ارتفاع أسعار 4 عملات عربية مقابل الجنيه خلال تعاملات اليوم    ارتفاع البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    روابط تحميل كراسة شروط سكن لكل المصريين 7    عمل متهور.. زعيم المعارضة الإسرائيلية ينتقد استهداف القصر الرئاسي السوري    وداعًا "معشوق بورسعيد".. صدمة وفقدان وحلم لم يكتمل برحيل ميمي عبد الرازق    بعد أنباء أزمة العقود.. إمام عاشور ينشر صورته مع زيزو    "خيالي زي زيزو".. الغندور يفجر مفاجأة بما يفعله الأهلي مع إمام عاشور    السيطرة على حريق داخل مصنع قطن بشبرا الخيمة    تحذير للسائقين.. الأرصاد: أجواء شديدة الحرارة وشوائب عالقة تُعيق الرؤية    فيديوهات فضح البلطجة أخرجت أسوأ ما فينا.. ما كل هذا العنف ؟!    السيسي يهنئ نظيره الكولومبى بذكرى يوم الاستقلال    «التضامن» توافق على إشهار 3 جمعيات في محافظة البحيرة    أهالي وسط سيناء يشكرون الرئيس السيسي لإقامة محطة تحلية مياه للشرب بالمنطقة    لهذا السبب.. فيلم الشاطر يتصدر تريند "جوجل"    كيف نواجه الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    نائب وزير الصحة تبحث إجراءات تقليل الولادات القيصرية غير المبررة في المنيا    أحمد الشرع يكشف عن وساطات أوقفت الضربات الإسرائيلية على سوريا    جدول عروض المهرجان القومى للمسرح.. 35 مسرحية والحضور مجانا    كانوا متجهتين إلى موسكو.. روسيا تعلن إسقاط مسيرتين أوكرانيتين    فلسطين.. قوات الاحتلال تشن قصفًا مدفعيًا وتنسف مباني شرقي مدينة غزة    ويتكوف: مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تمضي بشكل جيد    بينهم طفل.. إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ملاكي ب طريق رأس غارب الشيخ فضل    العد التنازلي لإعلان نتيجة الثانوية العامة 2025.. التصحيح يقترب من المحطة الأخيرة    رسميًا.. موعد بداية العام الدراسي الجديد 2026 (الخريطة الزمنية والمصروفات الدراسية وأخبار البكالوريا)    مقتل شخصين في هجوم روسي على وسط بلدة في شرق أوكرانيا    كندا ترد على رسوم ترامب: كارني يفرض تعريفات جديدة لحماية صناعة الصلب    رابط تقديم الصف الأول الثانوي 2025 عبر موقع التنسيق الإلكتروني    استقرار الدولار الأمريكي اليوم الخميس 17-7-2025.. وتأرجح أسعار العملات الأجنبية    ترامب يعلن موافقة كوكاكولا على استخدام السكر الطبيعي في مشروبها داخل أمريكا    دراسة تحذر: الأطباء يتجاهلون "سببا شائعا" لارتفاع ضغط الدم    فنان من الزمن الجميل.. «ستوديو إكسترا» يعرض تقريراً عن رشوان توفيق    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيراً بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 17 يوليو 2025    رشوان توفيق: الفن له تأثير خطير.. و«الليل وآخره» يحمل رسائل دينية    بمنهجية علمية وشهادات معتمدة.. «الأزهر» ينشر لغة القرآن في قارات العالم    مع إنذار من تسونامي.. 7.3 قوة زلزال ألاسكا    3 أطفال غرقى في أسيوط    شادي زلطة: 90 مدرسة تكنولوجية أحدثت نقلة نوعية بالتعليم الفني    «أنا المصري كريم العنصرين»!    خدمات مالية غير مصرفية تتصدر قطاعات الأسهم المقيدة الرئيسية نهاية جلسة الأربعاء    تامر حسني بعد ترند "لينا ميعاد": تعبت تعب مش طبيعي ودخلت مستشفيات وبحاول أكون واجهة جميلة لمصر    رد فعل غاضب من الخطيب تجاه وسام أبو علي.. ياسمين عبدالعزيز تكشف    «كانو بيمثلوا».. الحنفي: وليد سليمان وأيمن حفني وأحمد عيد اعتادوا ادعاء السقوط بمنطقة الجزاء    المحافظ يثمّن جهود «عمال مصر» في إنجاح أكبر ملتقى توظيفي بصعيد الوطن    المئات يحتفلون ب مولد الششتاوي بالمحلة الكبرى (صور)    مصرع شخصين اختناقًا داخل حفرة أثناء التنقيب عن الآثار في الغربية    أول تعليق من ريهام عبدالغفور قبل عرض مسلسل "كتالوج"    حدادًا على رحيل ميمي عبد الرازق.. المصري يجمّد أنشطته 3 أيام    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    لو لقيت حاجة فى الشارع.. أمين الفتوى يوضح التصرف الصحيح شرعًا (فيديو)    الأهلي يكشف كواليس عرض الحزم السعودي لضم أحمد عبد القادر    3 أبراج «ضد الكسر».. أقوياء لا ينهارون بسهولة ويواجهون الأزمات بثبات عجيب    حدث بالفن | وفاة مطرب وتعرض نجل مخرج لحادث وسوزي الأردنية تدخل التمثيل    ما حكم "تجميد البويضات"؟.. مفتي الجمهورية يجيب    لغز يكشف الحلم الذي تخفيه في قلبك.. ماذا ترى أولاً؟    ميكالي: حلمي لم يكتمل مع منتخب الشباب.. وأتمنى العودة للتدريب في مصر    عميد القلب السابق يكشف المعدن السحري لصحة الإنسان (فيديو)    كيف نواجة الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    فوائد البنوك حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهوية الأكاديمية
نشر في نقطة ضوء يوم 03 - 03 - 2016

عادة ما أجدني محاصرا بالسؤال الذي يطلب مني تحديد الصفة التي يمكن أن يذيل بها اسمي في جلسة تلفزيونية، أو في حوار إذاعي، حين يسألني صحافي عن المهنة التي أحب أن يقدمني بها: أستاذ جامعي، باحث، ناقد؟ وفي بعض الندوات الأدبية، يتصرف رئيس الجلسة حسب معرفته بالمحاضر، فيقدمه على أنه مثقف أو باحث جامعي أو الأستاذ الدكتور.
كنت أجد صعوبة كبرى في تحديد الصفة الملائمة. فكنت في كل مرة، وحسب المقام أقترح ما يتناسب معه، ومع الجمهور المتحدث إليه. ويحصل الشيء نفسه في ملء استمارة التحكيم، حيث نجد أحيانا خانة تستدعي تحديد الاختصاص العام، والاختصاص الدقيق. كل هذه الأسئلة، سواء اتصلت بالاختصاص، أو الصفة، تندرج في ما أسميه «الهوية الأكاديمية» في علاقتها بالأستاذ الجامعي العربي داخل كليات الآداب بصفة عامة، وداخل شعب اللغة العربية وآدابها، بصفة خاصة.
لا يمكن أن تتحدد الهوية الأكاديمية إلا بالاختصاص العلمي الدقيق المشتغل به، أو نوعية البحث المُمارَس. وإذا كانت صفة «أستاذ جامعي» مشتركة بين كل من يعمل في التعليم العالي، ولا يمكن من خلالها تمييز أستاذ في كلية العلوم عن آخر في كلية الحقوق، كانت «أستاذ باحث» تحمل الصفة المشتركة نفسها. وتبعا لذلك، يكون تدقيق الهوية بسؤال آخر: أستاذ جامعي، أو باحث في ماذا؟ وحين يتم تحديد «الأدب»، يُطلب التدقيق أكثر بالسؤال عن الموضوع المشتغل به. ويكون الجواب: أدب قديم، رواية، نقد أدبي…
نلاحظ من خلال كل هذه المحاولات لتدقيق «الهوية الأكاديمية» داخل أقسام اللغة العربية أننا أمام التباس بيِّن. فهل الأجوبة المقدمة، تتصل باختصاصات؟ أم بمواد؟ أم موضوعات؟ وهل هذه «الاختصاصات» ترتبط بمادة التدريس؟ أم بموضوع البحث المشتغل به؟ أم ب»اختصاص» له علاقة بالأطروحة التي أعدها الأستاذ؟ على اعتبار أن الأستاذ يمكنه أن يدرس أي مادة، حتى لو كانت بعيدة عن «اختصاصه» لضرورة من الضرورات.
لو انطلقنا من موضوع الأطروحة المُعدَّة، على اعتبار أنها تحدد «الاهتمام» الخاص لدى «الباحث» لا يمكننا إلا أن نجد عدم التحديد نفسه. إن الشهادة المحصل عليها لا تقدم لنا الاختصاص الدقيق. وما تقدمه لنا يظل يتغير باستمرار. في فترات سابقة كانت هناك تمييزات مثل: أدب قديم، أدب حديث، نقد، بلاغة… وصارت الآن، مع النظام الجديد، وهي تتصل ببنية التكوين، تحمل صيغة عامة: «دكتوراه في الآداب». أما إذا اعتبرنا المواد المدرسة، فإن «الهوية الأكاديمية» ستظل أكثر تعميما والتباسا، لأنها متحولة، وحتى في حال ثبات تدريس مادة معينة: نقد قديم، فإن الالتباس يظل قائما.
يظهر لنا هذا الالتباس أكثر في الندوات التي تقام داخل أقسام اللغة العربية، أو المؤتمرات الأدبية بصفة عامة، حيث نجد الصفة التي يشترك فيها كل المحاضرين هي: «ناقد أدبي»، وكل ما ينجز من دراسات حول الأدب يندرج في نطاق «النقد الأدبي» حتى إن كان صاحبه يقول إنه يشتغل ب»النقد الثقافي»؟ وعندما تساءلت في أحد المؤتمرات عن معنى أن تكون «ناقدا أدبيا»؟ كان السؤال مستفزا كما لاحظ أحد الحضور، ويتطلب تدقيقا وتوضيحا.
تغييب الهوية الأكاديمية بين المشتغلين بالأدب في الوطن العربي، لا يعني سوى تغييب تدقيق «الفعل الأكاديمي» المشتغل به وتعميمه بالصورة التي لا تجعل التمييز ممكنا بين هؤلاء المشتغلين. تتصل «الهوية» ب»فاعل محدد»، يضطلع ب»فعل محدد». وبذلك يحصل التمايز، وتتعدد الأفعال والهويات. أما اعتبارنا كل المشتغلين بالأدب مشتركي الهوية الأكاديمية فمعنى ذلك ضياع الدقة، وسيادة التعميم. وعندما لا تتحدد هويتي بدقة، فليس لذلك من معنى غير عدم الوعي ب»الفعل الأكاديمي» الذي أقوم به، من جهة، وعدم اختلافي عن بقية زملائي من جهة ثانية.
تتصل الهوية الأكاديمية ب»الاختصاص العلمي» المشتغل به، والمشروع الذي يسعى صاحب الاختصاص إلى البحث فيه. وبذلك يكتسب الباحث صفته «العلمية»، وإلا فلا معنى لصيغة « الأستاذ الباحث». يمكننا أن نتحدث عن الأستاذ الذي يدرس إحدى المواد الموكلة إليه، وحتى هذا الأستاذ حين يدرس مواده المختلفة بدون «منهج» محدد فمعنى ذلك أنه بلا «اختصاص»، حتى إن زعم أنه مختص في الأدب الأندلسي، أو النقد الحديث، إنه يدرس مواده بجمع المعلومات وتلفيقها وتقديمها على أنها أساس عمله الوظيفي، الأكاديمي، وتقديم المعلومات وتنسيقها، أو حتى تجاوز ذلك إلى تأويلها عن طريق الاختلاف مع من اشتغل بها قبله، لا يعني أنه أستاذ باحث. إن الأستاذ الباحث له اختصاص ومنهج ورؤية معرفية للأدب، وهو لا يهتم بالمعلومات بقدر انشغاله بنقلها أو تحويلها إلى معرفة. وبذلك يمكنه أن يسهم في تطوير المعرفة الأدبية وجعل الفكر الأدبي جزءا من الإنسانيات لأنه يتفاعل معها، ويسهم في تطوير الفكر والمعرفة، ولا يتأتى ذلك إلا بانتهاج أساليب البحث العلمي.
ما نزال في شعب اللغة العربية وآدابها لا نؤمن ب»البحث العلمي» في دراسة الأدب. ولا نتحدث عن «علوم أدبية». عندما نفعل ذلك، نكون فعلا أمام إمكانية تحديد الهوية الأكاديمية بدقة، وبدون التباس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.