لا يشكل الشعر تمثيلاً إغرائياَ حينَ يتعلق بحقيقة محسوسة، أو حين يتعلق بقدراته الظاهراتية، لأن مابه من السحر يهبه قوة الديمومة، وهو لا يكون في موضع ما ليكتمل بكماله، إذ لم يظهر فيه ذلك القدر من التعاون ما بين العاطفة وبين قدراته الخلاقة ضمن أنشطته الداخلية المتعددة. يفهم من ذلك: أن الشعر غير مرتبط بنزعة شكلية معينة أو قدرة بناء موصوفة أو عالم ما حُدد داخل مديات العقل المُدرك، فالشعر هو الغرابة التي تكمل النقص في الجمال، وهو القوة المجمعة والرابطة بقول كولرديج: "يجمع على نحو متعسف أشياء تكون متباعدة ويصوغها وحدة متكاملة". إن الشعر متاح عن طريق التخيل، والتخيل يعني عدم الإكتراث لأي شيء في الواقع المحسوس ولفت الإنتباه إلى الأشياء الأثيرية التي يحدث من خلالها النشاط الإبداعي وهو القوة الأصيلة التي تكمن في جميع الوسائل التي تُقدم للأحاسيس قدراتٍ مساعدة تكمل بها خصائصها التي تتطابق مع العرض المطلق للجمال. إن الشعر وقاحة وسخرية، وكلاهما يحفزان على الاحتفاظ باللذة الى قدر غير معلوم ذلك القدر الذي يؤسس لتفرد غير محدود ملئ بالمقارنات والشطح الخيالي. لا يوجد أي شك أن اللغة في الشعر تتكلم من دون الإيعاز لها ودالاتها في التجديد نموها المتواصل ومميزاتها في صياغة صورها، والشاعر يصل الأشياء أحيانا عن طريق التنبؤ. وتلك مقدمات في التفكير الأولي قبل شروع المخيلة بإلتقاط ما هو مناسب ومريح والتركيز على المستخدم من قوى الإنفعال، لتكون أسئلة الشعر: مداخلات الشاعر اليومية ضمن ملكوته الخاص. ولا بد للشاعر أن يصاب بالأنانية، لا بد أن يصيب نفسه بالأنانية ليقدم وجدانه في نصوصه تشويها لملامحه ولا يمكن لأحد أن يكون مشابها أو بديلا في أي معيار من معايير الحكم على منتجه. إن التدفق البريء للمشاعر لا يعني شعرا بالوصف الذي سبق وأشرنا إليه ولا يمكن أن نُخضع الإنفعال الى النزعة المجردة. وهناك مجموعة من الإختلافات ما بين لغة وأخرى، وما بين شكل تعبير وآخر، وما بين مغزى ونقيضه. ولن يعيش الشعر إلا مع تفجير الأشياء الروحية، من خوف وألم وحزن ويأس وقنوط ورغبة وموت. إذا ذاك لا مقارنة لأعظم شيء مع شيء يسمى الشعر غير تسميتهِ بالوقاحة والسخرية، الوقاحة أمام أي شيء والسخرية من كُلِّ شيء.