رئيس الوزراء يتابع جهود توفير التغذية الكهربائية لمشروعات التنمية الزراعية بالدلتا الجديدة    فتوح: قرار أستراليا اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين يعكس التزامها بمبادئ العدالة    حاكم مقاطعة نيجني نوفجورود الروسية يؤكد مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في هجوم أوكراني بطائرات مسيرة    إعلام إيراني: أمين المجلس الأعلى للأمن القومي على لاريجاني يزور العراق اليوم في أول زيارة خارجية له بعد توليه منصبه    محافظ أسوان يوجه بحماية عمال النظافة من ضربات الشمس ورفع الاستعداد والطوارئ بالمستشفيات    ضبط متهم بالنصب على مواطن بزعم قدرته على استيراد سيارة معفاة لذوي الهمم    وكيل تعليم الغربية يتابع سير امتحانات الدور الثاني للدبلومات الفنية في يومها الثالث    ضمن دوري المكتبات.. لقاءات عن سيناء بقصر ثقافة الغربية    تقديم مليون 975 ألف خدمة طبية ضمن حملة «100 يوم صحة» بالشرقية    البورصة المصرية تستهل بارتفاع جماعي لكافة المؤشرات اليوم الإثنين 11 أغسطس    مؤتمر صحفي لإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ.. الثلاثاء    وزير الري يؤكد أهمية صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    محافظ المنيا: المعلم سيظل رمزًا للعطاء وصانعًا للأجيال    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    إعلام إسرائيلي: الجيش سيعرض خلال أسبوعين خطة شاملة لاحتلال غزة    الأمم المتحدة: خطة إسرائيل بشأن غزة "فصل مروع" من الصراع    ريبيرو يجري تعديلات مفاجئة على تشكيل الأهلي أمام فاركو    تعرف على مباريات اليوم في الدور الرئيسي ببطولة العالم تحت 19 عامًا    مفاجأة في موعد عودة إمام عاشور للمشاركة مع الأهلي    11 أغسطس 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    تراجع أسعار الذهب فى مصر اليوم 25 جنيها.. وعيار 21 يسجل 4590 جنيها    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    تحرير 950 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    تحرير 646 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    تعاون مصري - ياباني للتدريب المهني وتأهيل الشباب لسوق العمل    السياحة والآثار: وادي الملوك بالأقصر آمن والمقابر لم تتأثر بالحريق    محمد شاهين: ظهرت في كليب إيهاب توفيق وطفولتي كانت مع جدتي    عمرو يوسف في زمن الأربعينيات.. كل ما تريد معرفته عن فيلم «درويش»    المالية: دعم جهود تمكين القطاع الخاص المصري مع والتوسع بالأسواق الأفريقية    نقص مخزون الحديد.. أجراس تحذير للجسم وطرق علاج الأنيميا    طب قصر العيني تطلق أول دورية أكاديمية متخصصة في مجالي طب الطوارئ    من التشخيص للعلاج .. خطوات لمواجهة سرطان المبيض    أكثر 5 أبراج قيادية بطبعها.. هل برجك بينها؟    أمين الفتوى: رزق الله مقدّر قبل الخلق ولا مبرر للجوء إلى الحرام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    «الخطيب رفض عودته!».. رد وسام أبوعلي على رسالة شوبير بشأن اللعب لمنافس الأهلي    شركات إسرائيلية تعتزم المشاركة بالإضراب الشامل في 17 أغسطس    الذهب يتراجع مع انحسار التوترات الجيوسياسية وترقّب بيانات التضخم الأمريكية    محافظة الجيزة توقف عمل عمال النظافة وقت ذروة الحر حفاظًا على سلامتهم    يجرى الآن .. مكتب التنسيق يبدأ فرز رغبات الطلاب تمهيدا لإعلان نتيجة المرحلة الثانية    أحرج " يويفا "بتعليقه علي استشهاد سليمان العبيد. .. محمد صلاح صوت فلسطين فى ملاعب أوروبا    التيك توكر "داني تاتو" أمام النيابة: مهنة رسم التاتو عالمية ولم أجبر أي سيدة على الظهور معي    رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش إنشاء تطبيق إلكترونى لأرشفة الإنجازات    شيري عادل تخطف الأضواء وتعتلي منصة التكريم في مهرجان إبداع بحضور وزير الشباب والرياضة وكبار المحافظين    د.حماد عبدالله يكتب: "الفن" والحركة السياسية !!    تعرَّف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 11 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    السيطرة على حريق هائل بمحل دهانات في المنيا    لارا ترامب تتفاعل مع محمد رمضان على طريقتها    جمال العدل: الزمالك هو الحياة.. ولا نية للترشح في الانتخابات المقبلة    بعد قرار جون إدوارد.. عبدالله السعيد يتدخل لحل أزمة نجم الزمالك (تفاصيل)    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    يحسن وظائف الكبد ويخفض الكوليسترول بالدم، فوائد عصير الدوم    ياسر ريان: مصطفى شوبير رتمه بطئ والدبيس أفضل من شكري    «لا يجب التنكيل بالمخطئين».. المسلماني: الرئيس طلب الاستعانة بكل الكوادر الإعلامية    المسلماني: الرئيس لا يريد شعبًا مغيبًا وجاهلًا (فيديو)    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناتالي الخوري غريب تكتب قصص الوجود في «العابرون»
نشر في نقطة ضوء يوم 01 - 01 - 2017

ما هو سبب وجودنا؟ لمَ الهروب؟ هل قسوة الحياة وظلمها يجعلاننا نتهرّب من مواجهة مصائرنا؟ أنحن حرف زائد في هذا الوجود؟ أم ماذا؟ أسئلة وأسئلة تطرحها الكاتبة نتالي الخوري غريب، باحثة عن مغزاها، وهي كاتبة وأستاذة جامعية، وتنوّعت أساليبها وتشكلت مواضيعها، في مختلف مؤلّفاتها، لتخرج بمجموعة متنوّعة من القصص، تعبّر عن جزء من واقع نعيشه، ممزوجة بأقدار وأوهام وأحلام. «العابرون» (دار الإبداع) هي مجموعة قصصية لغريب تتطرّق إلى جوانب حسية وحياتية تلمس مشاعر كاتبتها، بعدما حرّكت فكرها واستقت من ثقافتها.
تمّ صوغ هذه القصص بطابع فلسفيّ شبيه بروايات سابقة للكاتبة ذاتها، لكنها أكثر تعقيداً لتنوّع مواضيعها، التي يستقل كل موضوع عن غيره من حيث الفكرة والمضمون. إذ يحاكي هذا الأسلوب، أسلوبها في روايتها «حين تعشق العقول» التي تبحث فيها عن حقيقة الحبّ والعقل، ورواية «هجرة الآلهة والمدائن المجنونة» التي تحكي أحداثاً عن معاناة الناس في مواجهة المآسي الإنسانيّة والموت في الحروب والأوبئة والإرهاب والتهجير. وتكون هذه الحال، حين يكون الكاتب شاهداً على عصره، ينقله بأمانة وحسّ إنسانيّ عالٍ، باعتبار أن المثقف له دور كبير في تغيير مصير أبناء بلاده.
لقاءات مؤجلة
تبدأ الكاتبة مجموعتها القصصية ب «الغريبان»، حكاية لقاء عاشقين جمعتهما المصادفة والأقدار ليلتقيا في حدود السياج الذي يفصل بينهما. كان لهذا المكان خفايا كثيرة. يشير وجوده الى تأثيره والى العنصرية التي رسمها فاصلاً بين الأحبة والخلاّن، ليفترق العاشقان ولا يعرف كل منهما مكان الآخر، ويتيها في أرجاء الأرض ينتظران لحظة لقاء تغيّر الأقدار. تشوقنا الكاتبة للحظة لقاء، يليها فراق، وهكذا حتى ينتصر الحب أخيراً، هادم هذا السياج: «فلنصغ معاً إلى صوت الحب والحرية فينا... لم يكن الحب يوماً قيداً».
«جبل الأماني» قصة غريبة نوعاً ما وإن كانت تلامس واقعنا هذا. قصة نسجت حكاياها بخيوط الخيال والواقع في آن، لتصف الكاتبة في بدايتها الشجرة التي تحقق الأماني، شجرة قابعة على جبل، شامخة تمثل كل حبة خردل مقطوفة أمنية تأخذ مكانها، أمنية مملوءة بالحزن والأمل والانتظار. تروي القصة صداقة تربط بين عائلتين، لتتحوّل العلاقة في ما بعد، على ما تصفها الكاتبة، علاقة تمنّن ومطالبة برد المعروف، فتخلق عداوة بغيضة في النفس، وترجّح الكاتبة سبب تغيّر النفوس إلى جينات الشر المخبوءة في نفس الإنسان الأمّارة بالسوء. وتتطرّق الكاتبة للحديث عن عصابات سرقة الأعضاء البشرية، الذين يستهينون بالإنسان وبقيمه، فيستبيحون أعضاءه متستّرين خلف شعارات واهمة يضعونها لأنفسهم. ثم تنتهي القصة بقطع الشجرة ومحو كل الأماني وتحطيمها، فتطير الأمنيات المعلقة جميعها.
أسرار الوجود
تدخلنا الكاتبة في قصة «كتاب الناسك» إلى عالم الجريمة، فتأتي بحادثة ترويها بأسلوب بوليسي شيق يلفّه الغموض وروح الاكتشاف. ترسم بكلّ دقّة لوحة حزن مفصّلة، وكأنّ القارئ موجود في هذه الواقعة، وشاهد على فظاعة الموت والقتل، وما يتركه من حزن وأسى على وجوه المحبّين والمقرّبين.
بطل القصة غريب هارب من حياته، باحث عن ذاته وعن وجوده، لا ينوي العودة إلى عالمه حتى حصوله على أجوبة لتساؤلاته ومعرفة كتاب الأسرار وفحواه. تمزج الكاتبة الحلم بالحقيقة في هذه القصة، إذ يرى بطلها الهارب حلم حضور الناسك ليخبره بأنه ما زال غير جاهز لكشف الحقيقة وقراءة الكتاب. قلبه خالٍ من الحب وحياته تفتقد الحرية، فالحب والحرية حبيبان أزليان لا يثمر واحدهما من دون الآخر. وفي النهاية تعلن الكاتبة براءة بطلها من جرم لم يرتكبه.
أما في «قوارب الموت» فنجد قصة حزن وألم تروي مأساتها الكاتبة على لسان أبرياء، فقدوا أحبتهم. أحبة لم يجدوا سوى البحر منقذاً لهم من واقع مرير عاشوه، قد لا يكونون مذنبين، لكنّ الظلم والاستبداد دفعاهم الى الهروب، عابرين بحور الظلمات. إنها قصة تحاكي واقع الهجرة عبر البحر والموت فيه. أعطت الكاتبة للبحر وصفين أوّلهما: المخلص من القهر والعذاب والمصغي الى الهموم والقلب الواسع الذي يزيل الأحزان فيتلقاها بصدر حنون، وثانيهما هو الموت الذي يلاقي به الهاربين فينهي حياتهم وآمالهم وطموحاتهم.
وفي قصة «عودة الابنة الضالة» التي تختم بها الكاتبة مجموعتها الشيقة، يجد القارئ نفسه أمام نهاية حزينة، تخللتها عبرة وموعظة. قصة عائلة مؤمنة بقضاء الله وقدره، امتحنها الله بولد مريض، فكانت الأم شاكرة لفضل الله عليها، وكان الولد دائم البسمة والطيبة التي تترك أثرها على وجه كل من ينظر إليه، وكانت للعائلة ابنة تذمرت من امتحان الله لعائلتها. فتروي الكاتبة بأسلوب جدليّ، هواجس الابنة التي كثرت تساؤلاتها عن وضع أخيها، إذ تستغرب مكافأة الله لعائلتها الشاكرة على الدوام والداعية له في كل حين وفي كل حال.
تفقد العائلة هذا المريض، فتراجع الابنة نفسها مراراً، وتحنّ لوجه لطالما كان كالنور في عتمة الظلام، والابتسامة التي تمدّ العائلة بالطاقة. يرحل تاركاً فراغاً، تحن له في كل ركن، وكل لحظة تمرّ وهو ليس فيها، الى حين أن ترزق البنت التائهة بولد فتسميه رضا تخليداً لاسم أخيها.
تكتب غريب قصصها بشاعرية مرهفة تلمس مشاعر القارئ وتعيده الى أجواء الرومنطيقية المغيبة. أحداث تحرّك مشاعر القارئ، فيما تفرض الحكمة وجودها كركنٍ أساسيّ لكلّ قصة، أما الفلسفة فكانت هي العنصر الأول الذي تفرّعت منه جميع العناصر الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.