رئيس مجلس الشيوخ يلتقي وزير العدل    "التموين" يستمع لمطالب شعبة المخابر.. ويطمئن على سير العمل    رئيس الوزراء يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لمشروع "رأس الحكمة"    آخر مهلة لسداد فاتورة التليفون الأرضي لشهر أكتوبر 2025.. خطوات الاستعلام والسداد والغرامات بالتفصيل    محافظ مطروح يتفقد مركز التدريب المدني.. ويؤكد الإعلان عن دورات تدريبية قريبا    جيش الاحتلال: علينا زيادة الخدمة الإلزامية إلى 36 شهرا    إعصار فونج-وونج يصل إلى مقاطعة أورورا شمال شرقى الفلبين    انتهاء عملية التصويت الخاص وإغلاق المراكز الانتخابية في العراق    حسام وإبراهيم حسن يتواجدان في مباراة الأهلي والزمالك بنهائي السوبر    مصرع 4 أشخاص وإصابة 3 آخرين في انقلاب سيارة ملاكي من أعلى معدية ببني سويف    وزارة الداخلية: خطة أمنية متكاملة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025.. صور    محمد المزيودي يكشف للستات مايعرفوش يكدبوا تفاصيل فكرة استعادة الآثار المهربة    محافظ المنيا يكرم الأبطال المتميزين رياضيا من ذوى الهمم    أبرز ملفات الشرع في واشنطن.. «قانون قيصر» و«التعاون الدفاعي» يتصدران أجندة المباحثات    بالتسابيح والإلحان.. بدء أنطلاق فعاليات اليوم الأول لإحتفالات دير مارجرجس بالرزيقات غرب الأقصر    وزيرة التضامن تعلن عن دعم مستشفى شفاء الأورمان بالأقصر ب10 ملايين جنيه    الفريق البحثى لكلية الطب بالقوات المسلحة يحصد الميدالية الذهبية في المسابقة العالمية للهندسة الوراثية    «الداخلية»: ضبط صانعة محتوى رقصت بملابس خادشة على وسائل التواصل الإجماعي    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «أطفال بلا مأوى» بالشرقية.. الأم تركتهم أثناء التسول    العثور على جثة شخص بها طلقات نارية في قنا    المستشارة أمل عمار تدعو سيدات مصر للمشاركة بقوة في انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الثقافة يلتقي نظيره القطري لمناقشة عدد من المشروعات الثقافية    وزير الصحة يبحث مع ممثلي «الصحة العالمية» تعزيز جهود مواجهة الكوارث والطوارئ    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    محافظ قنا يترأس اجتماع لجنة استرداد أراضي الدولة لمتابعة جهود التقنين وتوحيد الإجراءات    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    موفدو الأوقاف بالخارج يبادرون لأداء واجبهم الوطني في انتخابات مجلس النواب بمقار السفارات والقنصليات المصرية بالخارج    رئيس منتدى مصر للإعلام تستقبل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    «تنتظره على أحر من الجمر».. 3 أبراج تقع في غرام الشتاء    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    تحسين الأسطل : الأوضاع في قطاع غزة ما زالت تشهد خروقات متكررة    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    التنسيقية: إقبال كثيف في دول الخليج العربي على التصويت في النواب    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    وفاة الكاتب مصطفى نصر بعد تعرضه لأزمة صحية مفاجئة    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    مواعيد مباريات الأحد 9 نوفمبر - نهائي السوبر المصري.. ومانشستر سيتي ضد ليفربول    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عطارد" حكاية الفانتازيا المفتوحة على الواقع بأسئلة العدم
نشر في نقطة ضوء يوم 30 - 04 - 2016

يملك الكاتب المصري محمد ربيع في روايته “عطارد”، المرشحة مؤخرا في القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، زمام السرد ممسكا بأطراف الحبال كلها في المشاهد المتعاقبة عبر ضمير “الأنا” الذي استخدمه في فضاءاته الغريبة. هذه الفضاءات تبدو كأنها لوحة بيضاء أمامه والكاتب هو الرسام الذي لا يملك من الألوان إلا الأحمر، الذي تتقاطع فيه الدماء مع النار، فكانت العتبة الأولى بخيط رفيع من الدم سرعان ما انفتح على مشهد الأضحية نهار العيد، تلك الفضاءات أبعاد أراد الروائي ألا تحدّها حدود ففتح لها آفاق الجغرافية لتشمل الوطن كله.
الزمان المفتوح
مصر التي نعرفها اليوم باتت في رواية “عطارد”، الصادرة عن دار التنوير في بيروت، مبنية على طبقات من الزمان والمكان على حدّ سواء، فالزمان يسير على ثلاثة مستويات، الأول في عام 2025 حيث تقع مصر تحت الاحتلال من قبل مَن يُعرَفون “فرسان مالطا” و الثاني عام 2011 من خلال طفلة صغيرة اسمها زهرة تفقد ذويها في ثورة يناير فتطوف بالثلاجات والموتى بحثا عنهم قبل أن تصاب بمرض غريب يتناسب مع أجواء الرواية التي تكاد تُصيب القارئ بالاختناق، أما المستوى الثالث من الزمان فهو التاريخ القديم الذي عاد به محمد ربيع إلى عام 455 هجري حيث استنهض شخصية صخر الخزرجي، الذي يحمل اليقين الذي يسعى الروائي لإثباته عبر شخصية النقيب أحمد عطارد.
فكرة الرواية الفانتازية غير المعقولة ضمن نطاق التفكير البشري تقوم على فكرة محبوكة تقوم على عمودين، الأول هو أن القيامة حدثت في زمن مضى، والثاني هو تناسل الحكايات من الحكاية الرئيسية، الحكاية التي ضمت في جنباتها كل التفريعات التي انطلقت منها الشخصيات للإيغال في الدم، ففي رواية “عطارد”، الواقعة في 304 صفحات، لا يوجد أحد بريء، البريء فقط هو ذلك الذي لم يولد بعد.
يسيطر الدم على أجواء الرواية وربما من هنا جاء رسم شخصية البطل ذات البعدين الفراغيين، فمِن جهة هو ضابط في الشرطة يشرف على التحقيق مع قاتلٍ التَهَم زوجته وأبناءَه بعد أن خسر أمواله في البورصة، ذلك التحقيق الذي يجعله يكتشِف أنه قاتل بالفطرة، وبصورة أدق تدفعه إلى اكتشاف القدرة على التخيل عنده حيث يرى نفسه ممسكا بأطفاله وزوجته ليقتلهم كما فعل القاتل، لكنّ الدافع هنا لم يكن فعل القتل لأجل الإجرام، وإنما القتل لأجل الخلاص من الجحيم، الجحيم الذي يمتد عبر الحكاية بأشكال متعددة فهو ليس نارا ولا بردا فقط وإنما علاقات اجتماعية وعقد سياسي واجتماعي وديني ركيك، العقد الديني الذي لا يقترب منه الراوي إطلاقا فنراه يلجأ إلى العلم الذي يأتي بعد الاكتشاف ويبتعد بقدر استطاعته عن استخدام المعرفة التي تأتي بعد الجهل، في هذه النقطة تحديدا أراد محمد ربيع أن يفرض الشخصيات بصفتها المتخيلة والبشرية في آنٍ معا رغم أنها خارجة من حكاية غير معقولة الحدوث في المستوى الواقعي، أما الشق الثاني لشخصية البطل أحمد عطارد فيتمثل في قدرته على استشراف المعرفة من خلال إيغاله في الدم بعد أن آمن بفكرة حياة الجميع ضمن الجحيم.
الواقع والخيال
رغم استناد الرواية في بدايتها إلى الميثيولوجية الدينية إلا أن الروائي سرعان ما يتخلص من تلك القيود ليفرض رؤيته لفكرة الجحيم التي تقوم عنده على أساس متخيل غير واقعي بأن الإنسان يعيش أساسا في الجحيم وموته الآني هو خلاص له من هذا العذاب، ورغم عدم وجود المقابل الموضوعي والمكاني للجحيم الذي يطرحه الكاتب من خلال “الجنة” مثلا فإن القارئ قادر على إدراك ذلك البعد الخفي الذي ظلّ مفتوحا على الأسئلة كلها دون إجابات، وماذا بعد؟
عطارد الكوكب الأقرب إلى الشمس والأكثر ارتفاعا في حرارته وهو أيضا قاتل محترف اكتشف أن الجحيم يسيطر على الكرة الأرضية لأن القاتلين هم الأكثرية بينما الضحايا الأبرياء قلة قليلة، الضحايا الذين يتعرضون من الضابط أحمد عطارد ومن أحمد عطارد قائد مجموعة البرج إلى الموت المجاني، لا يكتشفون أن عليهم الرحيل خلاصا من العذاب اليومي، الرحيل الذي لم يأتِ بالراحة أبداً، نرى ذلك في فكرة توالد الألم وظهور أعراض غريبة على الجسد البشري في لعبة السرد.
يمكن القول إن محمد ربيع استند في روايته إلى أجواء فانتازية خاصة في ما يتعلق بالجانب النفسي الآدمي وإلى ارتكازات حقيقية تاريخية استنهض من الماضي ما يتناسب في حدوثه مع الحكاية كتقسيم القاهرة إلى شرقية وغربية ووجود الحاكم العسكري على الطريقة الأميركية في احتلال بغداد عام 2003. كما اختصر ربيع بيان النعي وزمن أسئلة العدم في الجملة الأخيرة من روايته، حيث يقول “ورأيت أن الجحيم دائم لا ينقطع، أزلي أبدي، وأن كل شيء سيفنى في النهاية ولن يتبقى سواه، وعلمت أني خالد في الجحيم، وأنني ابن الجحيم”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.