الأعلى للجامعات يجري مقابلة المتقدمين لرئاسة جامعة مطروح    أسعار الخضراوات والفاكهة في أسواق الجملة اليوم الجمعة    أسعار الذهب فى الصاغة اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025    وزير الخارجية يشيد بما تشهده العلاقات المصرية - الأوروبية من زخم متصاعد    منتخب مصر الثاني يطير اليوم إلى الدوحة استعدادا لكأس العرب    الليلة.. الأهلي يتحدى الجيش الملكي في «ديربي عربي» بدوري أبطال إفريقيا    السيطرة على حريق داخل شقة بنجوع الصوامعة بطهطا سوهاج دون خسائر بشرية    تفاصيل عملية بيت جن.. هذا ما فعله الجيش الإسرائيلي بريف دمشق    أخبار فاتتك وأنت نائم| زلزال في الزمالك.. أزمة تصريحات حسام حسن.. ترامب يوقف الهجرة من دول العالم الثالث    وزير البترول: مصر بصدد إطلاق مسح جوي لتحديد الأماكن الواعدة تعدينيا    ممدوح الصغير يكتب: السكوت من ذهب    بإجابات عائمة: داخل أم خارج السجن.. جدل حول العقيد أحمد قنصوة المعتقل بسبب ترشحه أمام السيسي في 2018    طقس اليوم: معتدل الحرارة نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 26    مصرع 3 شباب إثر حادث غرق سيارة بترعة المريوطية فى أبو النمرس    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    شبورة كثيفة على الطرق.. الأرصاد تحذر السائقين من انخفاض الرؤية    أول صورة من «على كلاي» تجمع درة والعوضي    رسائل حاسمة من الرئيس السيسي تناولت أولويات الدولة في المرحلة المقبلة    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    حصيلة ضحايا كارثة الأبراج في هونج كونج تقترب من 100    ستاد المحور: عبد الحفيظ يبلغ ديانج بموعد اجتماع التجديد بعد مباراة الجيش الملكي    أستراليا.. يعتقد أن ضحيتي هجوم القرش بشمال سيدني مواطنان سويسريان    ارتفاع عدد ضحايا حريق هونج كونج إلى 94 شخصًا وسط عمليات إنقاذ مستمرة    كورونا وسلالة الإنفلونزا الجديدة، موجة فيروسات تجتاح إيران واكتظاظ المستشفيات بالحالات    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    حبس سيدة وابن عم زوجها 4 أيام بالفيوم بتهمة علاقة غير شرعية بالفيوم    تفاصيل صادمة.. زميلان يشعلان النار في عامل بسبب خلافات بالعمل في البحيرة    تعليم القاهرة تواجه الأمراض الفيروسية بحزمة إجراءات لوقاية الطلاب    بعد أزمته الصحية، أحمد سعد يتألق في حفل الكويت تحت شعار كامل العدد (صور)    توقيت أذان الفجر اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    مصر تستقبل بعثة صندوق النقد: اقتراض جديد لرد أقساط قديمة... والديون تتضخم بلا نهاية    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    واشنطن بوست: أوروبا تسعى جاهدة للبقاء على وفاق بينما تُقرر أمريكا وروسيا مصير أوكرانيا    عماد الدين حسين: سلاح المقاومة لم يردع إسرائيل عن غزو لبنان واستهداف قادته    شعبة السيارات تدعو لإعادة التفكير في تطبيق قرار إجبار نقل المعارض    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    والدة الإعلامية هبة الزياد تكشف ل مصعب العباسي سبب الوفاة    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    شروط حددها القانون لجمع البيانات ومعالجتها.. تفاصيل    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    بيونجيانج تنتقد المناورات العسكرية الأمريكية-الكورية الجنوبية وتصفها بالتهديد للاستقرار    اليوم، ختام مسابقة كاريكاتونس بالفيوم وإعلان أسماء الفائزين    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    طولان: ثقتي كبيرة في اللاعبين خلال كأس العرب.. والجماهير سيكون لها دورا مع منتخبنا    الهجرة الأمريكية تراجع البطاقات الخضراء ل19 دولة مثيرة للقلق    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    شعبة الدواجن تحذر: انخفاض الأسعار قد يؤدي لأزمة في الشتاء القادم    فضائل يوم الجمعة.. أعمال بسيطة تفتح أبواب المغفرة والبركة    غلق كلي لشارع الأهرام 3 أشهر لإنشاء محطة مترو المطبعة ضمن الخط الرابع    وزير الثقافة والمحافظ يشهدان ختام الدورة ال18 من ملتقى الأقصر الدولي للتصوير    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    أخبار 24 ساعة.. رئيس الوزراء: لا انتشار لفيروس غامض والمتواجد حاليا تطور للأنفلونزا    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    هيئة الرعاية الصحية تمنح الدكتور محمد نشأت جائزة التميز الإداري خلال ملتقاها السنوي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم قصير يطرح بعض إشكالات السينما العربية
نشر في نقطة ضوء يوم 15 - 04 - 2016

تلعب المصادفات لعبتها، وأحياناً في شكل سيء لبعضهم. فمثلاً في الوقت ذاته الذي كانت لجنة تحكيم الأفلام القصيرة في الدورة الأخيرة لمهرجان مسقط السينمائي (21-25 آذار - مارس)، غير قادرة على ان تجد ولو فضيلة واحدة جديرة بالفوز او التنويه في الفيلم البحريني/ الإسباني القصير «سارق النور» (19 دقيقة) من إخراج السينمائية البحرينية السورية الأصل، إيفا داود، كانت لجنة تحكيم أخرى، على المقلب الثاني من الأرض، في أميركا، تعلن وفي الحفل الختامي لمهرجان «يوتا» العالمي للسينما، عن فوز الفيلم نفسه، بثلاث جوائز رئيسية: جائزة أفضل إخراج، جائزة افضل فيلم قصير، وجائزة افضل مونتاج. فكيف يمكننا تفسير هذا التفاوت في «الفوز»، وهو بالتالي تفاوت في الرؤية والتقييم؟
لن يكون من السهل الدخول في حديث الأبيض والأسود هنا. ولن يكون من السهل اتهام لجنة مهرجان مسقط بالتحيز ضد الفيلم، ولا بالتالي اتهام لجنة يوتا، بالتحيز للفيلم. ففي الواقع ان أياً من اللجنتين ليس لديها من الأسباب ما يدفعها الى أي تحيز. كما - ويا للمفارقة - لم يشكل حضور المخرجة صاحبة الفيلم في مهرجان وغيابها عن الآخر، مبرراً أو حتى تفسيراً. ما الذي حدث هنا تناقضي تماماً، فإيفا داود بلطفها وسينمائيتها، كانت حاضرة في المهرجان الذي لم تفز فيه، فيما كانت غائبة عن المهرجان الذي توج فيلمها بثلاث جوائز. وإلى هذا، لن يكون من المنطقي القول انها كانت، في مسقط، تنافس أفلاماً قوية، ما أبعد فيلمها عن الجوائز والتنويه ضمن لعبة مقارنة رياضية بحتة، فيما نافست افتراضياً أفلاماً ضعيفة في «يوتا». بالنسبة إلى الأفلام المنافسة ل «سارق النور» على الأقل، يمكن المرء الذي شاهدها، أن يحكم، ببساطة، أن معظمها لم يكن على مستوى تنافسي حقيقي... لذا تبقى هنا فرضية أخيرة، وهي ان لجنة تحكيم مسقط لم تتمكن من تقبل فيلم «سارق النور»، لأسباب غير سينمائية، فيما تقبلته وتوجته لجنة «يوتا» لأسباب سينمائية بالتحديد. ويزيد من قوة هذا القول، أن «سارق النور» ليس فيه سوى سينما، سواء أحببناه أو لم نفعل، فهو، وعلى عكس الأفلام القصيرة التي تعرض عادة في المهرجانات العربية، لا يتضمن مواعظ أو رسائل أو أيديولوجيات. ومن هنا قد يمكن القول إن «سينمائية» هذا الفيلم هي التي «قضت» عليه في مسقط. وربما بالتحديد، لأن المحكمين أنفسهم لا يمكنهم تقبل فيلم سينمائي الأبعاد في مهرجان عربي.
بين عالمين
والحال أن «سارق النور» هو أولاً وأخيراً فيلم سينمائي. فيلم يعبق بالرغبات السينمائية وبحب السينما. وهذا ما اكتشفه بالتحديد، على رغم تعسف لجنة التحكيم في مسقط، سينمائيون ونقاد شاهدوه ليتساءلوا، بعدما أثنوا على عمل مخرجته الفني ولغتها السينمائية وإدارتها للممثلين: «... ولكن ماذا أراد أن يقول؟». وفي المقابل بدا واضحاً أن محبي السينما يمكنهم أن تكون لهم مآخذ عديدة على هذا الفيلم، لكنهم سينتهي الأمر بهم إلى أن ينظروا إلى «كيف يقول ما يقوله» وليس إلى «ماذا يريد أن يقول». ولعل في إمكاننا أن نقول إن من حظ هذا الفيلم القصير، أن يشكل نقطة مفصلية في طرح مشكلة غاية الفن، ووسيلته للوصول إلى غايته، في عالم سينمائي عربي يجد الكثير من الصعوبة في التخلص من تراكم تراثه الإيديولوجي، وتغليبه المضمون (الرسالة... الإيديولوجيا) على الشكل (الإبداع).
ومهما يكن من أمر هنا، لا بد في النهاية وبعدما طرحنا هذه الإشكالات في السطور السابقة، أن نتوقف عند الفيلم نفسه، في محاولة للبحث عن سوء التفاهم الذي يحكم النظرة إليه. وهناك بالتأكيد سوء تفاهم يخلقه «سارق النور»، نقولها على رغم أن نظرتنا إلى الفيلم، نظرة شديدة الإيجابية، ولا سيما بالنسبة إلى أبعاده الفنية، ما يجعلنا نعتبره مؤشراً إلى ولادة سينمائية جديدة لمخرجته التي سبق أن خاضت تجارب عديدة أخرى في مجال الفيلم القصير (من أفضلها «ربيع مرّ من هنا»). ففي اختصار يمكننا أن نقول هنا إن إيفا داود سينمائية حقيقية. غير أن مشكلتها الأساس تكمن في أنها - وهذا ما يؤشر إليه «سارق النور» بكل وضوح، وفيه تكمن مشكلته الأساسية -، أكدت، مرة أخرى، في «سارق النور» أن نَفَسها نفس سينما روائية طويلة. أي في كلمات أخرى، ما أمامنا هنا إنما هو موضوع غنيّ ومبتكر لفيلم طويل يبدو وكأن توليفاً ما قصّره، إلى أقل من ربع الطول الذي كان يستحقه. فالموضوع، الذي ينتمي إلى نوع شديد الخصوصية من الخيال العلمي الغرائبي، إنما الميتافيزيقي، لم يُخدم كما يجب بسيناريو مكثف توصّل إلى نتائج المواقف والعلاقات في شكل أتى دائماً مباغتاً ومن دون مقدمات تمهيدية. كل شيء مرّ هنا سريعاً: من تقديم شخصية البطل الذي اعتاد أن «يسرق النور» - الرامز هنا إلى الشغف الإنساني - ويخبئه في قوارير (سندرك لاحقاً مدى رمزيتها الليبيدية إنما من دون أن يكون ذلك واضحاً إلا لمن يشاهد الفيلم غير مرة)، إلى المرور بالكيفية التي «يصطاد» بها حبيباته المرشّحات لأن يسرق النور منهن؛ وصولاً إلى تلك القلبة «المسرحية» التي تحوّله من جلاد في لعبة ابتكرها بنفسه، إلى ضحية في لعبة انقلبت عليه، بحيث أن واحدة من حبيباته الأخيرات، إذ تكتشف، وبسرعة أيضاً، وقوعها ضحية له، تتمكن - ودائماً بسرعة سينارستية غير مبررة -، تتوجّه إلى شقته، فيما يكون هو منهمكاً في ممارسة لعبته مع حبيبة تالية لها، لتعثر على القوارير، ما يتيح لها بالتالي تحرير النور/ الشغف المتعلق بسابقاتها، قبل أن تقدم على سرقة نوره، لتضعه في زجاجة (قضيبية الرمزية هي الأخرى) سرعان ما تصبح في قبوها واحدة من مئات الزجاجات، ما قد يعلن، ضمنياً تحوّل اللعبة البطريركية إلى لعبة ماتريركية (بداية عصر النساء!؟).
في انتظار خطوة تالية
في هذا الوصف الذي نورده لمجرى الفيلم هنا، ستبدو الأمور واضحة مفسَّرة بالتأكيد. وربما يصل هذا الوصف بسهولة أيضاً إلى من يشاهد الفيلم. غير أن المشكلة تبقى في طول الفيلم والسيناريو المكتوب له. فالحقيقة أن موضوعاً كهذا، له هذه الجدّة وهذا العمق الفكري والفلسفي، يعيش مجازفة قوية هنا، كما أشرنا أعلاه، إذ يُطلب من المتفرج أن يتابع ما يحدث وكأنه يقرأ عناوين لأحداث سوق تُفسر في ما بعد. عناوين تريد منه أن يقتنع بكل التغيرات في سياق حكاية لا يصله منها سوى علاماتها الأساسية. ولا سيما إذا كان المتفرج من النوع الذي اعتاد السينما التي تشرح وتفصّل، وغريباً عن ذلك النوع من السينما الغرائبية المثيرة لإشكالات فكرية واجتماعية.
يقيناً أن إيفا داود في كلاسيكية لغتها السينمائية واقتصادها في الحوار، ولعبها على التفاصيل، واشتغالها على الديكور والتوليف في شكل فائق الجديّة والجمال، بذلت جهوداً كبيرة - وربما مجازفات أيضاً - في هذا الفيلم، حيث أكدت أن في إمكانها أن تفعل أفضل لو أن بين يديها سيناريو أكثر توازناً وأكثر قدرة على خدمة أفكارها التي لا شك في أنها تقف خارج التفكير التقليدي - الاجتماعي الذي تحمله السينما العربية (ما يفسر، مرة أخرى، احتفاء محكّمي «يوتا» بها، في مقابل تجاهل محكّمي «مسقط»). إيفا داود تبدو وكأنها خاضت بنجاح امتحان «تخرّجها» السينمائي في هذا الفيلم، وبات عليها الآن أن تخطو خطوتها التالية، إنما عبر سيناريوات توازي قوتها الإخراجية ولا سيما في إدارة الممثلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.