يدعم العربية والإنجليزية.. توقيع اتفاق لتطوير الموقع الإلكتروني لجامعة جنوب الوادي الأهلية    أهالي كرم عمران بقنا ينظمون مؤتمرًا حاشدًا لدعم مرشحة "الجبهة الوطنية" في انتخابات الشيوخ    سويلم: مشروع مقاومة الحشائش بالبحيرات العظمى استجابة مصرية فورية لأوغندا    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح    شاهد| الرئيس السيسي يجتمع مع وزير الداخلية    بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل تنفيذ خطة رفع كفاءة طلاب الجامعات المصرية    انخفاض سعر الدواجن المجمدة ل 110 جنيهات للكيلو بدلا من 125 جنيها بالمجمعات الاستهلاكية.. وطرح السكر ب30 جنيها.. وشريف فاروق يفتتح غدا فرع جديد لمبادرة أسواق اليوم الواحد بالجمالية    مركز التجارة الدولي: 28 مليون دولار صادرات مصر من الأسماك خلال 2024    الضرائب: إلزام فئات جديدة بإصدار إيصالات إلكترونية في هذا الموعد    قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا يؤكدون ضرورة وضع خطة للوصول إلى سلام دائم في غزة    قناة سورية رسمية: دمشق تحمّل تل أبيب مسؤولية التصعيد في السويداء خلال اجتماع غير معلن بباريس    السيسي يتلقى اتصالا من ماكرون لبحث جهود التهدئة في غزة    الدفاع المدني في غزة يحذر من توقف مركباته التي تعمل في التدخلات الإنسانية    ترامب "مجرم أمريكى مدان يصل أسكتلندا".. جدل بسبب مانشيت صحيفة محلية.. تفاصيل    الزمالك يُنهي معسكر العاصمة الإدارية بمحاضرة فنية من فيريرا    كوكا يقترب من الانتقال إلى الاتفاق السعودي    مطالبات في المصري بالتجديد لمحمود جاد    لاعب الزمالك على أعتاب الانتقال لفاركو    المدرسة الأمريكية تقترب من القيادة الفنية لرجال الطائرة بالأهلي    إنتر ميامي يتعاقد مع الأرجنتيني دي بول لاعب أتلتيكو مدريد    وزير التعليم يكرم أوائل الثانوية العامة: أنتم من خيرة طلاب مصر وسنواصل دعمكم في الجامعة    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار بمدينة إسنا خلال توديع أبناؤها قبل السفر    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    الخروج من هدوء الضيعة إلى فوضى المدينة .. عنوان تعاون زياد الرحباني مع والدته فيروز    سميرة عبد العزيز في ندوة تكريمها من المهرجان القومي للمسرح: أحب الدور المفيد للجمهور    حبس "أنوسة كوتة" 3 أشهر وتغريمها 10 آلاف جنيه في واقعة عامل سيرك طنطا    رامى عاشور: مصر تعطل أهداف الإبادة فى غزة وتحافظ على بقاء النبض الفلسطينى    في ذكرى رحيله.. محمد خان الذي صوّر مصر بعيون محبة وواقعية    نجاح "الشاطر" مستمر.. و"ري ستارت" يبرز في المركز الرابع بإيرادات الجمعة    الإفتاء ترد على الجدل الدائر: لا خلاف بين العلماء على تحريم الحشيش    ما حكم تعاطي «الحشيش»؟.. وزير الأوقاف يوضح الرأي الشرعي القاطع    الصحة: مصر تستعرض تجربتها الرائدة في مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين»    «بلقمة عيش».. أسرع الطرق لإزالة شوكة السمك من الزور    الأونروا تحذّر: الإنزال الجوي للمساعدات قد يقتل المجوّعين بغزة    هل اقترب انضمام محمد إسماعيل للزمالك؟.. مصدر يوضح    محافظ أسوان يتفقد نسب الإنجاز بمشروعات المياه والصرف ميدانيًا (صور)    الطائفة الإنجيلية: دور مصر تاريخى وراسخ في دعم القضية الفلسطينية    أسوان تواصل توريد القمح بزيادة 82% عن العام الماضي (صور)    تايلاند وكمبوديا تتبادلان الاتهامات بشأن الهجمات الحدودية    السيطرة على حريق مفاجئ في محول كهرباء بإحدى قرى بني سويف    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    إصابات في هجمات روسية جديدة على مدينة خاركيف الأوكرانية    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    ماذا تأكل صباحًا عند الاستيقاظ منتفخًا البطن؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    فلكيا.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 في مصر    تقارير: إيفرتون يقترب من الانضمام إلى بيراميدز    النيابة تقرر إعادة استجواب الطاقم الطبي لأطفال دلجا بالمنيا    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأعمال الكاملة ل ملك عبد العزيز: نموذج شعري رائد أسقطه العقل الذكوري
نشر في نقطة ضوء يوم 05 - 06 - 2011

صدور الأعمال الكاملة للشاعرة ملك عبد العزيز عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، يعد حدثا في حد ذاته. فمن ناحية لم يعهد في هيئتنا الموقرة أن اهتمت بشأن الأسلاف من شاعراتنا وشعرائنا اهتماما موضوعيا يسعى للكشف عن قيمتهم الحقيقية في مجرى الشعرية العربية، والأمثلة على ذلك تجاوز الحصر.ومن ناحية أخرى كانت ولا زالت أدبياتنا النقدية تعمل على ترسيخ آليات بالية فيما يتعلق بالكتابة النسوية، إذا صحت التسمية، سواء كان ذلك على مستوى النظر للأمر باعتباره إشكالا فئويا ذا طبيعة نوعية، أو على مستوى كونه إشكالا جماليا يتم الحديث عن محصوله بالكثير من النظر الاستعلائي المستند تاريخيا إلى تناسل العقل الذكوري بعضه من تلافيف بعض. وهي محصلة كان مؤداها إقصاء الصوت الشعري النسوي في مصر وفي غيرها من البقاع العربية إجمالا باستثناءات قليلة. أضف إلى ذلك فساد الحياة الثقافية العربية وتحولها إلى صورة من صور الأداء السياسي الفج وغير العادل بل والقمعي، الذي كان صورة تجسد فساد أجهزة الحكم وآلياته التسلطية، التي أدنت وأقصت على مرجعيات الثقة وليس على مرجعيات الكفاءة والقدرة. يستثنى من هذه الصورة عمل النقدية العربية لحساب أسماء، رغم أهميتها، إلا أن ارتباطها بالمرجعيات السياسية والاجتماعية كان يمثل الباعث الأكبر لتدشينها ووضعها في صدارة الشعرية العربية. وفي ظني أن ذلك لم يكن متعلقا بمرجعيات الجدارة رغم توفر هذه الأسماء على جدارة واستحقاق مؤثرين في شعريتنا المعاصرة. ينطبق الأمر على نموذجين دالين لدى نازك الملائكة وفدوى طوقان.
فعلى أهمية الملائكة، كشاعرة رائدة بحق، إلا أن الاهتمام بما قدمته في النظرية النقدية كان أعلى بكثير من الاهتمام بكونها رائدة من رائدات القصيدة الحرة. ولا يمكننا تجاهل ظرفها الاجتماعي، كنموذج مثالي لصعود الطبقة المتوسطة العربية، الذي دفع بها إلى مقدمة الصفوف باعتبارها أيقونة نسوية منذ النصف الثاني من الأربعينيات. الأمر يختلف نسبيا بالنسبة لفدوى طوقان التي كان الاحتفاء السياسي بها يتجاوز منجزها الشعري، على أهميته، باعتبارها تمثيلا لصورة الفلسطينية المناضلة أولا، المبدعة ثانيا. الأمر نفسه لا يختلف بالنسبة لملك عبد العزيز وإن كان إقصاؤها عن المشهد بدا مسرفا في مغالاته لدرجة غير مفهومة.وتكشف الدواوين الستة التي تضمنتها أعمال الشاعرة الراحلة عن تجربة فريدة في شعريتنا المعاصرة، بحيث يمكننا أن نطلق على صاحبتها لقب الشاعرة المخضرمة. حيث تقف بجدارة على رأس حقبة رومانسية تصدرتها أسماء مؤثرة وظل اسمها بين واحد من ألمع هذه الأسماء منذ منتصف الأربعينيات، ثم حققت الشاعرة انتقالة مهمة إلى تيار الشعر الحر الذي حقق، بدوره، نقلة شديدة النوعية في تاريخ الشعرية العربية. فهي على مدار ديوانها الأول أغاني الصبا تقدم لنا نموذجا رومانسيا رائقا يعكس معنيين أساسيين أولهما أن شاعرتنا تتمتع بموهبة فريدة ونادرة لا تخطئها عين القارئ، وثانيهما أنها عكفت على موهبتها بالدرس المعرفي والنقدي بحيث أنها كانت تطمح إلى التجريب في تراكيب البحور الشعرية مذ كانت طالبة بكلية الآداب. وتشير ملك إلى رواية من هذا النوع وهي تؤدي أحد امتحاناتها أما العميد طه حسين بكلية الآداب، وكان قد طلب منها أن تسمعه آخر ما نظمت، فألقت عليه قصيدة تجريبية كتبتها عام 1942، بينما كانت محاولاتها تلك بدأت في العام 1940 في قصيدتها فجر كاذب التي تضمنها ديوانها الأول.على أن تجاهل النقدية العربية يظل موضع تساؤل يثير الاستفهام إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الديوان الأول الذي أشرنا إليه يتضمن عددا وفيرا من قصائد الشعر الحر مثل الأغنية الأولى وهي تتكون من ثلاثة أجزاء طويلة بالإضافة إلى قصيدتيها انطلاق و إلى أمواج النيل وكذلك قصيدتها المعربة للشاعر الأوكراني شيفشنكو التي جاءت متخذة القالب الجديد وليس من خلال القالب التقليدي الذي كان شائعا آنذاك. أما قصيدتها ذكرى جواد عن الشهيد جواد حسني فتعد أيقونة في تاريخ شعريتنا الحديثة خاصة إذا علمنا أن الشاعرة كتبتها في عام 1958. فهي تعكس، من ناحية، موقفا شعريا متقدما يتجاوز أجواء شعر المناسبات الذي عرفته الشعرية التقليدية، حيث تنظر رأسيا لمأساة تمتد على اتساع الإنسانية، ومن ناحية أخرى تعكس القصيدة وعيا طليعيا يؤكد انحياز الشاعرة لمفاهيم العدالة والحرية والنضال المشروع ضد الحرب وسفك الدماء والدفاع عن الأوطان. أما المثير في الأمر فهو أن هذه القصائد كتبت في الأعوام بين 1955 و 1958 ، وهذا يعني أن ملك عبد العزيز تسبق كلا من صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي، الذي صدر الديوان الأول لكل منهما في العام 1958. من هنا لم يكن مفهوما إقصاء عبد العزيز من المشهد الشعري الجديد، ولا يمكننا تفسير هذا الأمر المريب سوى على كونه إمعاناً في ذكورة الثقافة العربية وتذكيراً بماضيها الذي يعتبر الشعر عملا ذكوريا باعتباره تمثيلا لثقافة القوة، حتى أن الشاعرات العربيات اللائي كن، في بعض الحالات، الأمهر بين الشعراء، تم سلبهن صفاتهن تلك تعميقا لهذه المفاهيم السلطوية. ربما لذلك سنجد أن ما شاع من شعر النساء العربيات لا يتعدى كونه شعرا رثائيا أو في الفخر والمديح في بعض الأحايين، كما نرى النموذج الأشهر لدى الخنساء ، وفي متناثرات لهند بنت عتبة، باستثناء وحيد لا يمكن القياس عليه لدى ولادة بنت المستكفي. وربما كانت هذه الانتقالة المؤثرة للشاعرة تمثل واحدة من أهم امتيازاتها على قريناتها مثل: روحية القلليني، جميلة العلايلي، وجليلة رضا، وكل منهن شاعرة تقف على ناصية الموهبة بل تتربع فيها، وجميعهن يمثلن صورة قاسية للإقصاء غير المفهوم الذي صادف شعر المصريات، ولا أظن وقوف مشاريع معظم هاتيك الشاعرات في قلب مشروع الرومانسية العربية لم يكن ليقلل من قيمتهن الشعرية.
ولا شك في أن صورة المرأة المصرية، المبدعة والمفكرة، تغيرت مع صعود مشروع التنوير منذ عودة رفاعة الطهطاوي من باريس وإنشائه أول مدرسة لتعليم البنات. ولم يكن غريبا أن تستقبل ساحة العمل الفكري والاجتماعي أسماء بارزة ومؤثرة في حياة الأمة مثل هند نوفل التي أصدرت أول مجلة نسائية في الإسكندرية عام 1892، وكذلك أسماء وردة اليازجي، عائشة التيمورية، زينب فواز، هدى شعراوي وملك حفني ناصف وأخريات.وما من شك في أن حضور الشعر النسوي تجاوز الكثير من محاذير القبلية الموروثة في ظل ثورات المد القومي العربي التي اعتمدت على طائفة واسعة من متعلمي الطبقة المتوسطة، غير أن الصورة نفسها علاها الكثير من الغبار مع تراجع هذه الثورات ومع تحولاتها وجنوحها إلى القمع واعتماد آليات الفساد. غير أن صورة الإبداع الملتزم، كشكل من أشكال المقاومة، بقيت حية وماثلة ومؤثرة، بالقدر الذي ينطوي عليه الشعر من سلطة رمزية بحكم طبيعته الهشة.
بهذا المعنى تظل شعرية ملك عبد العزيز مثالا قويا وحاسما كان يحتاج إلى الكثير من النظر النقدي للتأصيل لمرجعياته، غير أنه، من حسن حظنا، أن بقاء الشعر وفناءه ليس رهنا بمشيئة نقاد لا يعول عليهم.
فالمتأمل لتنامي الوعي الشعري لدى ملك عبد العزيز سيجد أنها بداية من ديوانها الثاني قال المساء قد حققت انتقالة جديدة على مستوى تماسك الصورة الشعرية بابتعادها عن أجواء تأملات الطبيعة التي وسمت شعرية الرومانسيين، يتجلى ذلك أيضا في البعد عن التقفية والمحسنات التي تعتمد اعتمادا واسعا على بلاغة اللغة وقشابتها. تقول الشاعرة في قصيدتها أنشودة النجوم: يا أنجم يا حلم صباي / ورفيقة أوهامي النضرة / لم لا تأتين .. إليّ بأمراس لدنه / من صنع يديك / خيطا من نور أصعد فيه / وأرود مروجك، وافرحي / لو أن يديك / مسحت بحنان أعطافي / وتمشت في جسدي رعدة / من مس يديك.سيصادفنا هذا النموذج بشكل معمق في قصائدها: بحر الصمت المهداة إلى شهداء الثورة اليمنية، وكذلك قصيدة تنتالوس الذي يمثل شخصية فريدة في الأوديسة حيث تنقل عنه الشاعرة مقدمة القصيدة التي تقول: كلما رأيت تنتالوس واقفا في بحيرة والماء يلمس ذقنه. وبالرغم من أنه كان يشكو الظمأ فإنه لم يكن يستطيع أن يشرب .. فكلما انحنى متلهفا إلى إطفاء ظمئه انحسر الماء واختفى وظهرت الأرض السوداء عند قدميه. كما كانت الأشجار دانية القطوف فوق رأسه .. ولكن كلما هم بالوصول إليها ليمسكها بيديه هبت عليها الرياح ودفعتها إلى السحب الظليلة. أما القصيدة التي بدت كإعادة إنتاج لأسطورة تنتالوس فقد شفت بالأسى عبر لغة دقيقة تنطوي على الكثير من الألم الذي يتنامى بفعل النمو الدرامي في لحظة انتظار المطر الذي لا يجيء والندى الذي يجف والأرض التي لا تثمر، تقول الشاعرة: حلمنا بالندى يشفي أوام الأرض / وينبت في دروب العمر حقلا بالرضى مخضر / تمر عليه أعيننا / فترتاح المني فينا / وتسكن لهفة في القلب لافحة / ويهدأ جمر.ولكن عزت الأنداء فالتهبت عروق الأرض / وصوحت الزهور وجفت الأغصان / واحترقت نواصيها / وأهدر فجر .. .تتبدى كذلك هذه المعرفة الصعبة في ديوان أغنيات الليل، حيث تتجسد تلك الحكمة الغائبة في قصيدتيها: مصباح ديوجين، أو مصباح المعرفة، وقصيدة كبرياء الخلق التي تصدرها ببيت من أشهر قصائد المعري، حيث يقول: وأعجب من نفسي كيف أخطئ دائما / على أنني من أعرف الناس بالناس.
وتتجسد هذه الحكمة مع نهاية التجربة في ديوان الراحلين الذي جاء ختاما لرحلة طويلة في مرثية تبدو أكثر من كونها مرثية لرموز نعرفها جميعا إلى كونها مرثية للذات الشاعرة.غير أن أكثر دواوين الشاعرة نضجا وأهمية هو أن ألمس قلب الأشياء الذي تكامل فيه الحس الإنساني والسياسي والاجتماعي متضافرا كل ذلك مع الوعي الجمالي. فرغم أن الديوان يقدم موقفا سياسيا ضاغطا في عشرات القصائد مثل: قربان عبد المنعم رياض، أغنية إلى جيفارا، النصر لنا، بالإضافة إلى قصيدة الديوان إلا أن الاستغراق فيما هو سياسي لم يفقد الديوان شاعريته ولم يجعله خاضعا للشعار، والجهورية، كما لم يوقعه في الخطابية المتوقعة في مثل هذه النماذج الشعرية. وهي إشكالية طالما حذر منها النقد المدقق، لكن الشاعرة كانت قد تسلحت بوعي مبكر عصمها من الوقوع في هذه المزالق، وهو ما جعل تجربتها تحتفظ بالكثير من طزاجتها وحيويتها. فالقيمة في الفن تظل مرهونة دائما بمدى قدرته على البقاء في الزمن. وهاهي قصائد ملك عبد العزيز تعود إلى الحياة بكامل قشابتها ورونقها في تأكيد على أنها لم ولن تكون مجرد نص عابر إنها وشعرها نصان مقيمان ما أقام الشعر في هذه الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.