لا يتوقع مرتادو السينما في مصر في موسم الربيع أن يتفاجأوا بفيلم ثقيل، العقد غير المكتوب بين صناع الأفلام والجمهور أن هنالك مواسم بعينها يجب أن تمتلئ بأفلام خفيفة عامرة بالإفيهات مع نهاية أخلاقية طيبة، هذه التوليفة والبنية السردية ربما لا تقتصر على أفلام العيد فحسب، بل ربما تكون بنية السينما المصرية لفترة طويلة من الزمن مع اختلافات بسيطة للغاية، والكوميدية منها على وجه التحديد. لكن المقدمات والدعاية الذكية التي سبقت فيلم «بنك الحظ» كانت تبشر بفيلم مختلف، خاصة مع وجود أسماء مثل مصطفى صقر ومحمد عز الدين تأليفاً وأحمد الجندي إخراجاً وهم الفريق الذي قدم في رمضان الماضي واحداً من أنجح المسلسلات المصرية في السنين الأخيرة «نيللي وشيريهان» بقدرة على بناء حكاية محكمة، مما يجعل الكوميديا فيها معتمدة على الموقف، كان المسلسل تنفيذاً مميزاً لكوميديا الموقف غير المعتمدة على إلقاء الإفيهات يميناً وشمالاً إذا لم يضحك واحد فسيضحك التالي. لذلك فإن الآمال بفيلم مختلف عما تقدمه السينما لفترة طويلة كان كبيراً. صحيح أن قماشة الشريط التلفزيوني أكثر اتساعا للعب وتجريب مختلف الثيمات، ولا يمكن أن تستمر لثلاثين حلقة معتمدة على النكتة، غير أن جودة «نيللي وشيريهان» وإحكامه البنائي مخالف لتقليد تلفزيوني (غير مكتوب) عن تداعي بناء المسلسل الكوميدي خلف الضحكة. أيضاً؛ قدم الفيلم عبر أفيشه نجما جديدا في فيلم كوميدي وهو «محمد ممدوح» صاحب النجاحات الكبيرة العام الماضي في مسلسل «جراند أوتيل» وفيلم «بشتري راجل» وإشادات جماهيرية ونقدية بإمكاناته التمثيلية المميزة. هذه المرة يجرب حظه في فيلم كوميدي مع بطلين ارتكنا في السنين الماضية إلى تقديم «كركتارات» صارت لصيقة بشخصياتهما: أكرم حسني والذي يعرفه الناس باسم «سيد أبو حفيظة» وهو اسم الشخصية التي يقدمها حسني على التلفزيون منذ عشر سنوات تقريباً. ومحمد ثروت «ضاحي في نيللي وشيريهان». حسناً؛ اكتملت عناصر الفيلم وهي للوهلة الأولى تقول إننا إزاء تجربة خاصة ومختلفة، وربما فيها مساحة ما من التجريب، خاصة مع نزول الأفيش الدعائي للفيلم لثلاثة رجال برؤوس حيوانات وعنوان الفيلم «بنك الحظ» النسخة المصرية من لعبة «مونوبولي» الشهيرة. بدأ الشريط السينمائي بتقديم أبطاله، تعريفهم عبر مواقف طريفة، من هم طباعهم الأكثر وضوحاً، صالح «محمد ممدوح» الذكي الباحث عن فرص الثراء السهلة وعمرو «أكرم حسني» المعتمد كلياً على أموال أبيه ودلال أمه، يتزامل صالح وعمرو في بنك يملكه والد الأخير. وأخيراً زئرو «محمد ثروت» ابن البلد/الحارة الذي يدير مشروعاً يتشارك فيه صديقا البنك. لعل عناصر «التداعي» البنائي والاعتماد بشكل أكبر على النكات و»جهود» الأبطال كانت في ثلاثة مشاهد: البطل وهو يدعي عدم تأثير المخدرات فيه، ثم المشهد التالي وهو يقوم بأفعال بلهاء نتيجة لما شربه! هذا المشهد صار فقرة ثابتة في الأفلام المصرية مؤخراً. ثم يأتي مشهد «صفع» محمد ثروت لخمس دقائق كاملة، وأخيراً مشهد الكباريه. محمد ممدوح قدم عاما حافلا ومميزا، لكنه لم يثبت جدارته ببطولة فيلم كوميدي، وليس هو النجم الذي يمكن أن يتحول إلى مهرج للإضحاك، بل يحتاج إلى سيناريو محكم لإبراز قدراته التمثيلية كما في فيلمه السابق «بشتري راجل». أما ظهور «بيومي فؤاد» في الثلث ساعة الأخيرة للفيلم فلم يكن هنالك أي ضرورة «درامية» لذلك الظهور اللهم باعتباره «تميمة» حظ للفيلم وأن المنتجين يتباركون به كما قالت الناقدة ماجدة خير الله. على الرغم من نجاح الفيلم جماهيريا في موسم الربيع، لكن يمكن القول بأنه «أفضل السيئ» في المعروض لهذا الموسم القصير، فيلم كان يمكن أن يكون أفضل كثيراً، لو أُحكم بناؤه السردي أكثر!