رئيس أركان حرب القوات المسلحة يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية.. صور    قيادي بحزب مستقبل وطن: محاولات الإخوان لضرب الاستحقاق الانتخابي مصيرها الفشل    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 21 يوليو 2025 في سوق العبور    "الزراعة" تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها الغذائية بأسعار مخفضة بالجيزة    "العمل": إطلاق منظومة متكاملة لتلقي شكاوى عمال الدليفري    وزير دفاع الاحتلال: الهجمات على السويداء ودمشق كانت السبيل الوحيد لوقف مجزرة الدروز    الكرملين: بوتين وترامب قد يلتقيان في الصين سبتمبر المقبل    سكاي: راشفورد يعبر الكشف الطبي مع برشلونة    خبر في الجول - رتوش أخيرة تفصل الزمالك عن ضم محمد إسماعيل من زد    آس: خيتافي النادي الأقرب لضم مهاجم ريال مدريد ولكن    «أثناء عودته للعمل».. مصرع النقيب تامر أبو الدهب معاون مباحث أبو تيج في حادث أليم    نقابة الصحفيين: "غزة تموت.. والضمير العالمى على محك التاريخ.. أوقفوا جريمة الإبادة بالتجويع.. فلسطين تختبر إنسانيتكم    الصحف العالمية: ترامب يحتفى بمرور 6 أشهر على ولايته الثانية ويتفاخر بارتفاع شعبتيه.. وقفة بأعلام فلسطين أمام مقر الاتحاد الأوروبي فى مدريد تندد بمجاعة غزة.. وشغب أمام فندق طالبى لجوء فى بريطانيا واعتقال 6 أشخاص    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    رئيس الوزراء يتابع موقف تقنين الأراضى المضافة لعدد من المدن الجديدة    الزراعة تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها للمواطنين بأسعار مخفضة فى الجيزة    مرشحو حزب العدل يواصلون جولاتهم الانتخابية وسط تفاعل شعبي واسع    الأهلي يخوض وديتين مع فرق الدوري الممتاز بعد العودة من تونس    مساعد وزير الداخلية يعلن التيسيرات المقدمة للراغبين في الالتحاق بكلية الشرطة..تعرف عليها    شكرا مصر.. رسائل شكر من السودانيين خلال رحلة العودة إلى بلادهم.. صور    وصول الطفل ياسين مع والدته إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا قناع سبايدر مان    أنغام.. قصة خروج شائعة إصابتها بالسرطان وسبب تواجدها فى ألمانيا    وزير الثقافة: سنعمل بشكل أفقى بمحافظات مصر والمدارس والجامعات    رغم الابتعاد عن الأضواء.. نادية رشاد تتصدر التريند لهذا السبب    ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: حديث القرآن الكريم عن الليل والنهار شامل ودقيق لإظهار التعبير والمعنى المراد    ما الضوابط الشرعية لكفالة طفل من دار الأيتام؟.. الإفتاء توضح    المفتي يوضح حكم كيِّ الماشية بالنار لتمييزها    وزير الصحة يفتتح أول معمل محاكاة متطور بالمعهد الفنى الصحى بالإسماعيلية    وزير الإسكان يتابع موقف المشروعات الجاري تنفيذها ضمن مبادرة «حياة كريمة»    وزير الخارجية يتوجه إلى نيجيريا في مستهل جولة بغرب أفريقيا    بدء اللقاء بين الرئيس اللبناني والموفد الأمريكي لبحث الرد على ورقة نزع سلاح حزب الله    فيديو.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد اعتبارا من اليوم    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    أكتوبر يشهد أولى جلسات محاكمة عنصر إخواني بتهم تمس أمن الدولة    لأول مرة.. 3 دبلومات بآداب قناة السويس للعام الجامعي 2025–2026    جامعة القاهرة تحتل المركز 487 بتصنيف ويبومتريكس الأسبانى يوليو 2025    "شارك وخليك إيجابي".. حملة للتوعية بأهمية المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    أحلام تتألق على مسرح مهرجان جرش في ليلة طربية خليجية 25 يوليو    مكتبة الإسكندرية توثق التراث المصري بسلسلة أفلام قصيرة موجهة للشباب    تمهيدا لرفع الكفاءة.. متابعة علمية لمحطة بحوث الموارد المائية بطور سيناء    الجزيرة يعلن ضم إبراهيم عادل قادمًا من بيراميدز    الأهلي يدرس ضم محترف مصري في أوروبا لتعويض رحيل وسام (تفاصيل)    أسامة الجندي يوضح حكم الأفراح في الشرع الشريف    أيمن منصور: الحكم على صفقات الزمالك سابق لأوانه.. وفتوح أخطأ لكنه سيعود    الصحة: تقديم التوعية بمخاطر الإدمان ل457 ألفاً من طلاب المدراس    كسر مفتوح ومفتت.. نجاح عملية دقيقة لتثبيت ركبة بتقنية "إليزاروف" بالمنيا- صور    استمتع بمذاق الصيف.. طريقة عمل آيس كريم المانجو في المنزل بمكونات بسيطة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو يتضمن ممارسة أعمال بلطجة باستخدام كلب بالإسماعيلية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    تحذير من هطول أمطار غزيرة في جنوب شرق تايوان    ارتفاع أسعار البيض اليوم الاثنين بالأسواق (موقع رسمي)    أحمد غنيم: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    لكل ربة منزل.. إليك أفضل الطرق لتحضير مكرونة الميزولاند    جريمة داخل عش الزوجية.. حبس المتهمة بقتل زوجها بالقليوبية    غزة تنزف: مجازر متواصلة وجوع قاتل وسط تعثر مفاوضات الدوحة    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاع الشيخ الغزالي عن حق المرأة في الاجتهاد
نشر في نقطة ضوء يوم 06 - 07 - 2017

رحم الله زماناً ندياً رخياً، كانت فيه حوّاء تخرج إلى المساجد وساحات العلماء، فتنافس الرجل في طلب العلم، لا بل صارت شيخةً للرجال في علوم الشرع والدين، تلقنهم مبادئ هذه العلوم الشريفة، وينهلون منها ما أفاء الله عليها من النفحات الزاكيات الزاهيات. ولعل آخر بنات حواء جلوساً في الجوامع الكبرى للإفتاء والتدريس كانت عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطئ)، فقد أفتت في الناس في رحاب الجامع الأزهر الشريف في الستينات من القرن الماضي، وفي جامع القرويين في المغرب بعد ذلك. أمّا حفيداتها الآن، فقد تم منعهن من التدريس في المساجد، بحجج واهية. فعن المرأة العالِمة والمحدّثة والشيخة والإمامة، يقول الشيخ المجدد/ محمد الغزالي (1917- 1996م) في كتابه «تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل»، تحت عنوان «المرأة وخدمة السنة»: «علوم السنة من أهم علوم الشريعة، والصدارة فيها تحتاج إلى ذهن ناقد مستوعب حفيظ. وقد كنت أظن النساء آخر من يشتغل بهذه العلوم، بل أن يبرزن فيها، ويبلغن مرتبة الإمامة، حتى قرأت رسالة «السنة النبوية في القرن السادس الهجري» للدكتور محمود إبراهيم الديك، فوجدت عالمات بالسنة، لا يشق لهن غبار، ولسن نزراً يسيراً، بل عشرات من العالمات الثقات، ومنهن السيدة المسنِدة/ شهدة بنت الإبري الكاتبة، وكانت ذات دين وورع وعبادة، سمعت من العلماء الكثير، عاشت قريباً من مئة عام، وكانت مليحة الخط، لم يوجد في زمانها من يكتب مثلها». ويضيف الغزالي: «لا يهمني هنا أن أذكر أسماء الرجال الذين تلقت عنهم، وإنما يهمني أن أذكر بعض من تلقوا العلم عليها، ومنحتهم إجازة علمية بالرواية والتحديث. قالوا: سمع منها أبو سعد بن السمعاني، وروى عنها الحافظ أبو القاسم بن عساكر، وهو المؤرخ المشهور، والموفق بن قدامة الفقيه الحنبلي الثقة، كما حدَّث أبو الفرج عبدالرحمن بن الجوزي أنها من شيوخه».
ومن المحدثات أيضاً، بلقيس بنت سليمان بن أحمد بن الوزير نظام الملك، ولدت في أصبهان سنة 517ه، وتوفيت سنة 592ه، سمع منها جماعة من العلماء، وحدَّث عنها يوسف بن خليل وغيره. استوقفني وأنا أقرأ في تراجم محدِّثي القرن السادس، أن أبا البركات البغدادي- من علماء السنة- كانت له أختان، إحداهما أمّ الحياء حفصة، وهي راوية موثقة دارسة، قال المنذري عنها: ولنا منها إجازة، كتبت عنها في شوال سنة 608ه. وهناك سيدة أخرى، «أم حبيبة الأصبهانية عائشة بنت الحافظ معمر بن الفاخر القرشية العبشمية»، قال عنها الحافظ المنذري في التكملة: حدّثت الناس، ولنا منها إجازة، كتبت بها إلينا من أصبهان في ذي القعدة سنة 606ه. إن هذا الإمام يذكر من دون تحرج أنه تلقى عن نساء فضليات، أجزنه، وأذِنَّ له بالتحديث. ويستطيع القارئ أن يقرأ أسماء عشرات في قرن واحد من أولئك العالمات البارعات في الدراسات الإنسانية. أما زينب بنت الشعرى، وتدعى حرّة (524- 615ه)، فقد قال عنها ابن خِلِّكان: لنا منها إجازة كتبتها سنة 610ه.».
ويعلق الغزالي على كل هذه الشواهد والبراهين التي تملأ بطون كتب التراث دالةً على مكانة المرأة شيخةً وإمامةً: «يا عجباً، كبار المؤرخين والمحدّثين يذكرون بتواضع العلماء، وصدقهم أنهم أخذوا العلم عن نساء معروفات، وأنهم نالوا منهن شهادات تقدير وتكريم وثقة. ماذا حدث لأمتنا، فخلت الساحة من طالبات العلم وأساتذته، وجاءت قرون أمسى فيها ذهاب فتاة إلى مدرسة جريمة. بل خلت المساجد من العابدات، فأضحت صلاة المرأة في مسجد منكراً. وصار ذكر اسم المرأة، أمّاً كانت أو زوجة شيئاً إدّاً».
ويقول الشيخ الغزالي: «أعود إلى تاريخنا في القرن السادس، لأقرأ فيه أن الحافظ أبا العلاء بن العطار- وكان إمام همدان في علوم الحديث والقراءات، والأدب والزهد، وحسن الأسلوب والتزام السنة- كانت له ابنة اسمها عاتكة بنت أبي العلاء، وكانت من المحدّثات المتقنات لعلوم السنة، قالوا: سمعت الكثير من أبي الوقت عبد الأول السنجري، وقدمت إلى بغداد من همدان، ودرست السّنة. قال محب الدين النجار: كتبنا عنها. وتوفيت سنة 609ه. ونختم بتاريخ فاطمة بنت سعد الخير الأنصاري الأندلسي، التي ولدت في الصين سنة 522ه، تلقت العلم عن والدها، وعن غيره من المحدثين الكبار في بغداد، ثم قامت بالتدريس في القاهرة ودمشق، وسمع منها جماعة من الشيوخ، وقال عنها أحدهم: «سمع منها شيوخنا ورفقاؤنا، ولنا منها إجازة». ويعلق الشيخ الغزالي: «المأساة، أن المرأة التي ذرعت الطريق من الصين إلى القاهرة، والتي جاء أبوها من بلنسية في الأندلس إلى الشرق الإسلامي، ليخدم العلم في أرجائه الرحبة، جاء بعدها في هذه السنين العجاف من يقول: تخرج المرأة من بيتها لأمرين: إلى الزوج، أو إلى القبر».
ويقول الغزالي: «كتب حسن عبدالوهاب عن النشاط النسائي في بعض العصور الإسلامية، فكشف عن جانب مهم من دعمها للمبرات العامة، وسدها الثغور الاجتماعية، وبروزها في بذل الخير، وتفريج الكربات، قال: ما من ناحية من نواحي حضارتنا وثقافتنا إلا ولها فيها نصيب موفور، فها هي الفتوحات الإسلامية ساهمت فيها مع الرجال، واشتركت في ميادين القتال، وداوت الجرحى، واكتتبت بمالها وحليها وشَعرها لمساعدة الجيوش». أما أثرها في النهضة العلمية، فقد اعترف به أجلة العلماء.
ومن المفيد أن نعرف أن أبا نواس الشاعر يقول عن نفسه: «ما قلت الشعر، حتى رويت لستين امرأة من العرب، منهن الخنساء وليلى»، وأن من شيوخ العلامة المحدث ابن عساكر مؤرخ الشام نيّفاً وثمانين امرأة، وأن الخوارزمي الشاعر المشهور، كان من محفوظاته أكثر من عشرين ألف بيت من شعر الخنساء، وأن كثيراً من أجلة العلماء تلقوا العلم عن سيدات، وحصلوا على إجازات منهن.
وكان الإمام مصطفى عبدالرازق (1885-1947م) يفتخر بأنه، وهو الشيخ المعمم، كان يتبادل الرسائل العاطفية مع الأديبة مي زيادة (1886-1941م)، لا بل إنه كان يحضر صالونها العامر في بيتها في قلب القاهرة، فخلع عليها وعلى علمها وفضلها من الثناء ما هي أهله ونبراسه. ولم يكتف بذلك، بل إنه وقف في مجلس عزائها بعمامته وجبته وزيه الأزهري، يتلقى التعازي من كل حدب وصوب، فكان صورة حضارية للإسلام، الذي يريد المتأسلمون أن يخضعوه لبهتانهم العريض، ولجهلهم المريض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.