وزير الري يشهد ورشة عمل لمناقشة إدارة مياه النيل والسد العالي    ترامب ضد باول: معركة خفض الفائدة التي لا يملك رئيس الفيدرالي حسمها منفردا.. فلماذا يناصبه الرئيس الأمريكي العداء؟    الذهب يلمع في 2025.. 6 أشهر من الصعود وعيون السوق على النصف الثاني    بعد تهديد كاتس بالتصعيد.. غارات إسرائيلية على السويداء جنوب سوريا    استشهاد 21 فلسطينيا جراء القصف الإسرائيلي المستمر على غزة    أوكرانيا: إصابة 15 شخصا على الأقل في أحدث هجوم روسي بمسيرات وصواريخ    خالد الغندور يكشف تطورًا جديدًا بشأن راتب كولر مع الأهلي    تقارير: راشفورد يدخل دائرة اهتمامات ليفربول    بعد تداول فيديو الواقعة.. حبس المتهم بتهديد جيرانه بسلاح أبيض في الفيوم 4 أيام    أول تعليق من لميس الحديدي على إنهاء تعاقدها مع المتحدة    الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تستعد لإطلاق النسخة الثالثة لمهرجان العلمين الجديدة    منصة جديدة وفرص تدريبية واعدة.. الصحة تعيد رسم خريطة السياحة العلاجية وطب الأسنان    انطلاق المرحلة 3 من 100 يوم صحة بشمال سيناء.. المحافظ: أولوية قصوى للرعاية الطبية الشاملة    ضبط 126.9 آلف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 3 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    مصر تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي اللبنانية والسورية    وزير البترول يبحث مع «أنجلو جولد أشانتي» توسعة قاعدة الاستثمار التعديني    «السياحة» تطلق حملة إلكترونية للترويج لمصر بالتعاون مع WEGO    البورصة المصرية تسجل قمة تاريخية جديدة متجاوزة مستوى 34 ألف نقطة    وزير البترول يبحث مع "شلمبرجير" دعم أنشطة استكشاف وإنتاج النفط    جامعة أسيوط تطلق منصة إلكترونية للتحويلات بين الجامعات والكليات    خبر في الجول - أيمن أشرف يقترب من الانتقال للجونة    "لا تعجبني البالونة الحمرا".. خالد الغندور يثير الجدل: أشياء تافهة    لاعب الزمالك السابق: زيزو كان يحب النادي.. وكيف يفرط الأهلي في قندوسي؟    العلم .. والقدرة    تحفيظ وتهذيب وتوعية.. مساجد جنوب سيناء تُحيي رسالتها الروحية    وزير الإسكان يلتقي المدير الإقليمي لمجموعة معارض ومؤتمرات "سيتي سكيب" لبحث التعاون المشترك    "رحمة" تلحق بأشقائها الأربعة.. تسلسل زمني لمأساة هزت المنيا    مصرع 3 أشخاص وإصابة 9 فى انقلاب سيارة ميكروباص بطريق قنا - سفاجا    5 مصابين في حريق مخبز بلدي بأسيوط - صور    شاب يقتل شقيقته فى المنيا.. تعرف على السبب    دعوة مصرية.. واستجابة صينية    منظمة مصر السلام: الاستقالات المفاجئة تثير تساؤلات حول الضغوط السياسية على مقررى الأمم المتحدة    ناصر عبد الرحمن يقدم ورشة كتابة السيناريو بمهرجان بورسعيد السينمائي    صناع مسلسل "فات الميعاد" ضيوف برنامج "هذا الصباح" غدًا على شاشة إكسترا نيوز    منير وتامر حسني يحتفلان بطرح "الذوق العالي" بحضور بنات محمد رحيم    أول تعليق من حماس على "تقسيم" خان يونس إلى نصفين    أكاديمية الشرطة تستضيف دورتين تدريبيتين بالتعاون مع الصليب الأحمر    تسبب انكماش الدماغ.. طبيب يحذر من تناول هذه الأطعمة الثلاثة    عرضان من الدوري المغربي.. شوبير يكشف موقف الأهلي حول بيع رضا سليم    «مش هحل».. هنا الزاهد وسوزي الأردنية تعيدان مقطع «تيك توك» في عرض «الشاطر»    فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز يقترب من 137 مليون جنيه خلال 8 أسابيع    موعد المولد النبوي الشريف والإجازات المتبقية في 2025    بيراميدز ينافس الأهلى على ضم مصطفى محمد فى الصيف الحالى    بعد الإعدادية.. شروط القبول في مدرسة الضبعة النووية 2025    تحرير 531 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 787 رخصة خلال 24 ساعة    إنقاذ مصاب من موت محقق بعد تعرضه للدغة أفعى سامة بمستشفى أجا المركزي    «عبد الغفار»: حملة «100 يوم صحة» تقدم خدمات مجانية عالية الجودة    بالتنسيق مع الأزهر.. الأوقاف تعقد 1544 ندوة بشأن الحد من المخالفات المرورية    اعرف حظك اليوم.. وتوقعات الأبراج    "النقل" تعلن تمديد غلق الاتجاه القادم من تقاطع طريق الاسكندرية حتي تقاطع طريق السويس ل1 أغسطس    انتخابات مجلس الشيوخ 2025 اقتربت وهذا جدول الإجراءات المتبقية    "بعد أزمة ابنته مع طليقها".. أبرز المعلومات عن عائلة ربيع ياسين نجم الأهلي السابق    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث محور ديروط ويوجه بصرف التعويضات ورعاية المصابين.. صور    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    كيف أتغلب على الشعور بالخوف؟.. عضو «البحوث الإسلامية» يجيب    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    انتهك قانون الإعاقة، الحكومة الإسبانية تفتح تحقيقا عاجلا في احتفالية لامين يامال مع الأقزام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل سمعت بالنقد البيئي؟
نشر في نقطة ضوء يوم 28 - 11 - 2016

لقد بدأ الإنسان، منذ أواخر القرن الماضي، يستشعر فداحة ما أقدم عليه تجاه العالم الطبيعي الذي يعيش فيه. لقد دمر الغابات وطارد الوحوش، وعاث في الأرض فسادا. ومنذ أن بدأ يزعم قتل الإله، لم يكن له من قصد وراء ذلك غير ادعاء ألوهيته على الأرض، وملكيته لها، ليمارس فيها ملكيته غير المشروطة، وغير المسؤولة على البلاد وما فيها من بيئة وطبيعة، وعلى العباد، فكان أن أفنى قبائل وشعوبا، واستعبد أمما، وأذل طبقات اجتماعية. وها هو يجني ما زرعت يداه، وتكنولوجيته العتيدة التي لم يسخر سوى جزء بسيط منها لمصلحة الإنسان.
وها هو من جهة أخرى، يحاول البحث عن مواطن قابلة ل«العيش»، أي للتدمير خارج كوكب الأرض؟ وها هو ثالثا يحاول تدارك ما فات، بالاجتماع والتفاوض في مراكش، من أجل مواجهة آثار التغيير المناخي الذي أحدثه على وجه البسيطة، وهو يتصورها «خضراء» و«زرقاء»، بعد أن أحالها «سوداء» بمداخنه، وأرصفته التي تزحف على التراب.
يجتمعون الآن في مراكش في الكوب 22 للتفاوض والتفكير في إعادة التوازن الطبيعي؟ يشارك في هذه الاجتماعات رجال السياسة والاقتصاد والمال والتجار والإعلاميون، لكن غياب الضمير الثقافي الذي يمكن أن يسهم في نشر «ثقافة البيئة و«الثقافة الطبيعية» لا يمكن إلا أن يسهم في تأخير الوعي الثقافي بأهمية المحيط البيئي الذي نعيش فيه. ويتحمل المثقفون دورا كبيرا في تغييب الاهتمام بهذه الثقافة. صحيح بدأ بعض اليساريين القدامى في الغرب يهتمون ب«الأخضر»، بعد أن ضجروا بما كان يجره «الأحمر» البروليتاري و«الأسود» الديني والبورجوازي على البشرية. وصحيح أيضا أنه ومنذ التسعينيات من القرن الماضي بدأ الحديث عن جماليات البيئة، أو النقد البيئي في الكتابات الأنكلوساكسونية.، وامتد بعد ذلك إلى الكتابات الفرنسية، لإعادة النظر في الأدب والدراسات النقدية والثقافية من زاوية علاقتها بالحياة البيئية التي بدأت تستقطب الاهتمام. لكننا في آدابنا العربية وثقافتنا ما زلنا منعزلين عما يجري في العالم من حولنا، وما برحنا غارقين في مشاكلنا الخاصة التي لا نريد وضع حد لها لننخرط في العصر؟
من الأقوال الأولى التي استقرت في أذهاننا ونحن في بداية التعاطي مع الأدب: «الأديب ابن بيئته». ونستشهد لذلك بالشاعر علي بن الجهم الذي شبه الخليفة المتوكل بالكلب والتيس والدلو. ولما أراد حجابه الفتك به، أعلمهم بأن الشاعر ابن بيئته، وأتاح له فرصة العيش بين الرياض والقصور بضعة أشهر ليعود بقصيدة مدح مختلفة يتغنى فيها ب»عيون المها بين الرصافة والجسر».
وفي الشعر العربي نلحظ الأثر الواضح للبيئة من خلال الوصف. ولقد أدرك المسلمون أهمية البيئة في الحياة، وفي الحديث النبوي نجد حضورا قويا لتفاعل الإنسان مع محيطه البيئي، وضرورة الحفاظ عليه، مثل العناية بالماء ولو في الغسل والوضوء، وفي أجر النفقة الذي يمتد إلى كل ذي كبد رطبة، وفي نصوص إخوان الصفا، تمثُل قصة «تداعي الحيوان على الإنسان» التي تبين ما كان يقوم به الإنسان من تسلط على الحيوان ومطاردته لها لإشباع نزواته، إلى أن فزعت خوف الانقراض إلى ملك الجن مقاضية جرائم الإنسان. وفي الأدب الأندلسي نلمس الحضور الجمالي للطبيعة والاهتمام بها في مختلف جوانب الحياة مما مانزال نجد له آثارا ملموسة في إسبانيا الحالية. وفي الآداب الألمانية يكفي أن نشير إلى الحركة الرومانسية وامتداداتها الغربية والعربية مع الرومانسيين العرب، وأدباء المهجر الشمالي خاصة، ما يبين لنا بجلاء الحس الجمالي بالعالم الطبيعي الذي نعيش فيه.
لكن التطور الذي عرفته البشرية منذ القرن التاسع عشر، مع الثورة الصناعية، وامتداداتها إلى الثورة التكنولوجية الجديدة، تبرز لنا بجلاء أن التكنولوجيا لم تؤد إلا إلى تقزيم الثقافة والقضاء على الطبيعة؟ لم تبق التكنولوجيا والثقافة في خدمة الطبيعة بل إنها لا تعمل إلا على تدميرها. ولو تأملنا جيدا علاقة الإنسان بالطبيعة على مر العصور لألفينا أنفسنا منذ القرن التاسع عشر إلى الآن نستنزف كل ما حافظت عليه البشرية خلال مئات القرون. ولو تخيلنا ما يتحقق في العصر الحديث من استهلاك للثروات الطبيعية كان منذ عشرة قرون لما بقي أحد على وجه البسيطة؟ ولذلك نجد الآن، خاصة في سينما الخيال العلمي نوعا من الإبداع الذي يمكن أن ندخله في خانة الإبداع البيئي أو الطبيعي، كما أفضل تسميته، يدق ناقوس الخطر، ويستشعر الآثار التي خلفتها يد الإنسان، وهي تعمل على تخريب المحيط البيئي باصطناع الأسلحة النووية، وتدمير الغابات، والمساهمة في انقراض الكثير من الكائنات الحية في البر والبحر.
تحت طائلة هذا التطور الذي لحق بالبيئة والطبيعة، بدأ الاهتمام في الدراسات الأدبية بهذا الأثر المدمر، وبدأ يلتفت الدرس الأدبي إلى جماليات البيئة، وإلى علاقة الإنسان بها في الإبداع، بهدف استعادة الوعي بأهمية الثقافة البيئية. أفضل تسمية النقد البيئي ب»النقد الطبيعي» لجعله يهتم بكل ما يتصل بالطبيعة وعوالمها المختلفة بهدف تنمية جماليات الطبيعة.
٭ كاتب مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.