنا أكبر قليلا، وجدتني أنزفُ. (…) سألتُ أمّي ‘هل سيأخذون البنات أيضا'. أجابت لا. حمدت الله لأنني بنت فمن يدري كم سينزف الرّجال هناك، ربّما سينزفون في أيّ وقت، في أيّ يوم من الشّهر، بلا انتظام، ربّما بلا إسعاف حتّى. ارتفع صوت غارةٍ. وانطفأت الأنوار. بعد ذلك، جاءت التعليمات بأن تُطفَأ الأنوار كلّما سمعنا صوت الغارة. ففهمتُ بأنّ الحرب زرّ لإطفاء النّور”.
ونذكر أن “في سوق السبايا” صدر عن منشورات المتوسّط بميلانو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.