صورتنا - كعرب- سوداء في عيون الغرب، وأصواتنا ليست مسموعة لديهم، وحضورنا هو حضور الكرام ومرورهم، والأوضاع تزداد سوءاً بتخاذل المؤسسات الثقافية العربية عن القيام بدورها في توصيل الإبداع العربي إلى الخارج، والعالم العربي مظلة تجمع تحتها دولاً عربية متفرقة، ولا محاولات إيجابية ل«تبييض» تلك الصورة السلبية، ولا جهود لتبني المشروعات الثقافية الفاعلة. هذه هي الحقيقة التي أكدتها المستشرقة الإيطالية الدكتورة إيزابيلا كاميرا، بصوت تطغى عليه نبرة التشاؤم، فالجهود الكبيرة التي قامت بها في محاولات توصيل المنتَج العربي إلى الغرب لم يحقق أهدافه، والوضع بعد الربيع العربي أسوأ من السابق بكثير. «البيان» التقت إيزابيلا كاميرا، التي أكدت أن الكاتب العربي ليس موجوداً على قائمة القارئ الغربي، وقالت: رغم كل الجهود التي بذلناها والأدوار التي قمنا بها في ترجمة الإبداعات العربية، إلا أننا لم نصل لأهدافنا، فصورة العرب سوداء ونمطية في ذهن الغرب. وعلينا أن نُغِّير ذلك، ورغم أننا في الماضي غيرنا هذه الفكرة، إلا أن أحداث الربيع العربي، وما حصل في سوريا وغيرها من البلدان العربية، إضافة إلى ظهور داعش، يجبرنا على أن نبدأ من جديد، وللأسف، فالوضع الآن أسوأ من السابق بكثير. تعاون مفقود ولفتت إيزابيلا إلى أن مشروعات الترجمة التي بدأتها في الثمانينيات لاقت النجاح، ووصلت للقارئ الغربي، إلا أن عدم تعاون وتكاتف المؤسسات العربية أثر سلباً، وقالت: ترجمنا لغسان كنفاني ومحمود درويش ونجيب محفوظ وغيرهم، ووصلت الإبداعات العربية للغرب، وأسستُ سلسلة أدبية بعنوان«كُتاب عرب معاصرون» نشرنا من خلالها أكثر من 50 رواية وقصة قصيرة. إضافة إلى سلسلة أخرى مع دور نشر مختلفة، ولكن بعد فترة فشلت كل هذه المشروعات، بسبب عدم إقبال القارئ الغربي على هذه الكتب، وهو ما تسبب في مشكلة كبيرة لأصحاب دور النشر، الذين لم يحصلوا على مقابل من ورائها، حتى أصبحت تكتفي دور النشر المهمة بترجمة رواية واحدة أو اثنتين فقط للكُتاب العرب. تخاذل وعبَّرت إيزابيلا عن استيائها من تخاذل المؤسسات العربية، وقالت: كنتُ شريكة في مشروع «ذاكرة المتوسط» وهو مشروع عروبي مهم جداً، أسسته مؤسسة ثقافية في أمستردام، وترجمنا خلاله عدة روايات لعدة لغات أوروبية كالإنجليزية والبولندية والإسبانية والإيطالية في نفس الوقت، وبعدها طلبت المؤسسة الهولندية من مؤسسات عربية الاهتمام بهذا المشروع ودعمه، ولكن طلبها قوبل بالتجاهل، ولم تتعاون أي مؤسسة عربية، ما دفع بالمشروع للتوقف بعد 20 عاماً من العطاء. وذكرت إيزابيلا أن العالم العربي مظلة تجمع تحتها عدداً من الدول، إلا أنها في الحقيقة متفرقة، وقالت: كنا نعتقد أن هناك عالماً عربياً، ولو كانت الثقافة مشروعاً عربياً فمن المسؤول عنه وأنتم العرب متفرقون بهذا الشكل؟ وأضافت: كنا نعتقد أن العالم العربي واحد، لكننا اكتشفنا أنه مشتت، وكل مؤسسة ثقافية تنتمي لدولة عربية تهتم فقط بكتابها، وهذه مشكلتكم أنتم العرب، فأنتم أكثر من 20 دولة وتطلقون على أنفسكم اسم العالم العربي، ولكنكم متفرقون، ونحن لا نرى أدباً عربياً، بل أدباً أردنياً ومغربياً ومصرياً وهكذا. أزمة تمويل وأشارت إلى أنه من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف في التاريخ والتقاليد والتفكير، ولكن المشكلة ألا يكون هناك مؤسسة عربية واحدة تساعد المؤسسات الأوروبية في دعم الكتاب العربي، وقالت: على سبيل المثال، فهناك مؤسسة ثقافية أوروبية في أمستردام، تضم المبدعين من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا تحتها على اختلاف تقاليدهم وتاريخهم وتفكيرهم. إيزابيلا كاميرا التي تتولى مهمة تعليم الأدب العربي المعاصر في جامعة روما، طالبت المؤسسات العربية بتعزيز حضور أدبها في الغرب، وقالت: يد واحدة لا تصفق، وفي حال تقاعدت، لن يكون هناك تعليم للأدب العربي المعاصر، فليس هناك تمويل في هذا النطاق لتستمر الجامعة بهذا الاتجاه.