حققت البطولة الجماعية نجاحاً منقطع النظير في الدراما المصرية خلال العامين الماضيين ، حيث لم تعد "البطولة المطلقة" هي الهم الأكبر للفنانين بقدر الحصول على دور مؤثر في العمل الفني، وبات المنتجون والمؤلفون يتجهون أكثر إلى إنتاج مثل هذه الأعمال كما أسهمت في ظهور جيل جديد من النجوم. أما السينما فقد تباينت في استخدام هذا الشعار ففي العام 1998 قلب نجوم فيلم "إسماعلية رايح جاي" الأربعة الطاولة على البطل المطلق وقلبوا موازين السينما المصرية وأطلق نجاح الفيلم ظاهرة "البطولة الجماعية " من عقال "النجم الأوحد". لكن هذه السيطرة لم تدم طويلاً إذ سرعان ما عاد البطل المطلق إلى المشهد مرة أخرى، وسيطر نجوم بعينهم على مشهد الدراما الرمضانية. لكن كثير من النقاد عبروا عن اعتقادهم بأن البطولة الجماعية ستفرض إيقاعها خلال الفترة القادمة بعد النجاح الكبير الذي حققه فيلم "ساعة ونص" ومسلسلات "طرف تالت" و"الزوجة الرابعة" و"الإخوة الأعداء"، بالإضافة إلى تخلي كبار النجوم عن الظهور في البطولة المطلقة مثل عادل إمام في فيلم "زهايمر" ومسلسل "ناجي عطا لله"، واستعانته بعدد من النجوم الشباب. كما شرعت الفنانة "إلهام شاهين" في تقديم أكثر من عمل جماعي خلال الفترة القادمة من خلال فيلمي "يوم للستات" و"هز وسط البلد"، وتقديمها لفيلم"واحد صفر"، دفعاً قوياً للبطولة الجماعية. الفنانة إلهام شاهين قالت : إن "البطولة المطلقة "لا تشغلني تماماً، فلم أعد أبحث عنها قدر بحثي عن الدور الجيد الذي يضيف إلى رصيدي الفني، والذي يكون مؤثراً في العمل، وهذا ما وجدته في فيلمي "يوم للستات" و"هز وسط البلد"، وهما يملكان كل مقومات العمل الناجح، ويناقشا قضايا اجتماعية في غاية الأهمية، وكل شخصية بهما مكتوبة بشكل متميز، وأضافت هذه النوعية من الأعمال ستكون السمة الغالبة في السينما والتلفزيون في الفترة القادمة، خاصة "مع حرص المؤلفين على كتابة سيناريوهات تتضمن العديد من الخيوط والأحداث، بالإضافة للاهتمام الكبير من المنتجين وشركات الإنتاج بهذه الأفلام. أما المنتج "أحمد السبكي" فيعد من أكثر المؤيدين لاتجاه سينما ودراما البطولة الجماعية، واعتبرها مستقبل السينما والتليفزيون، لأن الجمهور أصبح أكثر وعياً ويستطيع الربط بين ما يراه على شاشة التليفزيون أو السينما والواقع. ويقول السبكي: "أفلام البطولة الجماعية لديها القدرة على التعبير عن الواقع، لذا شرعت في إنتاج مثل هذه الأفلام منذ سنوات عديدة"، وأضاف الإقبال الجماهيري الذي يحظى به هذه الأفلام كان سبباً مباشراً في إنتاج هذه النوعية بالإضافة إلى الربح المادي الذي تحققه، وهذا ما حدث في أفلام "كباريه والفرح وساعة ونصف"، والتي استطاعت أن تحدث نقلة في السينما وتلفت الأنظار إلى أفلام البطولة الجماعية، مثلما حازت إعجاب النقاد". وقال المخرج "سامح عبد العزيز" : إن نجاح هذه النوعية من الأفلام هو نجاح للمخرج أكثر من الأبطال حيث تحمل داخلها صعوبة كبيرة، لأن المخرج مضطر للتعامل مع عدد كبير من الفنانين، وشخصيات وأدوار مختلفة، مقارنة بتعامله مع بطل واحد، وأوضح "عبد العزيز" أن البطولة الجماعية ظاهرة إيجابية لأنها تصب في مصلحة الجميع، بداية من المنتج الذي يستفيد من الإيرادات الضخمة التي يجمعها، مروراً بالفنان والذي رغم صغر مساحة الدور الذي يقدمه إلا أنه غالباً ما يكون دور مؤثر ويضيف إلى رصيده الفني ويفتح له أبواب أخرى، وهذا لا يبعد أيضاً الفائدة التي تعود على المشاهد والذي يجد في هذه الأفلام انعكاس للواقع الذي يعيشه بالإضافة إلى المتعة الذي يجدها من خلال رؤية أكثر من نجم خلال عمل واحد. وعن تخلي الفنانين عن حلم البطولة المطلقة والمشاركة في أعمال تنتمي إلى نوعية البطولة الجماعية، أكدت "سمية الخشاب" أن مشاركتها في فيلم "ساعة ونصف" أسعدها كثيراً رغم أن دورها لم يتعدى ستة مشاهد، أوضحت "سمية" أن مشاركتها في البطولة الجماعية أضاف لها الكثير على المستوى المهني حيث تتيح هذه الأفلام فرصة للفنان ليلتقي بأجيال مختلفة وهو ما يفيده في مشواره الفني كثيراً ، وأشارت إلى أن الفنان يحاول دائما أن يقدم أفضل ما عنده خاصة ويخرج أفضل ما لديه في ظل المنافسة الكبيرة مع عدد كبير من الفنانين، ومن هنا تأتي قوة العمل والتي هي في الأساس من قوة أبطاله، حيث تظهر الفنان في أفضل حالاته لأنها تستفزه ليقدم دور جيد وهو ما يصل للجمهور عند مشاهدته للعمل ولذلك تحقق هذه الأفلام نجاحاً جماهيرياً كبيراً . وفي هذا الصدد يقول الناقد السينمائي، طارق الشناوي، إن البطولات الجماعية أصبحت أكثر ضماناً بالنسبة للمنتج، فكثرة النجوم في المسلسل ضمنت شيئين أولهما سيناريو جيد، والثاني الاستفادة من أكثر من وجه أو نجم صاعد، وبخاصة عندما يكون هؤلاء الصاعدون معروفين ولديهم تاريخ فني، مشيرًا إلى أن النجومية عادة ما تولد من رحم البطولات الجماعية، معتبرًا أن هذا الأمر بداية جديدة لمرحله فنية قادمة، يستفيد منها المنتجون والممثلون والمشاهدون.